حزب العمال يحصل على 326 مقعداً من 650 مقعداً في مجلس العموم ويحقق انتصاره الكاسح في الانتخابات

ارتفاع العقود الآجلة لأسهم بريطانيا واستقرار الإسترليني بعد فوز حزب العمال

مجموعة عملات من فئة الجنيه الإسترليني فوق أوراق نقدية من فئات الخمسة والعشرة والعشرين جنيهاً إسترلينياً. - بلومبرغ
مجموعة عملات من فئة الجنيه الإسترليني فوق أوراق نقدية من فئات الخمسة والعشرة والعشرين جنيهاً إسترلينياً. - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

قفزت العقود الآجلة لمؤشر أسهم المملكة المتحدة واحتفظ الجنيه الإسترليني بمكاسبه الأخيرة بعدما فاز حزب العمال بأغلبية مقاعد البرلمان، مما يعطيه تفويضاً واضحاً بتحقيق وعده بمزيد من الاستقرار الاقتصادي. 

ارتفعت عقود مؤشر "فوتسي 100" بنسبة 0.2%، فيما لم يشهد سعر الجنيه الإسترليني تغييراً يذكر عند حوالي 1.277 دولار. 

حصل حزب العمال على 326 مقعداً من 650 مقعداً في مجلس العموم، وحقق انتصاره الكاسح في الانتخابات وهو ما كان متوقعاً منذ فترة طويلة. واعترف ريشي سوناك بالهزيمة، ويستعد كير ستارمر حالياً لأن يصبح رئيساً للوزراء. 

مع اقتراب عملية التصويت، كان المستثمرون يراهنون على أن فوز برنامج يسار الوسط الذي يمثله ستارمر يعني نهاية أزمات السوق الناتجة عن السياسة. 

وفي حين أن دعم حزب العمال تاريخياً لزيادة الضرائب وللنقابات العمالية يضعه عادة في تعارض مع الأسواق، إلا أن المستثمرين في هذه المرة واثقون من أن شبح أزمة السندات الحكومية التي شهدتها المملكة المتحدة منذ عامين سيبقي الحكومة القادمة تحت السيطرة. 

كتب كريشنا غوشا وماركو كاسيراغي من شركة "إيفركور" (Evercore) في مذكرة: "للمرة الأولى منذ سنوات، ستصبح المملكة المتحدة جزيرة تتمتع بالاستقرار السياسي، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى انخفاض علاوة المخاطرة وقيمة الخصم على أسعار الأصول في الأسواق". 

يبدأ تداول سندات الحكومة البريطانية في تمام الساعة الثامنة صباحاً في لندن. 

استطلاع الخروج من مراكز الاقتراع

وفقاً لاستطلاع رسمي عند خروج الناخبين من مراكز الاقتراع، فإن حزب العمال في سبيله إلى الفوز بنحو 410 مقاعد من أصل 650 مقعداً، وهو أكبر عدد من المقاعد منذ الفوز الساحق الذي حققه توني بلير عام 1997.

من المتوقع أن ينخفض عدد مقاعد حزب المحافظين بزعامة سوناك إلى 131 مقعداً، مقارنةً مع 365 مقعداً في عام 2019، وهي نتيجة من المرجح أن تشهد خسارة بعض أكبر الأسماء في الحزب. 

ويتجه الديمقراطيون الليبراليون إلى كسب 61 مقعداً، مع حصول حزب الإصلاح البريطاني بزعامة نايغل فاراج على 13 مقعداً.

يستند استطلاع الرأي عند الخروج إلى مسح واسع النطاق لآراء عشرات الآلاف من الناخبين بعد إدلائهم بأصواتهم في مراكز الاقتراع. ولذلك يصبح هذا الاستطلاع أكثر دقة عند التنبؤ بنتائج الانتخابات في المملكة المتحدة مقارنة مع المسح السريع لنوايا الناخبين الذي يجرى أثناء الحملة الانتخابية. 

