يعيش المضاربون الذين راهنوا بطريقة كبيرة على تراجع الدولار الأميركي خيبة أمل - على الأقل حالياً - إذ بقيت العملة الخضراء صامدة رغم خفض الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لسعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية.
رغم أن مؤشر "بلومبرغ" للدولار الفوري أنهى الأسبوع الثالث من الخسائر، إلا أنه لم يتغير كثيراً منذ إعلان "الفيدرالي" عن التخفيض يوم الأربعاء الماضي. في الأيام التي سبقت اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، كانت صناديق التحوط ومديرو الأصول والمضاربون الآخرون في عقود المضاربة المستقبلية يملكون نحو 9.3 مليار دولار من الرهانات على هبوط الدولار الأميركي، وفق أحدث بيانات لجنة تداول العقود المستقبلية للسلع حتى 17 سبتمبر الجاري، بانخفاض قدره 5.5 مليار دولار عن الأسبوع السابق، لكنه لا يزال مرتفعاً. عادة ما تؤدي أسعار الفائدة المنخفضة إلى الضغط على عملة البلد، ما يدفع المضاربين لزيادة الرهانات على تراجع الدولار الأميركي.
بيع الدولار الأميركي
كان بيع الدولار محدوداً منذ أن خفض الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض بعد أن ثبتها على مدى أكثر من سنة، وربما يكون ذلك لأن توقعات البنك المركزي تشير إلى مسار أكثر تدرجاً لتيسير السياسة النقدية.
اعترف رئيس البنك جيروم باول في تصريحاته الأربعاء الماضي بأن سعر الفائدة المحايد (وهو الذي لا يؤثر على النمو الاقتصادي سلباً أو إيجاباً) أو ما يُعرف بـ( R*)، ربما يكون أعلى مما كان عليه قبل وباء كورونا، ما يفاقم ضبابية توقعات الدولار الأميركي نوعاً ما بالمقارنة مع الاقتصادات العالمية الكبرى الأخرى. ربما يساعد هذا في إبقاء الدولار قوياً، وفقاً لما كتبه كيت جاكيس، رئيس وحدة استراتيجية العملات الأجنبية في بنك "سوسيتيه جنرال" (Societe Generale) في مذكرة للعملاء أمس قبل صدور بيانات لجنة تداول العقود المستقبلية للسلع .
قال "جاكس"، الذي يقدر سعر الفائدة المحايد الاسمي في الولايات المتحدة بأقل قليلاً من 3%: "طالما أن سعر الفائدة المحايد في أوروبا وآسيا أقل كثيراً من نظيره في الولايات المتحدة، فإن رؤوس الأموال ستتجه نحو الدولار الأميركي".
انحسار جاذبية العملة الأميركية
رغم ذلك، يتوقع بعض المراقبين في السوق أن يؤدي التيسير المتوقع منذ فترة طويلة إلى الضغط على الدولار الأميركي في الأجل القصير، إذ تفقد الولايات المتحدة بعض جاذبيتها مع تراجع أسعار الفائدة عن أعلى مستوياتها خلال عقدين. وتشير أسعار عقود المقايضات إلى توقع خفض إضافي بنحو 70 نقطة أساس من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي خلال 2024.
كتب آندي غايج، نائب الرئيس الأول لحلول العملات الأجنبية وخدمات الاستشارات في شركة كيريبا (Kyriba)، قبل صدور بيانات لجنة تداول العقود المستقبلية للسلع: "شهدنا تقلبات مشابهة طوال السنة الجارية، لكن مع توقع المزيد من تخفيضات أسعار الفائدة، نتوقع تراجع الدولار الأميركي أكثر مقابل العملات الرئيسية حتى نهاية 2024".