في الوقت الذي تكهنت فيه "وول ستريت" بهوية البائع الغامض الذي يقف وراء التداولات الضخمة البالغة 10.5 مليار دولار التي نفَّذتها مجموعة "غولدمان ساكس غروب"، يوم الجمعة، فكَّر المستثمرون أيضاً في حقيقة كون عمليات البيع حادثة غير مسبوقة بحدِّ ذاتها، وما إذا كان ينتظرهم المزيد منها في المستقبل.
وفي الواقع، كانت المبيعات الشغل الشاغل لغرف محادثة المتداولين من نيويورك إلى هونغ كونغ، وكانت جزءاً من موجة غير عادية أدَّت إلى محو 35 مليار دولار من قيم الأسهم الرائدة التي تتراوح من عمالقة التكنولوجيا الصينية إلى تكتلات وسائل الإعلام الأمريكية.
وفي هذ السياق، قال "ميشيل كوش"، مدير محفظة في شركة "بيليفو آست منجمنت إيه جي" في سويسرا: "لم أرَ شيئاً بهذا الحجم طوال حياتي المهنية التي استمرت على مدار 25 عاماً".
وقد باعت مجموعة "غولدمان" ما قيمته 6.6 مليار دولار من أسهم شركات "بايدو"، و"تنسنت ميوزيك انترتينمنت غروب"، و"فيبشوب هولدينغز ليمتد" قبل افتتاح السوق في الولايات المتحدة، وذلك وفقاً لرسالة إلكترونية للعملاء اطَّلعت عليها "بلومبرغ نيوز".
وجاء في الرسالة الإلكترونية أنَّ تلك الخطوة أعقبت بيع أسهم بقيمة 3.9 مليار دولار في شركات "فياكوم سي بي سي"، و"ديسكفري"، و"فارفيتش ليمتد"، و"إيكي" (iQiyi Inc)، و"جي إس إكس تيكيدو".
"غير مسبوقة"
وتُعدُّ التداولات بالجملة – أي بيع جزء كبير من الأسهم بسعر يتمُّ التفاوض عليه في بعض الأحيان خارج السوق - شائعة، إلا أنَّ حجم هذه التداولات وعمليات البيع المتعددة التي تضرب السوق خلال ساعات التداول العادية ليست كذلك.
وقال "أوليفر بورش"، نائب الرئيس الأول في شركة "ويلثسباير آدفايزرز"، التي تدير أصولاً تبلغ قيمتها 12 مليار دولار: "كان هذا أمراً غير معتاد للغاية. والسؤال الآن: هل انتهوا؟ وهل انتهى هذا؟ أم ستتأثر الأسواق في يومي الإثنين والثلاثاء بموجة أخرى من تداولات الجملة؟".
وفي الواقع، فقد تسبَّبت التداولات في تقلُّبات الأسعار لكلِّ سهم متورِّط في هذه المعاملات كبيرة الحجم، مما أثار قلق المتداولين، وأشعل الحديث عن وقوع أحد صناديق التحوُّط أو مكاتب العائلة في مأزق، وكيف هو مجبر على البيع.
وأوضح"بورش" أنَّ الوضع مقلق "لأنَّنا لا نملك كل الإجابات حول ما إذا كانت هذه تصفية صندوق واحد أو أكثر من صندوق، أو ما إذا كانت بداية تصفية صندوق، والسبب وراء ذلك".
وأضاف: "يمكن أن يكون الأمر صعباً على أي مدير من وجهة نظر الحيازة. فقد تُجبر موجة أخرى من التداولات بالجملة مديري الصناديق على إعادة تقييم التزامهم ببعض الأسهم".
هل تحدث موجة بيع جديدة؟
وصف "فريدريك هيلدنر"، مدير محفظة في شركة "سالم-سالم آند بارتنر جي إم بي إتش" في والهاوزن، ألمانيا، هذه الخطوة بأنَّها "غير مسبوقة".
وأضاف: "السؤال هو لماذا حدثت هذه التداولات بالجملة؟ هل تعرف إحدى الشركات شيئاً لا يعرفه الآخرون، أم أنَّهم أُجبروا بطريقة ما على تقليل المخاطر؟".
ووفقاً لأشخاص مطَّلعين على الأمر، فإنَّ المزيد من عروض الأسهم غير المسجَّلة تُدار من قبل "ستانلي مورغان"، نيابة عن واحد أو أكثر من المساهمين غير المعلنين. وبحسب الحسابات المستندة إلى بيانات بلومبرغ، فإنَّ بعض التداولات تجاوزت المليار دولار في الشركات الفردية.
هذا وتحاول "وول ستريت" الآن معرفة هوية الشركة البائعة.
وقد أفادت شركة "آي بي أو هيدج" نقلاً عن أشخاص لم تُحددهم أنَّ عدداً من البنوك الاستثمارية الكبرى التي لها علاقات مع صندوق التحوُّط "أركيغوس كابيتال منجمنت إل إل سي" قد باعت حيازتها، مما أسهم في انخفاض أسعار أسهم شركتي "فياكوم سي بي سي"، و"ديسكفري".
كما أشارت "سي إن بي سي" (CNBC) إلى أنَّ المبيعات القسرية المفروضة من جانب صندوق "أركيغوس" ربما كانت مرتبطة بمطالبات الهامش على المراكز ذات الرافعة المالية الكبيرة.
ويُسيطر "جوليان روبرتسون" الذي كان يتمتَّع سابقاً بالحصانة على صندوق "أركيغوس"، إلى جانب "بيل هوانغ" المحلل في شركة "تايغر منجمنت".
ورفضت "ماييف دوفالي" المتحدِّثة باسم "غولدمان ساكس" التعليق؛ كما رفض متحدِّث باسم "مورغان ستانلي" التعليق؛ وامتنع شخص تمَّ الوصول إليه في مكتب "أركيغوس" بنيويورك يوم الجمعة عن التعليق؛ ولم يرد ردٌّ على رسالة الكترونية مُرسلة إلى "هوانغ" تطلب التعليق.