بمجرد أن علم مستثمر التجزئة "كالفن فرويدج" أن سفينة حاويات ضخمة قد علقت في قناة السويس، ركن سيارته إلى جانب الطريق، وفتح جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به، وبدأ في شراء أسهم شركات الشحن. ويقول المتداول الأمريكي المقيم في بنما: "إنها نقطة مرور ضخمة للشحن؛ وهذا في الواقع حدث نادر وذو تداعيات كبيرة".
ويُعدّ "فرويدج" واحداً من "جيش" مؤثّر بشكل متزايد من المتداولين اليوميين الذين يُشكّلون -مثل غيرهم من المشتركين في منصة "وول ستريت بتس" التابعة لـِ"ريدت"– شبكة من متشابهي التفكير الذين يتبادلون البيانات في غرف الدردشة وعلى منصات التواصل الاجتماعي، كما ينشرون أيضاً دفقاً لا متناهياً من المعلومات بطريقة ساخرة (الميمات memes). كما أن "فرويدج" مشهور بين أعضاء ما يسمى بـِ"تانكر غانغ" (Tanker Gang)، وهو مجتمع إنترنت غير رسمي ظهر في السنوات القليلة الماضية للمضاربة على الشركات التي تنقل النفط والوقود.
وقبل أزمة قناة السويس، كان هؤلاء المستثمرون المحبون للناقلات يمرون بوقت عصيب؛ حيث كانت أسعار الأسهم ما تزال تكافح للتعافي من الجائحة. ثم جاءت حادثة سفينة "ايفر غيفن" لترتفع الأسهم. فقد قفزت أسهم شركة "نورديك أميركان تانكرز" (Nordic American Tankers Ltd) بنسبة 15% يوم الجمعة، في حين ارتفعت أسهم شركة "تيكاي كورب" (Teekay Corp) الأمريكية بنسبة 13%. علاوةً على ذلك، اشترى "ألكسندر هانسون"، عضو مجلس إدارة شركة "نورديك أميركان" وابن مؤسسها، 50 ألف سهم من الشركة يوم الجمعة، بحسب ما أظهره أحد التقارير.
أعادت فرق الإنقاذ تعويم السفينة "إيفر غيفن" في وقت مبكر من يوم الإثنين في مصر، وفقاً لمزود الخدمات البحرية "إنشكيب" (Inchcape)، وذلك بعد أسبوع تقريباً من جنوحها. ومع ذلك، ما يزال من غير الواضح متى سيتم فتح الممر المائي أمام حركة المرور، أو المدة التي سيستغرقها الأمر لإزالة المأزق الذي يواجه أكثر من 450 سفينة عالقة تنتظر في طريقها إلى السويس التي حددتها كوجهتها التالية.
وفي هذا الصدد، قال "يواكيم هانيسدال"، رئيس الأبحاث في شركة كليفز للأوراق المالية في أوسلو، الذي يغطي القطاع منذ أكثر من عقد: "لقد رأينا بالفعل تحركات إيجابية في أسعار الفائدة على خلفية الإغلاق". ويشارك "هانيسدال" الكثير من أبحاثه عبر "تويتر"، وغالباً ما تُدرج في الميمات التي ينشرها مجتمع "تانكر غانغ"؛ حيث قال: "لم أكن على دراية بـ"الميمات" قبل أن أنضم إلى تويتر قبل بضع سنوات، إلا أنها مسلية للغاية".
الجزء الأكثر أهمية في سلسلة التوريد
قبل وجود المجتمعات عبر الإنترنت، مثل "تانكر غانغ"، لم يكن من السهل على متداولي التجزئة تتبع الصناعة التي تشتهر بكونها ركناً مملاً إلى حد ما في السوق؛ حيث تتطلب مراقبة هذه الشركات بيانات تم حجبها وراء اشتراكات باهظة الثمن. ولكن على مدار السنوات القليلة الماضية، أصبحت هذه البيانات مفتوحة من خلال أشخاص مثل "فرويدج" و"هانيسدال"، اللذين ينشران تحليلات معمقة عبر "تويتر"، تُحرك الأسهم في بعض الأحيان.
في هذا الصدد، كان عشاق الناقلات والشحن يحللون وضع أزمة السويس على قناة "ديسكورد" (Discord) الخاصة التابعة لـ"فرويدج"، وهي جزء من موقعه الالكتروني "تانكر داتا" (TankerData) الذي يبيع بيانات السوق. وكان أحد الأعضاء يقاطع بيانات "ايفر غيفن" مع مخططات القناة، وتمكّن بالضبط من تحديد مقدار السفينة الذي جنح في القناة.
ومن المؤكد أن "فرويدج" لا يجد سوق الناقلات مملاً. بل إنه يحتمل "أن تكون (سوق الناقلات) الجزء الأكثر أهمية في سلسلة التوريد لأهم السلع على هذا الكوكب. وبمجرد اندلاع حرب أو انسداد قناة، فإن أسهم الناقلات تُحلق عالياً"، مضيفاً أنه حقق مكاسب منذ انسداد القناة في العديد من الشركات بما في ذلك "نورديك أميركان"، و"فرونتلاين ليمتد"، و"إس إف إل كورب ليمتد" (SFL Corp. Ltd).
لم يكن كل شخص في "تانكر غانغ" مقتنعاً بأن أسهم الشحن كانت على وشك الارتفاع. وبالنسبة لـ"غريغوري فوسفونيس"، المتداول المقيم في أثينا والذي يستثمر في أسهم ناقلات النفط منذ عام 2019، قد لا تشهد هذه الأسهم ارتفاعات قوية؛ إذ قال يوم الجمعة قبل إعادة تعويم السفينة: "أتوقع ارتفاعاً طفيفاً في الأسعار الإقليمية لمجرد أن عدداً أقل من السفن سيكون متاحاً للتأجير كلما طال أمد هذا الوضع، وفي حال كان هذا الإغلاق لمدة أسبوع فحسب، لا أتوقع فائدة مادية لأية أسهم بخلاف التأثير السردي الإيجابي".
