ترك الانهيار واسع النطاق الذي اجتاح أسواق الأسهم والسندات والعملات أمس الأول، القليل فقط من الأصول الصامدة التي لم تتأثر نسبياً.
تكشف التحركات غير المعتادة أن بعض المستثمرين يعيدون النظر في ما قد يكون أفضل الملاذات الآمنة التي يلجأون إليها، إذ يسحب المتداولون بسرعة الأموال من الأصول الشائعة التي كانت تُعد ذات يوم رهانات جيدة، على غرار أسهم شركات الرقائق الإلكترونية والأسهم في اليابان.
نستعرض في ما يلي بعض الأمثلة على ما قام المستثمرون بشرائه -أو التخلص منه- والتي ربما تكون مفاجئة.
الذهب يفقد بريقه
تعرضت السلع الأساسية لخسائر كبيرة أمس الأول، إذ انتشرت الاضطرابات التي اجتاحت أسواق الأسهم لتصل إلى المواد الخام. ربما يكون الانخفاض الذي شهدته أسعار الذهب مفاجئة بالنسبة للبعض، إذ تراجعت أسعار العقود الفورية بنسبة تصل إلى 2.3% في وقت ما من التداول، خصوصاً أن سمعة المعدن النفيس الراسخة أنه ملاذ آمن.
في الواقع، يشير التاريخ إلى أنه في أوقات الاضطرابات الشديدة، يميل الذهب إلى الضعف أيضاً، إذ يضطر بعض المضاربين إلى تغطية مطالب هامش احتياطي (للأموال المستثمرة لدى شركات إدارة الأصول) غير المتوقعة عندما تتراجع الأصول في كافة المجالات. أشار بنك "غولدمان ساكس غروب"، الذي ما زال متفائلاً بشدة إزاء مستقبل سبائك الذهب، إلى أن هذه الديناميكية ربما لعبت دوراً في جلسة تعاملات أمس الأول.
كتب محللون من بينهم دان سترايفن في مذكرة للعملاء، مع التأكيد مجدداً على سعر البنك المستهدف لارتفاع الذهب إلى مستوى قياسي عند 2700 دولار للأونصة خلال 2025، إن المعدن النفيس "يمكن أن يعاني من تأثيرات سلبية مفاجئة من انهيارات أوسع نطاقاً في السوق، إذ يصفي المستثمرون مراكز الذهب لتغطية مطالبات هامش الاحتياطي".
تحول كبير للرينغت الماليزي
في حين هبطت كافة العملات الرئيسية الحساسة للمخاطر مثل الدولار الأسترالي والبيزو المكسيكي والراند الجنوب أفريقي مقابل الدولار الأميركي، حقق الرينغت الماليزي عند نقطة ما من التعاملات، أفضل أداء يومي له منذ 2015، وتفوق على جميع نظرائه في الأسواق الناشئة أمس الأول.
يمثل هذا تحولاً كبيراً للعملة التي عانت من صعوبات وانخفضت في فبراير الماضي لأدنى مستوياتها مقابل الدولار منذ 1998. يبدو أن الرينغت حالياً يتحضر للتعافي مع تزايد التفاؤل بشأن نمو الاقتصاد في ماليزيا، إذ تجاوز الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني كل التقديرات. كما تعزز أموال الأجانب الداخلة لسوق السندات وتحسن صادرات قطاع التكنولوجيا قوة الرينغت الماليزي.
الاقتراض الصيني يمضي قدماً
تحرك العديد من المقترضين الصينيين نحو سوق سندات اليوان منخفضة التكلفة والمستقرة نسبياً لإصدار الديون، في أسبوع شهد تقلباً كبيراً في مناطق أخرى من العالم، حتى مع تراجع المقترضين الأميركيين من ذوي التصنيف الائتماني المرتفع، عن الطرح.
في سوق اليوان الخارجية اليوم، تقوم شركة "بيزهو إنداستريال إنفسمنت هولدينغ غروب" (Pizhou Industrial Investment Holding Group) وهي ذراع تمويل حكومي محلي، بتسويق سندات مقومة باليوان لأجل 3 أعوام بعائد 5%.
في الوقت نفسه، كلفت الحكومة المحلية في شنزن البنوك بتقديم سندات يوان متعددة الشرائح. تأتي هذه التحركات بعد صفقات إصدار من شركة "جيانغسو رونشين سيتي إنفستمنت غروب" (Jiangsu Runxin City Investment Group) وشركة "هوانغشي ستيت-أوند أسيتس مانجمنت" (Huangshi State-Owned Assets Management).
تدعم تكاليف التمويل المنخفضة للديون المقوم باليوان هذا القطاع. انخفضت معدلات أسعار الفائدة بين البنوك لأجل 3 شهور على اليوان الخارجي في هونغ كونغ -معروفة أيضاً بـ"سعر فائدة بين البنوك في هونغ كونغ" (Hibor)- إلى 2.06% اليوم، في أدنى مستوى خلال أكثر من 3 أعوام، وفق بيانات بلومبرغ.
صمود منغوليا
أنهى مؤشر بورصة منغوليا "توب 20" والذي يتعقب أكبر 20 شركة في البلاد، جلسة تعاملات أمس الأول مرتفعاً 1%، ليصبح المؤشر الوحيد الذي حقق مكاسب في آسيا، وواحداً من 4 مؤشرات حققت مكاسب على مستوى العالم، بحسب بيانات بلومبرغ (المؤشرات الأخرى كانت في جامايكا والجبل الأسود وتونس).
كانت شركة استخراج الفحم "تافانتولغوي" (Tavantolgoi) وشركة منتجات الألبان "سوو" (Suu) أكبر الرابحين في المؤشر.
تكشف بيانات بلومبرغ أن سوق الأسهم في البلاد، الذي تهيمن عليه شركات المواد الخام والسلع الاستهلاكية الأساسية، تحركت بشكل عكسي مع أداء مؤشر "إم إس سي آي" لآسيا والمحيط الهادئ منذ أواخر الشهر الماضي.
أمل بين شركات تطوير عقارات هونغ كونغ
من بين 11 شركة تطوير عقاري مدرجة في مؤشر "هانغ سنغ" للعقارات، ارتفعت 9 شركات أمس الأول. جاءت شركة تشغل المجمعات التجارية "وارف ريل استيت إنفستمنت" أكبر الرابحين في مؤشر "هانغ سنغ" الرئيسي، بعد ارتفاعه بأكثر من 6%، في أفضل موجة صعود له خلال أكثر من سنتين.
شهدت شركة "نيو وورلد ديفلوبمنت" (New World Development Co.)، وشركة "صن هونغ كاي بروبرتيز" ارتفاعاً بأكثر من 4.5%.
رغم أن إنفاق قطاع التجزئة وأسعار المنازل في هونغ كونغ ما زال ضعيفاً، فإن خفض أسعار الفائدة بصورة أسرع من المتوقع في الولايات المتحدة الأميركية سيجبر المركز المالي الآسيوي على اقتفاء أثره، نظراً لربط عملته بالدولار الأميركي.
يمكن أن تسفر الرهون العقارية رخيصة التكلفة عن زيادة شراء المنازل، وتعطي دفعة لشركات تطوير العقارات. ارتفع أيضاً اليوان الخارجي لأقوى مستوياته أمس الأول منذ ديسمبر الماضي، ما يوحي بأن المشترين الصينيين ربما يكونون بصدد الشراء بطريقة أكبر في هونغ كونغ في المستقبل القريب، حيث يشعرون بأنهم يتمتعون بموقف مالي أفضل.