 

قال نيل جونز، مسؤول مبيعات النقد الأجنبي للمؤسسات المالية في "تي جيه إم يوروب" (TJM Europe)، إن انتصاراً كبيراً لحزب العمال ينبغي "أن يعني ضمنياً ارتفاع الطلب الأساسي على الجنيه الإسترليني". 

وعود الاستقرار الاقتصادي 

قبل عملية التصويت، وضع حزب العمال البريطاني الاستقرار الاقتصادي على رأس الأهداف في برنامجه وتعهد بأن يلتزم بقواعد الإنفاق الصارمة.

قالت راشل ريفز، وهي موظفة سابقة في بنك انجلترا المركزي وتستعد لأن تتولى منصب وزير المالية في المملكة المتحدة، إن الإدارة لن ترفع ثلاثة من معدلات الضرائب الأساسية على الأجور والسلع في البلاد.

شملت الوعود الأخرى بناء مزيد من المنازل وإنشاء شركة للطاقة مملوكة للقطاع العام والتحرك "لإعادة ضبط العلاقة" مع الاتحاد الأوروبي، على أن بيان حزب العمال يستبعد أيضاً احتمال العودة إلى نظام السوق الموحدة أو الاتحاد الجمركي.

من شأن تحقيق الاستقرار المالي وأي تحسن في علاقة المملكة المتحدة مع الاتحاد الأوروبي أن يدعم سندات الحكومة البريطانية في المدى القريب علاوة على تداعياته الإيجابية على الجنيه الإسترليني، حسبما كتب محللون في شركة "تي دي سيكيوريتيز" (TD Securities) بقيادة جيمس روسيتر في مذكرة بتاريخ 4 يوليو. 

"إذا اتفقت النتائج النهائية مع توقعات استطلاع الرأي عند الخروج من مراكز الاقتراع، فالأرجح أن يستند الجنيه إلى دعم قوي في الأيام القادمة"

فن رام، محلل أصول متعددة، بلومبرغ

 

اقتصاد بريطانيا هش وبطئ

ومع ذلك، ترث الحكومة القادمة اقتصاداً بطيئاً وهشاً. فبينما تراجع التضخم إلى مستوى 2% الذي يستهدفه بنك إنجلترا المركزي، لا تزال أسعار الخدمات ثابتة. 

ويبدو أن الانتعاش من الركود الفني الذي شهده العام الماضي يفقد القوة الدافعة، وفقاً لأحدث البيانات الخاصة بنمو الاقتصاد.

لكن التخفيضات المتوقعة في أسعار الفائدة من قبل بنك إنجلترا في الأشهر القليلة المقبلة تمنح مستثمري السندات سبباً آخر لتفضيل سندات الحكومة البريطانية.

وضعت الأسواق في اعتبارها بدرجة كبيرة فوز حزب العمال في الانتخابات، إذ احتفظ الحزب بتقدمه في استطلاعات الرأي لأكثر من عام قبل أن يدعو سوناك إلى إجراء انتخابات مبكرة في 22 مايو. 

لم يتغير ذلك بعد تحديد موعد الانتخابات، مما أدى إلى استقرار الجنيه الاسترليني وانخفاض تقلبات السندات، وأن تحوم أسعار الأسهم حول مستوى أقل قليلاً من ذروتها. بل إن مؤشر "فوتسي 100" ارتفع بنسبة 1.5% خلال اليومين الماضيين، وهي أعلى نسبة ارتفاع خلال شهرين تقريباً، في حين واصلت الأسهم العالمية ارتفاعها القياسي. 

كتب نايغل غرين، مؤسس شركة "ديفير غروب" (deVere Group) لإدارة الثروات، في مذكرة: "إن الأسواق تحب اليقين، لذا فإنها سترحب بفوز حزب العمال فوزاً حاسماً. ولكن من المرجح أن تكون هذه الدفعة محدودة لأن الأسواق وضعت هذه التوقعات في حسبانها فعلاً إلى حد كبير".  

