استمرت مؤشرات الأسهم الأميركية في الارتفاع، مما أضاف إلى مسيرة الصعود التي تجاوزت قيمتها بالفعل 3 تريليونات دولار من أدنى مستوياتها في أغسطس، وسط رهانات على أن الاحتياطي الفيدرالي سيشير إلى أنه مستعد لبدء خفض أسعار الفائدة.
صعدت جميع المجموعات الرئيسية في "إس آند بي 500"، مع ارتفاع المؤشر لليوم الثامن على التوالي، وهي أطول سلسلة مكاسب في عام 2024.
وفي حين قادت أسهم التكنولوجيا المكاسب يوم الإثنين، فإن نسخة متساوية الوزن من المؤشر تمنح شركة "تارغت" نفس القدر من النفوذ مثل "مايكروسوفت"، وصلت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، وسط آمال في أن يتسع الصعود إلى ما هو أبعد من الشركات العملاقة. أضاف مؤشر "راسل 2000" للشركات الصغيرة 1.2%.
حماس متواصل للأسهم
لم تؤد المرحلة الصعبة التي واجهها المستثمرون في شهري يوليو وأغسطس إلى تقليص حماسهم للأسهم، حيث لا تزال المخصصات قوية، على الرغم من نوبة التقلبات الأخيرة.
يعد زخم المتداولين وزيادة إعادة شراء الأسهم بدفع ارتفاع المؤشرات الأميركية خلال الأسابيع الأربعة المقبلة، وفقاً لمكتب التداول التابع لشركة "غولدمان ساكس".
وكتب سكوت روبنر من "غولدمان ساكس" في مذكرة، إن "ألم تجارة الأسهم أعلى"، كما أن المعيار لكي تكون مراهناً على الصعود في بيئة مواتية، "مرتفع".
كان حجم الأسهم يتجه نحو الانخفاض منذ ارتفاع التداول خلال عمليات البيع في أوائل أغسطس، حيث ينتظر المتداولون ندوة "جاكسون هول" الاقتصادية التي يعقدها بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع، وأرباح شركة "إنفيديا" في 28 أغسطس. وتم تداول حوالي 10 مليارات سهم في البورصات يوم الإثنين، وهو أقل بـ14% من متوسط شهر واحد.
نقطة محورية
مع اقتراب الاحتياطي الفيدرالي من نقطة محورية حاسمة، من الصعب المبالغة في تقدير مدى الاهتمام الذي ستوليه الأسواق للاجتماع.
في البداية، ستبحث عن تأكيد من جيروم باول بأن أسعار الفائدة ستنخفض في سبتمبر. ولكن المزيد من الدراما يحيط بما يحدث بعد ذلك، ووتيرة التخفيضات الإضافية على مدى الأشهر العديدة المقبلة، في حين يواجه بنك الاحتياطي الفيدرالي المخاطر المزدوجة التي تهدد كلّ من التضخم وتشغيل العمالة.
من غير المرجح أن "يتفوق" الاحتياطي الفيدرالي على السوق، ولكن طالما أن النمو "جيد"، يمكن للأسهم أن تصمد أمام بنك مركزي أقل تشاؤماً، وفقاً لأوسونج كوون من "بنك أوف أميركا".
وقال كوون: "الأسهم تحتاج فقط إلى إشارة إلى أن النمو سيتم دعمه"، مضيفاً: "في حين أن وجهة نظرنا هي أن المخاطرة في الاتجاه الصعودي، فإننا لا نعتقد أن جاكسون هول سيحفز تحركات الأسهم الكبيرة التي قام بها في الماضي، عندما استخدمه بنك الاحتياطي الفيدرالي كمنتدى لإبلاغ قرارات السياسة القادمة".
انخفضت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات نقطة أساس واحدة إلى 3.87%. وسجل الدولار أدنى مستوياته منذ مارس. أسعار النفط هبطت نحو 3%، في حين قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل اقتراح وقف إطلاق النار لوقف الحرب في غزة، والخطوة التالية هي أن توافق "حماس".
ما مقدار تخفيض سبتمبر؟
يرى نيل دوتا من "رينيسانس ماكرو ريسيرش"، أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيخفض أسعار الفائدة في سبتمبر، والسؤال الوحيد هو ما مقدار التخفيض.
وقال دوتا: "لا أعتقد أن باول سيعطي الضوء الأخضر لتحرك كبير، لكنه لن ينسف الفكرة بالكامل أيضاً"، مضيفاً: "من المرجح أن يعترف باول بأن ميزان المخاطر قد تغير بشكل كبير، منذ ملخص التوقعات الاقتصادية في يونيو. إن إزالة الاختيارية في مثل هذه الحالة ليس من الحكمة".
وقال دوتا: "لذلك، في هذا الصدد، أعتقد أن باول الأسطوري الذي يؤثر على الأسهم سيعود هذا الأسبوع".
في المحصلة، يشير دوتا إلى أن سوق الأسهم تبدو "متحمسة بعض الشيء" مقارنة بنبرة المعلومات الاقتصادية الواردة. وخلص إلى أنه بالنظر إلى المستقبل، هناك سبب وجيه لافتراض تباطؤ وتيرة إنفاق المستهلكين.
