فرضت الصين غرامة قياسية قدرها 2.8 مليار دولار على مجموعة علي بابا القابضة المحدودة بتهمة استغلال هيمنتها على السوق بعد تحقيقات أجرتها الجهات التنظيمية، ضمن قيود فرضتها بكين على شركات الإنترنت العملاقة.
وتمثل الغرامة البالغة 18.2 مليار يوان (2.8 مليار دولار)، ثلاثة أضعاف تقريباً أعلى تغريم سابق فرضته السلطات في الصين على شركة كوالكم لصناعة الرقائق الأمريكية في عام 2015 بقيمة مليار دولار.
وتمثل الغرامة على الشركة الصينية 4% من عائداتها المحلية لعام 2019، وفقًا لهيئة مراقبة مكافحة الاحتكار في الصين.
وقالت الهيئة في بيان اليوم السبت إن الشركة ستضطر أيضاً إلى الشروع في "تصحيحات شاملة" من حماية التجار والعملاء عبر تعزيز الضوابط الداخلية.
وتساعد الغرامة التي تمثل حوالي 12% من صافي دخل علي بابا للسنة المالية 2020 - على إزالة بعض من حالة عدم اليقين المعلقة على ثاني أكبر شركة في الصين.
ولكن بكين لا تزال عازمة على كبح جماح عمالقة الإنترنت والتكنولوجيا المالية، ويقال إنها تدقق في أجزاء أخرى من إمبراطورية مؤسسها الملياردير جاك ما، بما في ذلك شركات إقراض المستهلكين التابعة لشركة "آنت غروب" واستثمارات "علي بابا" الإعلامية الواسعة.
اصطياد عصفورين بحجر واحد
واستندت الهيئة الصينية في تحقيقها على أن "علي بابا" استخدمت قواعد منصتها وأساليبها التقنية مثل البيانات والخوارزميات للحفاظ على قوتها السوقية وتعزيزها والحصول على ميزة تنافسية غير مناسبة. ومن المرجح أن تضطر الشركة إلى تغيير مجموعة من الممارسات، مثل حصرية التجار، والتي يرى منتقدوها أنها ساعدتها في أن تصبح أكبر كيان للتجارة الإلكترونية في الصين.
وقالت أنجيلا تشانغ، مؤلفة كتاب "استثنائية مكافحة الاحتكار الصينية" ومديرة مركز القانون الصيني بجامعة هونغ كونغ: "إن الغرامة الكبيرة تضع المنظم في دائرة الضوء الإعلامي وترسل إشارة قوية إلى قطاع التكنولوجيا بأن مثل هذه الأنواع من السلوك الإقصائي لن يتم التسامح معها بعد الآن"، "فهو يصطاد عصفورين بحجر واحد".
ووفقا للبيان، فإن ممارسة علي بابا المتمثلة في فرض "الاختيار من بين اثنين" على التجار "تغلق وتحد من المنافسة" في سوق التجزئة المحلي عبر الإنترنت.
ويرسل الإجراء الحكومي تحذيرا واضحا إلى قطاع التكنولوجيا حيث تقوم الحكومة بفحص التأثير الذي تمارسه شركات مثل "علي بابا" وعملاق وسائل التواصل الاجتماعي "تينسنت هولدنغ" على مجالات عملها بدءً من بيانات المستهلك إلى عمليات الدمج والاستحواذ.
الحد من قوة "علي بابا"
وكان التحقيق في قضية علي بابا أحد الأفكار الأولية لحملة يبدو أنها تسعى للحد من قوة قادة الإنترنت في الصين ومؤسسيهم المليارديرات حيث تعرضت الشركة لضغوط متزايدة من السلطات منذ أن تحدث جاك ما ضد نهج الصين التنظيمي للقطاع المالي في أكتوبر. وأدت هذه التصريحات لمالك علي بابا إلى هجوم تنظيمي غير مسبوق، بما في ذلك إفشال الاكتتاب العام الأولي لشركة "آنت غروب" بقيمة 35 مليار دولار.
وقالت علي بابا إنها ستعقد مؤتمرا هاتفيا صباح الاثنين بتوقيت هونغ كونغ للرد على الأسئلة العالقة حول قرار هيئة مكافحة الاحتكار.
وقال محللا بلومبيرغ إنتليجنس في سيرن لينج وتيفاني تام: "قد ترفع غرامة الصين القياسية على علي بابا العبء التنظيمي الذي أثر على الشركة منذ بدء تحقيق مكافحة الاحتكار في أواخر ديسمبر"، واصفين الغرامة بأنها سعر بسيط مقابل التخلص من حالة عدم اليقين هذه".
موقف الشركة
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هيئة الرقابة أو الوكالات الأخرى قد تطالب بمزيد من الإجراءات رغم فرض الغرامة. فهناك قلق من المنظمين على سبيل المثال بشأن قدرة علي بابا على التأثير في الخطاب العام ويريدون من الشركة بيع بعض أصولها الإعلامية، بما في ذلك صحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست، وهي صحيفة تصدر باللغة الإنجليزية في هونغ كونغ.
وقالت الهيئة التنظيمية إن الشركة التي تتخذ من هانغتشو مقراً لها ستُطالب بتنفيذ "تصحيحات شاملة"، بما في ذلك تعزيز الضوابط الداخلية، ودعم المنافسة العادلة، وحماية الشركات على منصتها وحقوق المستهلكين. وستحتاج إلى تقديم تقارير عن التنظيم الذاتي إلى الهيئة لمدة ثلاث سنوات متتالية.
وقالت الشركة في بيان يوم السبت "علي بابا تقبل العقوبة باحترام وستضمن امتثالها بحزم" وأضافت "إن علي بابا ستعمل وفقًا للقانون بأقصى قدر من الحرص، لخدمة مسؤوليتها تجاه المجتمع، وستواصل تعزيز أنظمة الامتثال لديها والبناء على النمو من خلال الابتكار".
التحديات القادمة
وقال الرئيس التنفيذي دانييل تشانغ في مذكرة للموظفين يوم السبت إن علي بابا كانت تفكر دائما وتتكيف عندما تواجه تحديات. ودعا إلى الوحدة بين الموظفين، قائلاً إنه يتعين على الشركة "إجراء تعديلات ذاتية والبدء من جديد".
وقالت صحيفة بيبولز ديلي التي يديرها الحزب الشيوعي في تعليق يوم السبت إن العقوبة تشمل إجراءات محددة لمكافحة الاحتكار تتخذها السلطات التنظيمية "لمنع التوسع غير المنضبط لرأس المال".
وقالت الصحيفة: "هذا لا يعني إنكار الدور المهم لاقتصاد المنصات في التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، ولا يشير إلى تحول في الموقف فيما يتعلق بدعم الدولة لاقتصاد منصة التجارة الإلكترونية". وأضافت الصحيفة قائلة: "اللوائح تأتي من أجل تطوير أفضل، و" كبح الجماح "هو أيضاً نوع من الحب".