على النقيض من فرنسا

هذا الهدوء في الأسواق المالية يضع المملكة المتحدة على النقيض من فرنسا المجاورة، حيث أدى قرار الرئيس إيمانويل ماكرون بالدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة في أوائل يونيو إلى موجة بيع كثيف. 

 

وارتفعت علاوة المخاطرة في العائد على السندات الفرنسية مقارنة بالعائد على الديون الألمانية الأكثر أماناً في مرحلة ما إلى مستويات شوهدت آخر مرة في خضم أزمة الديون بمنطقة اليورو. 

تراجعت هذه الحركة هذا الأسبوع عندما أظهرت استطلاعات الرأي أنه من غير المرجح أن يحقق التجمع الوطني اليميني المتطرف أغلبية مطلقة في تصويت يوم الأحد.

وقالت ليندسي جيمس، المحللة الاستراتيجية في شركة "كيلتر إنفستورز" (Quilter Investors): "مع الاضطرابات السياسية التي أصابت الاقتصادات المتقدمة الأخرى في الوقت نفسه، فإن هذه الأغلبية الضخمة قد تقدم المملكة المتحدة للمستثمرين كملاذ سياسي آمن إلى حد ما". 

السياسة تتلاعب بالأسواق

تختلف هذه الفترة أيضاً اختلافاً شاسعاً عن السنوات التي رقصت فيها الأسواق البريطانية على أنغام الدراما السياسية. فاستفتاء اسكتلندا على الاستقلال، والتصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وسنوات المفاوضات الساخنة والمضطربة التي أعقبت ذلك تسببت في تقلبات عنيفة في حركة الجنيه الإسترليني والأسهم. 

وفي الوقت نفسه، شعر المستثمرون بالقلق في الانتخابات العامة الأخيرة في عام 2019 من سياسات زعيم حزب العمال السابق جيريمي كوربين اليسارية، بما في ذلك التأميم وحصص العمال في الشركات. 

وفي الآونة الأخيرة، تسببت حزمة التخفيضات الضريبية غير الممولة التي قدمتها رئيسة الوزراء السابقة ليز ترس في اضطراب الأسواق في عام 2022 بعد أن أطلق الارتفاع المفاجئ في عوائد السندات موجة بيع قسرية من استراتيجيات صناديق التقاعد الممولة بالديون. وانخفضت سندات الحكومة البريطانية، مما اضطر بنك إنجلترا إلى التدخل بشكل استثنائي.

قيود اقتصادية صارمة 

ألقى هذا الحدث بظلاله على السياسيين منذ ذلك الحين، وتعهد كل من حزبي العمال والمحافظين بتوخي الحذر الاقتصادي خلال الحملة الانتخابية.

وقال وزير المالية السابق في حكومة الظل لحزب العمال إدوارد بولز إن الحزب فرض "قيوداً قاسية" على سياسته المالية من خلال استبعاد كل من إجراءات التقشف وزيادة الضرائب.

 كما أن هدف ستارمر لتحقيق نمو سنوي بنسبة 2.5% على الأقل، والذي قد يساعد في تمويل زيادة الإنفاق، قد تعرض لانتقادات من قبل الاقتصاديين باعتباره هدفاً غير واقعي. 

وفي الوقت نفسه، تراقب الأسواق مراقبة دقيقة أي مؤشرات على إصدار مزيد من السندات لجمع الأموال. 

وصل الدين القومي البريطاني إلى أعلى مستوياته منذ ستينيات القرن الماضي كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، وتنخرط بريطانيا بالفعل في واحدة من أكبر موجات الاقتراض السنوية في تاريخها. 

وقد تؤدي أي زيادة أخرى في الاقتراض إلى الإضرار بإقبال المستثمرين على السندات الحكومية. 

قال كايل رودا، محلل أول السوق في شركة "كابيتال دوت كوم" (Capital.com): "في الوقت الحالي، ستكون الأسواق سعيدة فقط بانتهاء الانتخابات وإنجازها، وينبغي أن تستفيد من ذلك الحالة المعنوية في السوق".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك