أدت العقوبات الأميركية الأكثر صرامة إلى الحد من تدفق اليوان إلى روسيا، ما أجبر المقرضين المحليين على اقتراض العملة بسعر أعلى من البنك المركزي.
أصبحت الصين الشريك التجاري الرئيسي لموسكو بعد عزل روسيا عن الأسواق الغربية بسبب العقوبات التي تم فرضها رداً على حربها على أوكرانيا في عام 2022. وفي خضم "الصداقة الوثيقة" بين موسكو وبكين، يتم تداول ما قيمته 240 مليار دولار من الواردات والصادرات في الوقت الحالي باليوان.
لكن هناك أدلة متزايدة على أن البنوك الصينية تخشى أن تتم معاقبتها لتمويلها آلة الحرب الروسية بشكل غير مباشر بموجب أحدث العقوبات الأميركية الموسعة التي تم الإعلان عنها في يونيو. كانت مسألة المدفوعات على رأس جدول أعمال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عندما التقى بالرئيس الصيني شي جين بينغ.
مع جفاف سيولة اليوان في روسيا، تتجه البنوك بشكل متزايد إلى مقايضة العملة مع بنك روسيا، وهي العملية التي كانت تعتبر في السابق ملاذاً أخيراً نظراً لارتفاع كلفتها. ارتفع متوسط حجم اليوان اليومي المُقترض عبر المقايضات إلى 20 مليار يوان (2.8 مليار دولار) في أغسطس، مقارنة بعشرة مليارات يوان في يونيو، وفقاً لحسابات "بلومبرغ" اعتماداً على أحدث بيانات البنك المركزي.
تقوم المؤسسات الروسية على نحو متزايد بسداد المدفوعات عبر جمهوريات "صديقة" كانت تتبع في السابق الاتحاد السوفيتي، مثل كازاخستان، كما بات بإمكان المصدّرين الاحتفاظ بجزء أكبر من عائداتهم خارج روسيا، بعد تخفيف قواعد إعادة الأموال إلى البلاد.
يستبعد "سبيربنك"، أكبر بنك في روسيا، احتمالية تحسن كبير في وضع سيولة اليوان، حسبما نقلت وكالة "إنترفاكس" الإخبارية عن تاراس سكفورتسوف، نائب الرئيس الأول ورئيس القسم المالي بالبنك، في الثامن من أغسطس.
"لم تتعاف سيولة اليوان في السوق الروسية، وهو ما يشير إلى أن البنوك الروسية تكافح من أجل إيجاد حلول بديلة يمكن الاعتماد عليها. يسعى بنك روسيا إلى سد الفجوة التي ربما خلفتها فروع البنوك الصينية الخاصة في روسيا. وقد تعني التكاليف المرتفعة للحصول على اليوان، انخفاض حجم التجارة مع الصين، المصدر الرئيسي للواردات الروسية. وفي حال انخفضت صادرات الصين إلى روسيا في النصف الثاني من العام، سواءً بشكل مباشر أو عن طريق إعادة تصديرها، فسوف تتمكن واشنطن من إعلان فوز كبير في حرب العقوبات على روسيا، كما ستصبح قدرة اليوان على أن يكون بديلاً للدولار موضع تساؤل أكبر".
أليكس إيساكوف، خبير اقتصادي روسي في بلومبرغ إيكونوميكس
مزيد من العقوبات
وسّعت الولايات المتحدة معاييرها لتحديد ما إذا كانت ستفرض عقوبات إضافية، من خلال توسيع تعريف قاعدة الصناعة العسكرية الروسية. وفي الشهر الماضي، قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان إن الولايات المتحدة تستعد لفرض عقوبات جديدة على الكيانات الصينية التي تدعم روسيا في حربها ضد أوكرانيا، ملمحاً إلى أن البنوك قد تكون في مرمى النيران.
دفع هذا التحذير العديد من المقرضين الصينيين للحذر من تحويل اليوان، وفي بعض الحالات جمدوا المعاملات لعدة أشهر، وفقاً لفلاديمير تشيرنوف، المحلل في شركة السمسرة "فريدوم فاينانس غلوبال".
ومع ارتفاع معدلات الاقتراض باليوان بين عشية وضحاها إلى ما يزيد عن 20%، رفع بنك روسيا الحد الأقصى لحجم الاستبدال باليوان ثلاثة أضعاف إلى 30 مليار يوان. وفي حين أدى ذلك إلى تهدئة تكلفة التمويل بالعملة الصينية، فإن الأسعار لا تزال أعلى بكثير مما كانت عليه قبل العقوبات التي تم فرضها في يونيو.