أغلقت مؤشرات الأسهم الأميركية على ارتفاع، مدفوعة بتعزيز أحدث البيانات الاقتصادية الرهانات على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يخفض أسعار الفائدة في سبتمبر.
في آخر 30 دقيقة من التداول في وول ستريت، قلص مؤشر "إس آند بي 500" مكاسبه، إذ تعرضت البنوك لضربة قوية في بداية موسم الإعلان عن الأرباح في الولايات المتحدة.
وفشلت نتائج شركات "ويلز فارغو" و"جيه بي مورغان تشيس" و"سيت غروب" في تعزيز زخم الصناعة، في حين انتعشت أسهم شركات التكنولوجيا العملاقة، على الرغم من تراجع أسهم شركة "ميتا" بنسبة 3% تقريباً. وواصلت أسهم الشركات الصغيرة الصعود.
تجاهل متداولو الأسهم القراءة الضعيفة لثقة المستهلك، للتركيز على احتمالات خفض أسعار الفائدة التي قد تفيد الشركات الأميركية في نهاية المطاف.
وأظهرت البيانات أيضاً أن أسعار المنتجين ارتفعت بشكل طفيف عن المتوقع، لكن الفئات التي تستخدم لحساب مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، لم تكن سيئة للغاية.
وقال مارك هيفيل من إدارة الثروات العالمية في "يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت" (UBS Global Wealth Management): "ما زلنا نتوقع أن ينضم بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى دورة خفض أسعار الفائدة العالمية في سبتمبر، مع تخفيف بمقدار 50 نقطة أساس هذا العام".
ارتفع مؤشر "إس آند بي 500" إلى 5615 نقطة، محققاً مكاسب أسبوعية في 10 من 12 أسبوعاً. قادت شركة "إنفيديا" المكاسب في قطاع شركات التكنولوجيا الكبيرة، في حين ارتفعت أسهم شركة "تسلا" بعد يوم واحد من تراجعها بأكثر من 8%. شهد مؤشر "راسل 2000" لأسهم الشركات الصغيرة أفضل أسبوع له منذ نوفمبر.
تضرر قطاع البنوك
انخفض سهم "ويلز فارغو" بنسبة 6% بعد التحذير من أنه لن يتمكن من تقليل التكاليف بالسرعة المتوقعة. لم يتمكن بنك "جيه بي مورغان" من تحقيق بعض المقاييس الرئيسية مثل صافي دخل الفوائد، على الرغم من تسجيل أرباح قياسية. وقال "سيتي غروب" إن التكاليف لهذا العام من المرجح أن تكون عند الحد الأعلى للنطاق الذي تم إعلانه مسبقاً. قفزت أسهم "بنك نيويورك ميلون كورب" على خلفية تحقيق صافي دخل من الاستثمار أفضل من المتوقع.
مع قيام المتداولين بإعادة ضبط رهاناتهم على تخفيضات أسعار الفائدة، محت سندات الخزانة خسائرها لعام 2024 هذا الأسبوع. وانخفضت عائدات السندات الأميركية لأجل 10 سنوات بمقدار ثلاث نقاط أساس، إلى 4.18% يوم الجمعة.
الأنظار تتجه نحو الفيدرالي
قال خوسيه توريس من "إنر آكتيف بروكرز" (Interactive Brokers) إن هناك "خطراً كبيراً يكمن في تخفيف الظروف المالية، وهو تطور يؤثر بالفعل في وسائل التتبع الآنية لدينا، والتي تشير إلى تضخم رئيسي وأساسي بنسبة 0.3% في يوليو على أساس شهري"، مضيفاً أن "استمرار هذه التطورات، والتي هي قاعدتي الأساسية، سيمنع الفيدرالي من بدء دورة التخفيض في سبتمبر".
