مددت ساعات التداول ضمن عملية إصلاح تدعم فرص الانضمام للمؤشرات العالمية

لماذا تُسهل كوريا الجنوبية عملية تداول الوون؟

شخص يمسك برزم من الأوراق النقدية لعملة الوون الكورية الجنوبية فئة 5000  - المصدر: بلومبرغ
شخص يمسك برزم من الأوراق النقدية لعملة الوون الكورية الجنوبية فئة 5000 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

مددت كوريا الجنوبية ساعات التداول المحلية لعملة الوون اعتباراً من الأول من يوليو، بعد مدة تجريبية بلغت 6 شهور. تشكل هذه المبادرة خطوة نحو السماح للمستثمرين بالتعامل بالعملة على مدار الساعة. يعزز ذلك في نهاية الأمر عمليات إدراج أسهم وسندات البلاد في المؤشرات العالمية، ما يغذي الطلب الدولي على تلك الأوراق المالية.

بواسطة تمديد ساعات التداول، تكشف سيؤول عن استعدادها للترحيب بقدر أكبر من دخول رؤوس الأموال العالمية المتقلبة التي حاولت حماية اقتصادها منها في أعقاب اندلاع الأزمة المالية الآسيوية. نستعرض فيما يلي ما ينبغي لك معرفته حول التغييرات المقبلة والآثار المحتملة لهذا التحول.

1- كيف تتداول الصناديق العالمية في الوون حالياً؟

لا يمكن في الوقت الراهن تداول الوون إلا بصورة مباشرة مع الدولار عبر سوق بينية للبنوك المحلية، ومع اليوان إما في سيؤول أو شنغهاي. تُتداول العملة في سوق العملات المحلية من الساعة 9 صباحاً إلى 3:30 مساءً بالتوقيت المحلي. لا يوجد تداول لعملة الوون خارجياً.

عندما تكون أسواق العملات المحلية مغلقة، يضطر المستثمرون الأجانب إلى الاعتماد على عقود المشتقات المالية المعروفة بالعقود المستقبلية غير القابلة للتسليم لإدارة تعرضهم للوون.

2- ما الذي يتغير في تداول الوون؟

اعتباراً من الأول من يوليو الحالي، بدأ تمديد ساعات التداول للوون المحلي وسوق مقايضة العملات الأجنبية حتى الساعة 2 صباحاً. تعتزم غالبية البنوك الكورية الجنوبية بدء أو بدأت فعلاً تُجهز نوبات عمل ليلية لاستيعاب ساعات العمل الجديدة، بينما يتطلع بعض اللاعبين الأكبر إلى نقل بعض الموظفين للعمل من لندن ونيويورك.

في إجراء آخر يأتي في مصلحة المستثمرين، سهلت الجهات التنظيمية الكورية على المؤسسات المالية الأجنبية الانضمام إلى سوق العملات المحلية في البلاد.

منذ بداية السنة الجارية، سُمح للكيانات الأجنبية التي تستوفي الشروط التي تضعها السلطات المحلية بتداول الوون وصفقات مقايضة العملات الأجنبية محلياً باستخدام نظام التعامل البينيي للبنوك المحلية مباشرة. حتى 27 يونيو الماضي، سجل ما يبلغ مجموعه 29 بنكاً أجنبياً للتعامل في سوق الوون المحلية. لتسهيل النظام الجديد، ألغت الحكومة شرطاً مفروضاً على المستثمرين الأجانب بفتح حساب في كل بنك محلي يتعاملون معه، بينما سمحت أيضاً للصناديق العالمية بخدمة السحب على المكشوف مؤقتاً بعملة الوون عند تسوية صفقات الأسهم والسندات.

3. لماذا يأتي التغيير حالياً؟

صعدت السلطات الكورية -خشيت منذ مدة طويلة خروج رؤوس الأموال المتقلبة- جهودها مؤخراً لجذب المستثمرين الأجانب وتحسين وصولهم للسوق. يتمثل الهدف في إدراج الأسهم والسندات الكورية الجنوبية في مؤشرات الأسواق المتقدمة العالمية وتعزيز قدرة البلاد على جمع الأموال من عمليات التمويل.

على صعيد الأسهم، ألغت كوريا شرطاً يلزم المستثمرين الأجانب بالتسجيل المسبق قبل الاستثمار في الأسهم الكورية، وطلبت من الشركات المحلية تقديم ملفات الإيداع التنظيمية الرئيسية باللغة الإنجليزية. بالنسبة للسندات، قدمت كوريا الجنوبية نظام الحساب الشامل مع مؤسسة المقاصة "يوروكلير"، ما يسمح للمستثمرين العالميين في السندات باستخدام حساباتهم الحالية للاستثمار في الأوراق المالية المحلية ذات الدخل الثابت بدلاً من فتح حساب منفصل في بنك محلي. بوقت سابق، أعفت الصناديق العالمية التي تستثمر في سندات كورية من بعض الضرائب.

4. ما الذي سيبقى دون تغيير؟

وفق الإطار الجديد، سيبقى تداول الوون الخارجي غير وارد وستظل العملة تُتداول مباشرة فقط مقابل الدولار واليوان.

ستستمر القواعد سارية بالنسبة للكيانات الأجنبية التي ترغب في المشاركة في السوق البينية للبنوك المحلية حيث يجب على المتقدم توقيع عقود تسهيلات ائتمانية مع ما لا يقل عن 10 مؤسسة مالية كورية جنوبية بما فيها 4 على الأقل مما يُطلق عليه "البنوك الرائدة في سوق العملات الأجنبية"، وهي بنوك متخصصة في المساعدة في تدعيم تداول الوون مقابل حوافز معينة. علاوة على ذلك، يجب على الجهات الأجنبية التي تملك قدرة الوصول للسوق البينية للبنوك المحلية أن تتداول عن طريق وسطاء معتمدين. لا تُعد صناديق التحوط مؤهلة لتقديم طلب تسجيل.

5. لماذا لم تتخذ كوريا خطوات إضافية في تيسير نظام العملة؟

خسر مؤشر "كوسبي" للأسهم وعملة الوون نصف قيمتهما خلال الأزمة المالية الآسيوية خلال 1997 وتعرضا لضغوط بيعية جديدة خلال الأزمة المالية العالمية خلال 2008.

مع انهيار العملة، لم تتمكن عشرات الشركات التي تعتمد بصورة كبيرة على الاقتراض الأجنبي من سداد ديونها وانهارت على إثر ذلك. أثارت هذه الأحداث مخاوف السلطات الكورية من التقلبات الشديدة في الأسعار التي يمكن أن تنشأ عن تحركات رؤوس الأموال العالمية، وجمعت احتياطيات من العملات الأجنبية بقيمة 410 مليارات دولار، في واحدة من أكبر الاحتياطيات العالمية، لتحصين دفاعاتها. تعهدت الحكومة خلال يونيو المنصرم بالتدخل للحد من أي تقلبات في سعر صرف العملة خلال ساعات التداول الممددة.

6- ماذا تعني التغييرات بالنسبة للأسواق والتجار الكوريين؟

ستحسن زيادة ساعات تداول الوون إمكانية الوصول إلى سوق العملات الأجنبية، ومعالجة أحد المخاوف الرئيسية لمُصدري المؤشرات الذين امتنعوا عن إدراج سندات وأسهم كوريا الجنوبية في مؤشراتهم. امتنعت شركة "فوتسي راسل" عن إضافة كوريا الجنوبية إلى مؤشراتها للسندات العالمية خلال مارس الماضي، مع الاعتراف بالتقدم المثمر الذي أحرزته كوريا. من المنتظر أن تسفر عملية الإدراج في المؤشرات إلى دخول استثمارات بمليارات الدولارات.

بالنسبة للمتداولين العالميين، ستمنحهم الساعات الممددة فرصة الوصول إلى أسعار التداول المعروضة بصورة فورية وبالتالي الحصول على أسعار أفضل. من المرجح أن يعزز هذا ارتفاع أحجام التداول المحلية، والذي قد يجذب المزيد من البنوك الأجنبية للحصول على نصريح بالتداول عبر السوق البينية للبنوك.. لكن بالنظر إلى المتطلبات الصارمة، فقد يختار المستثمرون الأجانب مواصلة التداول عبر سوق العقود المستقبلية غير القابلة للتسليم عوضاً عن ذلك.

7- مَن الدول التي تمدد ساعات التداول أيضاً؟

لا تتفرد كوريا الجنوبية بفتح سوق تداول العملات الأجنبية أمام مزيد من المشاركة الأجنبية. خلال يناير 2023، مددت الصين ساعات تداول اليوان المحلي بمقدار 4 ساعات تقريباً حتى الساعة 3 صباحاً بالتوقيت المحلي. خلال 2020، قالت السلطات الصينية إنها ستمدد ساعات التداول لبعض المعاملات في سوق السندات ما بين البنوك حتى الساعة 8 مساءً بدلاً من الساعة 5 مساء. اتخذت أيضاً إجراءات لجذب الأموال الأجنبية، من بينها توفير خيارات إضافية لتداول العملات الأجنبية وتقديم عروض أسعار لسندات اليوان للعملاء في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية.

آتت هذه الجهود أُكلها حيث أضاف بنك "جيه بي مورغان" سندات صينية إلى مؤشره العالمي خلال 2020. أضافت شركة "فوتسي راسل" سندات حكومية صينية إلى مؤشر سندات حكومات العالم الرائد (World Government Bond Index) خلال 2021. توقع بنك "مورغان ستانلي" في ذلك الحين أن إدراج سندات صينية في مؤشر "فوتسي راسل"، الذي بدأ أكتوبر 2021، سيجذب ما يصل إلى 90 مليار دولار من استثمارات أجنبية داخلة للصين. نمت حيازات الأجانب من السندات المقومة باليوان الصيني 130% خلال الأعوام الثلاثة من 2019 إلى 2021، ما أسهم في تفوق أداء عملة اليوان مقابل غالبية أقرانها الآسيويين الآخرين خلال تلك المدة.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك