أبقى الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة عند أعلى مستوياتها في 22 عاماً للمرة الثامنة على التوالي، مواصلاً مراقبة تأثير التشديد النقدي الذي بدأ منذ عامين تقريباً، في انتظار الحصول على المزيد من الثقة حيال مسار تباطؤ التضخم نحو هدف 2% قبل بدء تيسير السياسة النقدية.
صوتت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في نهاية اجتماعها بالإجماع على الحفاظ على أسعار الفائدة عند نفس مستوياتها بين 5.25% و5.5%، وهو ما جاء متوافقاً مع توقعات السوق، بعد أن أبقت على أسعار الفائدة في اجتماعاتها السابقة في يونيو ومايو ومارس ويناير وديسمبر ونوفمبر وسبتمبر.
تغير في لغة البيان
وأجرى صناع السياسات عدة تعديلات على لغة البيان الصادر بعد اجتماعهم الذي استمر يومين في واشنطن. وتحولت اللجنة إلى القول إنها "منتبهة للمخاطر" على التفويضين الممنوحين لها، أي التضخم وسوق العمل، بدلاً من الصياغة السابقة التي كانت تركز فقط على مخاطر التضخم، وفق "بلومبرغ".
وقالت اللجنة في بيان صدر يوم الأربعاء، إنه "في الأشهر الأخيرة، كان هناك المزيد من التقدم نحو هدف التضخم البالغ 2% الذي حددته اللجنة"، مضيفة أن "اللجنة ترى أن المخاطر التي تواجه تحقيق أهداف التوظيف والتضخم تستمر في الانتقال إلى توازن أفضل".
كما خفف المسؤولون تقييمهم لسوق العمل، مشيرين إلى أن مكاسب الوظائف قد تراجعت، وأن معدل البطالة ارتفع، لكنه لا يزال منخفضاً. وقالوا إن التضخم تراجع خلال العام الماضي لكنه لا يزال "مرتفعاً إلى حد ما".
ومع ذلك، حافظ صناع السياسات على اللغة التي تشير إلى أنهم لا يعتقدون أنه من المناسب خفض تكاليف الاقتراض، حتى الحصول على "ثقة مطلقة" بأن التضخم ينخفض نحو الهدف.
وتعزز التغييرات في البيان التحول في اللهجة بين العديد من صناع السياسات، بما في ذلك الرئيس جيروم باول، الذين يدركون المخاطر المتزايدة على سوق العمل.
تكيّف السياسة النقدية
من جهته، أكد رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في مؤتمر صحافي، أن تغيير أسعار الفائدة يعتمد على قراءة العديد من البيانات، منبهاً إلى أن السياسة النقدية ستتكيف مع تطور الاقتصاد، فإذا كان التضخم متعنتاً، يمكن الإبقاء على نطاق الأسعار عند مستوياتها الحالية، "طالما كان ذلك ممكناً".
وأضاف أن اللجنة لم تتخذ أي قرارات بشأن الاجتماعات المقبلة بما في ذلك اجتماع سبتمبر، معتبراً أن "الاقتصاد يتجه نحو مرحلة ستتطلب خفض معدلات الفائدة"، ولكن القرار مرتبط بمجمل البيانات وتوازن المخاطر، ورؤية ما إذا كانت هذه البيانات تتماشى مع الثقة المتزايدة بشأن تراجع التضخم، مشيراً إلى أنه إذا استوفيت الشروط، فستكون هناك إمكانية لخفض أسعار الفائدة في سبتمبر.
وفي رده على سؤال بشأن أسباب عدم البدء في خفض الفائدة في الوقت الحالي، أشار باول إلى أن اللجنة "تعتقد أننا لم نصل إلى المرحلة المناسبة" للبدء بعكس السياسة النقدية.
بيانات مشجعة
كانت البيانات الأخيرة مشجعةً للفيدرالي للتفكير ببدء عكس وتيرة التشديد النقدي وخفض الفائدة، إذ ارتفع معدل التضخم الأساسي في الولايات المتحدة، وهو المؤشر المفضل لدى "الاحتياطي الفيدرالي"، بوتيرة معتدلة خلال شهر يونيو، وذلك بالتزامن مع استمرار قوة الإنفاق الاستهلاكي. هذه المؤشرات الإيجابية تدعم جهود صناع السياسة النقدية في كبح جماح التضخم من دون الإضرار بالاقتصاد.
بحسب بيانات مكتب التحليل الاقتصادي، صعد المؤشر الأساسي لأسعار المستهلكين، الذي يستبعد أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة، بنسبة 0.2% مقارنة بشهر مايو، وقفز بـ2.6% على أساس سنوي.
أدى انخفاض ضغوط الأسعار، إلى جانب تصاعد معدل البطالة، إلى تحقيق التوازن بين هدفي الاحتياطي الفيدرالي، المتمثلين بالتوظيف بالحد الأقصى واستقرار الأسعار. إذ يريد المسؤولون ترويض التضخم، لكنهم لا يريدون أيضاً التسبب في ضرر غير مبرر لسوق العمل من خلال إبقاء أسعار الفائدة مرتفعةً لفترة طويلة للغاية.