جدار من القلق
قال كريغ جونسون، من شركة "بايبر ساندلر" (Piper Sandler): "لقد تسلق المستثمرون جداراً من القلق، حيث اكتسب ارتفاع سوق الأسهم زخماً"، مضيفاً: "من المرجح أن تتماسك الأسهم قبل تعليق بنك الاحتياطي الفيدرالي في جاكسون هول هذا الأسبوع".
عادت مراكز الأسهم إلى زيادة معتدلة في الوزن، بعد أسبوع من الانزلاق إلى نقص الوزن، وفقاً لاستراتيجيين في "دوتشيه بنك" من بينهم بينكي شادها وباراغ ثات، الذين أشاروا إلى أن التعرض لا يزال أقل بكثير من أعلى مستوياته في منتصف يوليو عند قمة النطاق التاريخي.
أدت البيانات الاقتصادية الأخيرة وقراءات الأرباح، إلى إعادة تنشيط الثقة بين متداولي "جيه بي مورغان تشيس" بأن الأسهم الأميركية يمكن أن ترتفع حتى نهاية العام.
وكتب الفريق بقيادة أندرو تايلر: "على الرغم من أن الاتجاه الصعودي يبدو أكثر هدوءاً مما كان عليه عندما اعتمدنا هذا الموقف في وقت سابق من العام، إلا أنه لا يزال هناك اتجاه صعودي جوهري".
من المرجح أن يتم تحديد مسار الأسهم من خلال إيقاع بيانات الاقتصاد الكلي من أسبوع لآخر وصولاً إلى تقرير الوظائف الرئيسية لشهر أغسطس، المقرر صدوره في الأسبوع الأول من سبتمبر، وفقاً لاستراتيجيين "مورغان ستانلي" بقيادة مايكل ويلسون.
وكتبوا: "الاختبار الحقيقي للسوق سيكون تقرير الوظائف لشهر أغسطس"، وأضافوا: "سيوفر تقرير الوظائف القوي الذي يعكس ضعف شهر يوليو، الثقة في أن مخاطر النمو قد هدأت في الوقت الحالي. ومن المرجح أن يؤدي تقرير ضعيف آخر إلى عودة المخاوف بشأن النمو إلى الظهور".
وفي حين أننا لا نزال صعوديين بشكل عام، إلا أننا لا نرى خطاً مستقيماً في السوق، حيث يتباطأ الاقتصاد ومن المحتمل أن يكون هناك مزيج من نقاط البيانات الاقتصادية المتضاربة خلال الأشهر المقبلة، والتي من المقرر أن تواصل إشعال الجدل حول الركود، وفق غريغ ماركوس من "يو بي إس برايفت ويلث مانجمنت" (UBS Private Wealth Management).
يعتقد ماركوس أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يسير على الطريق الصحيح لخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في سبتمبر، ما لم تحدث صدمة كبيرة في الاتجاه الهبوطي بين الحين والآخر.
وقال: "يجب على المستثمرين الاحتفاظ بالنقد لمدة أطول استعداداً لخفض أسعار الفائدة، مضيفاً أنه "من المهم التنويع داخل الأسهم الأميركية، والاستعداد للتوسع في السوق، حيث نعتقد أن هذا التوسع من المرجح أن يشمل الأسهم ذات القيمة والشركات الصغيرة".
أسهم القيمة والنمو
في دورات خفض أسعار الفائدة السابقة، تتمتع أسهم النمو بمعدل أفضل من أسهم القيمة في كل من الشركات الكبيرة والصغيرة، ولكن في المتوسط فإن انخفاضاتها كانت أكبر، وفقاً لاستراتيجيي "بلومبرغ إنتليجنس" جينا مارتن آدامز ومايكل كاسبر.
وعلى نحو مماثل، كانت القطاعات الدفاعية متفوقة على القطاعات الدورية. يُظهر قياس دورات خفض أسعار الفائدة من بنك الاحتياطي الفيدرالي من تاريخ التخفيض الأول إلى تاريخ التخفيض الأخير، أن أسهم الشركات الكبيرة المصنفة على أنها أسهم قيمة، سجلت انخفاضاً متوسطاً بنسبة 2.4%، في مقابل انخفاض بنسبة 24.5% أسهم النمو، وذلك على الرغم من أن الأخيرة قادت في أربع من خمس دورات خفض.
وفي مؤشر "راسل 2000"، سجلت أسهم القيمة زيادة متوسطة بنسبة 2.7%، مقابل انخفاض أسهم النمو بنسبة 21.5%، ومرة أخرى مع تقدم الأخيرة في ثلاث من خمس دورات خفض.
ومع ذلك، عبر كل دورة خفض، حققت أسهم السلع الأساسية والرعاية الصحية والاتصالات في مؤشر "إس آند بي 500" الأداء الأكثر اتساقاً، بينما عانت قطاعات الطاقة والصناعة في أغلب الأحيان. حققت الاتصالات والرعاية الصحية في مؤشر "راسل 2000" أفضل النتائج، بينما عانت العقارات والطاقة.