تخطط مجموعة كريدي سويس لإجراء إصلاح شامل بوحدة خدمات صناديق التحوط بعد الضربة القاسية التي تعرضت لها من "أركيغوس كابيتال"، حيث سيجبر ما حدث لها من انهيار دراماتيكي، بعض بنوك وول ستريت على إعادة النظر في كيفية تمويلها لبعض عملائها الأكثر ربحاً.
وقال أشخاص مطلعون على الخطة إن البنك السويسري يدرس إجراء تقليصات كبيرة بذراع السمسرة الرئيسي في الأشهر المقبلة. وأضافت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها لخصوصية الأمر، أن البنك قد تحرك بالفعل لتشديد شروط التمويل مع بعض الصناديق، ساعياً لأن تسمح تلك التغييرات في الوحدة بالتخلي عن تقليصات كبيرة في أجزاء أخرى من البنك الاستثماري، الذي كان لديه نتائج ربعية ملفتة.
وتسبب انهيار مكتب عائلة رجال الأعمال بيل هوانغ، في واحدة من أكثر الضربات تكلفة لبنك كريدي سويس في تاريخه الممتد على مدار 165 عاما - هو أحد أنشطة البنوك الاستثمارية التي تسعى للأعمال المربحة عبر تغذية صناديق التحوط، والتي تقدم الإمكانات التمويلية من المصارف مكاسب ضخمة للطرفين وخسائر ضخمة في حالات الاقتراض الكبير.
وكان دويتشه بنك أحد النماذج التي باعت أعمال الوساطة المالية الخاصة بها إلى- "بي إن بي باربيا" في عام 2019 في عملية إصلاح شامل لنشاط البنك بعد التراجع الحاد الذي شهدته الأسهم.
وامتنع كريدي سويس عن التعليق على تلك المعلومات.
عائدات النشاط
وتلبي أنشطة السمسرة الرئيسية لصناديق التحوط على وجه التحديد، عمليات إقراض النقد والأوراق المالية وتنفيذ صفقاتها، وهو ما يمثل علاقة حيوية للبنوك الاستثمارية بالإضافة إلى كونها مصدراً هاماً للإيرادات.
ويعتبر كريدي سويس هو أكبر وسيط رئيسي بين البنوك الأوروبية، في عمليات استحوذت على حوالي 15 مليار دولار من الإيرادات في عام 2020. تمثل وحدته "برايم" للسمسرة نحو ثلث عائدات أنشطة الأسهم في معظم السنوات.
ومنذ الانهيار الدرامي الأخير دعا كريدي سويس العملاء لتغيير متطلبات الهامش في اتفاقيات المقاصة، بحيث تتطابق مع الشروط الأكثر تقييداً لعقود السمسرة الرئيسية الأخرى، بحسب أشخاص على دراية مباشرة بالأمر.
ووفقاً لتلك التغييرات على وجه التحديد، يتحول البنك من الهامش الثابت إلى الهامش الديناميكي المتغير، مما قد يجبر العملاء على إضافة المزيد الضمانات وهو ما يمكن أن يقلل من ربحية بعض الصفقات.
وكانت المراهنات على عقود المشتقات التي استخدمها هوانغ عالية الاستدانة على الأسهم في "أركيغوس" والتي كان مكمن الخسائر التي تعرض لها صندوق التحوط.
وأعرب كريدي سويس عن قلقه من أن تؤثر المشاكل في أعمال السمسرة الرئيسية على الروح المعنوية في أجزاء أخرى من أنشطة الأوراق المالية، وقد يؤدي ذلك إلى مغادرة العملاء، حسبما قالت المصادر التي أضافت أن البنك الاستثماري حريص على رعاية أصحاب الأداء المتميز.
وباع دويتشه بنك أعماله الرئيسية بالوساطة إلى "بي إن بي باريبا" كجزء من الإصلاح الضخم للبنك الألماني لعام 2019 والذي كان يهدف إلى تقليص أعماله المصرفية الاستثمارية، وخاصة في الأسهم.
كان دويتشه، أكثر قوة في وول ستريت بعد الأزمة المالية، وكافح للاحتفاظ بعملاء صناديق التحوط في السنوات الأخيرة، بعد سلسلة من الأخطاء، ولكن تراجعت أرصدة العملاء في الفترة التي سبقت قرار الرئيس التنفيذي كريستيان سوينغ ببيع نشاط الوساطة المالية.
تحديات أمام الرئيس الجديد
والآن، ما يحدث في كريدي سويس يجعل الرئيس التنفيذي توماس غوتشتاين - الذي أشار في حوار صحفي إلى أن البنك يخطط لتقليل المخاطر في السمسرة الرئيسية – يواجه أسئلة من المتداولين البارزين وصانعي الصفقات والمصرفيين الخاصين حول سبب تضرر البنك بقيمة 4.7 مليار دولار من ضربة أركيغوس وهو أكبر بكثير من تضرر أي من منافسيه.
وأعلن البنك عن مجموعة من التغييرات الإدارية داخل البنك الاستثماري بسبب الخسارة، بما في ذلك رحيل بريان تشين، الذي قاد العمل في هذا النشاط. وتنحى رئيس مبيعات وتداول الأسهم، بول جاليتو، على الفور، على الرغم من أنه سيبقى حتى أبريل للمساعدة في انتقال مهامه الوظيفية، وفقًا لمذكرة فريق العمل في وقت سابق من هذا الأسبوع أطلعت عليها بلومبرغ.
كما أعلن البنك عن ثلاثة إقالات إضافية وفقاً للمذكرة تضمنت رايان أتكينسون، رئيس مخاطر الائتمان في البنك الاستثماري" وإيلانا آش، رئيس إدارة مخاطر الائتمان لوحدة أعمال السمسرة ومانيش ميهتا، رئيس مخاطر صناديق التحوط.
وشهد البنك سلسلة من الأخطاء في الأشهر الأخيرة من ولاية أورس رونر كرئيس لمجلس الإدارة. حيث من المقرر أن يتولى أنطونيو هورتا أوساريو المسؤولية بعد الاجتماع العام السنوي للبنك في وقت لاحق من هذا الشهر. وهو شخص معروف بخفض التكاليف المنضبط خلال الفترة التي قضاها في "لويدز بانكنغ غروب" Lloyds Banking Group Plc، وقد يقوم أيضا بإجراء المزيد من التغييرات.
ويقع غوتشتاين، الذي تعهد بـ "صفحة نظيفة" بعد الفضائح التي حدثت في عهد سلفه، بين الموظفين الساخطين ورؤسائه الذين يتولون المسؤولية بشكل متزايد. وقالت المصادر إن مجلس الإدارة يدفع باتجاه مراجعة الاستراتيجية الأوسع للبنك، وليس فقط الوحدات التي واجهت مخاطر.