بدأ اهتمام أتيشانان بولغز بالعملات المشفرة لأول منذ عشر سنوات، حينما كان يدرس الهندسة في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة. وذلك عندما كان تعدين الـ"بتكوين" وسيلة للشباب التايلاندي للتعرف على الأسواق، ودفع الإيجار في آن واحد.
وفي الوقت الحالي، عاد أتيشانان بولغز إلى تايلاند بعد فترة عمل قضاها في بنك "غولدمان ساكس"، ليصبح مؤسساً مشاركاً لأكبر بورصة عملات رقمية مرخصة في البلاد. كما يتصدَّر المشاركون في نقاش محتدم حول الشروط التي يجب وضعها على الراغبين بشراء الأصول الرقمية في ثاني أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا.
وكان ارتفاع بنحو ستة أضعاف في نسبة تداول العملات الرقمية، قد أثار قلق لجنة الأوراق المالية والبورصات في تايلاند. وصرَّحت اللجنة، في الأول من أبريل الحالي أنَّها ستشترط قريباً على المتداولين أن يكون لديهم خبرة، أو أن يكونوا قد حصلوا على دورات تدريبية أو اجتازوا اختبارات معينة. ولم تضع الجهة التنظيمية موعداً نهائياً لتطبيق تلك الشروط، كما فضَّلت عدم منع البورصات المحلية من قبول العملاء الذين لم يستوفوا الحد الأدنى من مستويات الدَّخل، وهي فكرة لا تزال قيد الدراسة.
القيود والاتجاه للخارج
ويجادل مؤيدو الأصول الرقمية، بما في ذلك أتيشانان، بأنَّ وضع الكثير من القيود من شأنه دفع التايلانديين إلى التداول عبر بورصات خارجية غير خاضعة للتنظيم.
ويقول أتيشانان، 33 عاماً، الذي شارك في تأسيس بورصة "بيتكوب" (Bitkub) في عام 2018: "تدرك لجنة الأوراق المالية والبورصات أنَّه لا يمكن لأيِّ قيود أن تعكس الاتجاه إلى التداول عبر البورصات الرقمية". وتابع، إنَّ "بيتكوب" تسيطر على نحو 90% من تداول العملات الرقمية في البلاد، وهي تخدم 300 ألف عميل، وهذه أرقام لم تتمكَّن "بلومبرغ" من التحقق منها بشكل مستقل.
وفي حين لايزال حجم التداول في بورصات العملات المشفرة التايلاندية صغيراً مقارنة بنظيراتها في دول مثل الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، إلا أنَّه ازداد خلال الأشهر الأخيرة بالتزامن مع قفز أسعار الأصول الرقمية، بما في ذلك الـ"بتكوين"، التي قفزت إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق.
وقفز إجمالي حجم التداول في جميع بورصات العملات المشفرة المحلية المرخَّصة من 18 مليار بات تايلاندي، في نوفمبر الماضي إلى 124 مليار بات تايلاندي (3.96 مليار دولار) في فبراير، وفقاً لبيانات لجنة الأوراق المالية والبورصات في تايلاند، التي تشمل البيانات من نوفمبر الماضي فقط.
وتعكس مبيعات "بيتكوب" اليومية البالغة 4.2 مليار بات تايلاندي في فبراير، زيادة بنسبة 40% تقريباً عن الشهر السابق، وفقاً لإحصاءات الشركة.
ووفقاً لحجم التداول بها على مدار 24 ساعة في 30 مارس، احتلت البورصة التايلاندية للعملات المشفرة المرتبة 124 من بين أكثر من 300 بورصة في جميع أنحاء العالم، تتبعها منصة "كوين ماركت كاب".
عقبات تعرقل الانتعاش
وكما هو الحال في الأسواق الأخرى التي شهدت ارتفاعاً في المضاربة أثناء الوباء، فقد ارتفع نشاط العملات الرقمية في تايلاند إلى حدٍّ كبير بفضل ارتفاع الطلب من المستثمرين الشباب. كذلك تخلَّل انتعاش منصات التداول المحلية، بما فيها "بيتكوب"، بعض العقبات.
وقد استدعى ذلك تدقيق لجنة الأوراق المالية والبورصات التايلاندية، فقد طلبت الهيئة التنظيمية من "بيتكوب"، في يناير الماضي، تقديم خطة لمعالجة شكاوى المستثمرين بشأن "مشاكل أنظمة العمل" التي تسبَّبت في انقطاع التداول. وبعد شهر من ذلك، قالت الجهة التنظيمية، إنَّها تدرس قيود الأهلية لعملاء بورصات العملات الرقمية التي تشمل حدَّاً أدنى للدَّخل يزيد عن مليون بات تايلاندي. وقرَّرت لجنة الأوراق المالية والبورصات في اجتماعها في 1 أبريل الحالي، عدم فرض متطلَّبات على الدَّخل، أو التعليم، أو برامج المعرفة.
وقد صرَّح روينفادي سووانمونكول، الأمين العام للجنة الأوراق المالية والبورصات، خلال مقابلة، أنَّ "المشاركين في تداول العملات المشفرة، بما في ذلك مشغلي المنصات والمستثمرين، هم في الغالب من الشباب والمتحمِّسين للتكنولوجيا الجديدة واللامركزية. ويجب أن يدركوا أنَّ أيَّ ابتكار مالي يتمتَّع أيضاً بالقدرة على التسبُّب في أضرار لعامة الجمهور، والنظام المالي".
صعوبة تطبيق الضوابط
ومن جانبها، تخلَّت لجنة الأوراق المالية والبورصات عن متطلَّبات الدَّخل، بعد جمع آراء المشاركين في السوق حول الأمر، ويقول بومسيري دومرونجفوت، الذي يعلِّم التكنولوجيا المالية في جامعة "شولالونغكورن" في بانكوك: "إنَّ الطبيعة اللامركزية وغير المحدودة لتداول العملات الرقمية تصعِّب تطبيق مثل هذه الضوابط".
وقدَّمت "بيتكوب" حجة مماثلة ضمن ملاحظاتها للمنظمين، مشيرة أيضاً إلى أنَّ القيود الأكثر صرامة يمكن أن تعرقل تطوير تقنيات الـ"بلوك تشين" المحلية.
وبحسب أتيشانان، فإنَّه على الرغم من المخاطر التنظيمية، تستعد "بيتكوب" لتوسع كبير، إذ تخطِّط الشركة لمضاعفة عدد موظفيها إلى 500 موظف مع حلول نهاية العام، وتقديم بطاقة الخصم الخاصة بها للعملاء. كذلك تخطِّط الشركة لافتتاح مقر فعلي لسوق تداول العملات المشفرة في بانكوك لجذب الوافدين الجدد، واستخدامه كمقرِّ اجتماع للمشاركين الحاليين.
وعلى المدى الطويل، تطمح "بيتكوب" لتصبح إحدى شركات الـ"يونيكورن"، مما يعني تجاوز تقييم رأسمالها مليار دولار.
وقال أتيشانان أخيراً، إنَّ بورصة "بيتكوب" جمعت ما يعادل 11 مليون دولار من المستثمرين، خلال ثلاث جولات استثمارية منذ إنشائها في 2018، ومع ذلك رفض أتيشانان التعليق على التقييم الحالي للشركة.