تضغط إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والبنك الاحتياطي الفيدرالي على المشرِّعين الأمريكيين لتيسير انتقال تعاملات "وول ستريت" بعيداً عن معيار "ليبور" للفائدة المستخدم في التعامل بين البنوك في لندن، والمساعدة في تجنُّب المشاكل القانونية للعديد من العقود التي قد لا يتمُّ التعامل معها بالشكل المناسب في ظلِّ استمرار التشريعات الحالية.
وفي جلسة عقدت أمس الخميس أمام اللجنة الفرعية للخدمات المالية بمجلس النواب، عبَّر مسؤولون من وزارة الخزانة والاحتياطي الفيدرالي عن دعمهم للتشريعات الفيدرالية التي من شأنها السماح بتحويل المنتجات المالية الحالية بطريقة منظَّمة من مرجعية الـ"ليبور" التي تمَّ إلغاؤها، إذ تدعم تلك المرجعية حالياً تعاملات في الأوراق المالية، والمشتقات، والعقود الأخرى تصل قيمتها إلى تريليونات الدولارات.
وبرغم انشغال البنوك والهيئات التنظيمية بالترتيبات الخاصة بالعديد من الأسواق والمنتجات الرئيسية المرتبطة الـ"ليبور"، إلا أنَّ هناك قانوناً تمَّ إقراره حديثاً في ولاية نيويورك يوفِّر دعامة إضافية لبعض الاتفاقيات في الوقت الذي لا تزال مجموعة كبيرة من العقود معرَّضة للخطر، وهنا يأتي دور الكونغرس.
إطار موحد
وقال مارك فان دير ويدي المستشار العام لمجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، في شهادة مكتوبة تمَّ الاطلاع عليها قبل جلسة الاستماع: "سيضع التشريع الفيدرالي إطاراً واضحاً وموحَّداً، على أساس وطني، لاستبدال الـ"ليبور" في العقود القديمة التي لا تنص على معيار احتياطي بديل".
ومن المتوقَّع أن يؤدي التخلُّص التدريجي من المعيار القياسي المستخدم على نطاق واسع بحلول منتصف 2023 إلى آثار كبيرة على الأسواق المالية، بالنظر إلى تداخله في عقود تشمل كل شيء بدءاً من المشتقات المالية في "وول ستريت" وصولاً إلى بطاقات الائتمان الاستهلاكية.
ودعا كلٌّ من رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، ووزيرة الخزانة جانيت يلين في السابق إلى سنِّ تشريع أمريكي يمنع العقود من الانغماس في التعاملات التي تعتمد على الـ"ليبور" في ظلِّ حالة عدم اليقين القانوني، أو تعرُّض تلك المعاملات لموجات من التقاضي المكلف المحتمل بمجرد اختفاء المؤشر.
وكتب "تارا باين"، و"بريت واكسمان" من معهد السياسة البنكية في مدونة يوم الإثنين الماضي قبل جلسة الاستماع: "تحتاج الأسواق إلى تعليمات واضحة".
شراء الوقت
يصل إجمالي المعاملات المتداخلة بين مؤشري الدولار والـ"ليبور" نحو 223 تريليون دولار بنهاية عام 2020، وفقاً لوثائق صدرت قبل جلسة الاستماع. وتمَّ الربط بين تلك المؤشرات وخطة التخلُّص منها تدريجياً في نهاية هذا العام، لكنَّ شركة "آي سي إي" (ICE) المتخصصة في إدارة المؤشرات أو المعايير المنظمة تخطط لمواصلة نشر معظمها لإعطاء مزيد من الوقت للبنوك للتحول.
لكن مع هذا التمديد على مدار العامين المقبلين لن تحل مشكلة العقود التي
لا يمكن تحويلها بسهولة إلى معيار بديل، وستظل سارية في ظلِّ التشريعات الحالية.
وفي حين سنَّت نيويورك قانوناً من شأنه أن يسمح لمثل هذه العقود بالتحول إلى معايير جديدة بحسب ما أوصى به المنظِّمون. وقال المحللون، إنَّ التشريع الفيدرالي لا يزال مطلوباً لبعض المعاملات بما في ذلك بطاقات الائتمان، والرهون العقارية، وقروض الأعمال الصغيرة التي تغطيها قوانين الولاية المختلفة. وقال جون ليبرا، المحامي في شركة التقاضي بالأوراق المالية "كورين تيليري" (Korein Tillery): "تشريع نيويورك لا يوفِّر حلاً شاملاً..لا يزال هناك عدد كبير من الصفقات المعلَّقة التي لها أحكام قانونية مختلفة".
عواقب الفشل
في الوقت نفسه تقول وزارة الخزانة بحسب شهادة بريان سميث، نائب مساعد وزير المالية: "التشريع الفيدرالي يمكن أن يضمن وجود سلطة كافية لمعالجة العواقب الضريبية للتحول عن الـ"ليبور"، وكذلك لتعديل بند متعلِّق بقروض الطلاب الفيدرالية".
يسعى بعض الذين في القطاع المالي للحصول على مساعدة وإعانة من قانون "عقد الثقة" (Trust Indenture Act)، وهو قانون لحماية المستثمر. ويتطلَّب ذلك موافقة بالإجماع على أيِّ تغييرات يمكن أن تغطي سعر الفائدة على اتفاقيات الأوراق المالية.
وفي حال فشل الكونغرس في تمرير تشريع، سيؤدي ذلك إلى المزيد من عدم اليقين والتعقيد بشأن انتقال العقود القائمة بالفعل، وهو ما يمكن تشبيهه بـ"Y2K"، وهو خلل الكمبيوتر الذي قدَّم في مطلع القرن تحديات تشغيلية كبيرة لـ"وول ستريت". وحتى لو ثبت في النهاية خلوه من تداعيات ضارة، قد يؤدي عدم وجود قانون اتحادي جديد إلى زيادة حجم التقاضي، إذ يلجأ المشاركون في السوق إلى المحاكم لتحديد المعدَّلات البديلة لاستخدام الـ"ليبور" في العقود القائمة.
ويعتقد جون ليبرا، المحامي في شركة التقاضي بالأوراق المالية "كورين تيليري" أنَّ "تشريعات الملاذ الآمن المحتملة من المرجَّح أن تقلل من مقدار التقاضي في المستقبل"، و"من شأن التشريع الجديد أن يمنح أصحاب المصالح الراحة والثقة".