بالنسبة إلى كريشنا جوها من "إيفركور" (Evercore)، فإن أحدث إصدار لمؤشر أسعار المنتجين يؤكد أن التضخم في يونيو من المقرر أن يسجل معدلاً معتدلاً للغاية وفقاً لمقياس نفقات الاستهلاك الشخصي، مما يضع المسؤولين الأميركيين على المسار الصحيح لخفض الفائدة في سبتمبر"، وأضاف أن "مرحلة الاحتياطي الفيدرالي الجديدة" هذه قد تحافظ على اتساع سوق الأسهم.
وأشار إلى أننا ندخل الآن مرحلة جديدة يمكن فيها للتخفيضات الاستباقية (على عكس التخفيضات التفاعلية المدفوعة بارتفاعات أكبر في البطالة)، أن تقلل من مخاطر توقعات النمو المستقبلية، وتابع: "شريطة ألا يتحرك بنك الاحتياطي الفيدرالي ببطء شديد لوقف الضعف الكامن في الاقتصاد، فإن إزالة المخاطر في توقعات النمو المستقبلي تفضل اتساع السوق والقطاعات الدورية".
تناوب السوق
أحد أكبر الأسئلة حول تناوب السوق في الجلسة السابقة، والذي أدى إلى اتساع نطاقه بشكل ملحوظ، هو ما إذا كان هذا انعكاساً مشروعاً للاتجاه خلال العام ونصف العام الماضيين أم مجرد زيف آخر، وفق دان وانتروبسكي من "جاني مونتغمري سكوت" (Janney Montgomery Scott).
وأضاف: "في ما يتعلق بالأمور الفنية، لا يمكن تأكيد أن تحرك الأمس كان بداية لاتجاه مستدام طويل المدى"، ومع ذلك، فمن منظور التداول، "نعتقد أنه يمكننا الاستمرار في رؤية المزيد من التناوب على المدى القريب، حيث لا تزال الرسوم البيانية تشير إلى احتمالية الارتداد المتوسط".
هناك شيء واحد يجب أخذه في الاعتبار وهو أن الحركة "التناوبية" ليست مثل حركة "التوسيع"، وفقاً لما ذكره مات مالي من "ميلر تاباك" (Miller Tabak). وأضاف: "نعتقد أن الحركة التناوبية ستؤدي إلى نتائج معاكسة لما فعلته عندما كان المستثمرون يتناوبون في قطاع التكنولوجيا بشكل كبير على مدار العشرين شهراً الماضية، إذ ستسحب السوق بأكملها إلى الأسفل، تماماً كما سحبت السوق معها إلى الأعلى منذ خريف 2022".
أداء الشركات الصغيرة
كان من أبرز ما حدث هذا الأسبوع هو الانتعاش الكبير في أسهم الشركات الصغيرة، التي تخلفت هذا العام إلى حد كبير عن السوق الأوسع، وخاصة شركات التكنولوجيا الكبيرة.
تقول كوينسي كروسبي، من "إل بي إل فاينانشيال" (LPL Financial)، إن مؤشر "راسل 2000" ينظر إليه على أنه مقياس مهم للتخفيف المحتمل لأسعار الفائدة، ولكنه أيضاً مقياس للظروف الاقتصادية.
وأضافت أنه "من الناحية التاريخية، يتخلف المؤشر عن السوق لمدة ثلاثة أشهر بعد التخفيض الأول لسعر الفائدة"، مشيرة إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي عادة ما يخفض أسعار الفائدة بسبب المخاوف بشأن الاقتصاد، وعلى وجه التحديد سوق العمل، منبهة إلى أن السوق تفضل خفض أسعار الفائدة على أساس تخفيف التضخم وسط مشهد اقتصادي قوي".
وخلصت إلى أن نقاط البيانات الاقتصادية القليلة التالية، بالإضافة إلى تقارير الأرباح، يجب أن تساعد في توضيح ما إذا كان أداء الشركات الصغيرة مبرراً تماماً.
قال مارك هاكيت من "نايشون وايد" (Nationwide) إن المراهنين على الارتفاع صمدوا أمام وابل البيانات هذا الأسبوع، مضيفاً: "لا يزال زخم السوق بلا هوادة. لقد تم التغلب على العديد من العقبات المهمة، مما يجعل الأرباح هي المحفز التالي المحتمل للسوق".