أرسل متداولو وول ستريت الأسهم للارتفاع، مع انخفاض عوائد السندات، وذلك بعد سلسلة من التقارير الاقتصادية الأضعف من المتوقع، التي عززت موقع مجلس الاحتياطي الفيدرالي للبدء في خفض أسعار الفائدة هذا العام.
في جلسة مختصرة قبل العطلة الأميركية (عيد الاستقلال)، وصل مؤشر "إس آند بي 500" إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، بسبب الرهانات على أن أسعار الفائدة المنخفضة ستستمر في دعم الشركات الأميركية. وارتفعت سندات الخزانة.
وظل الدولار منخفضاً بعد أن أظهر محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأخير، أن المسؤولين قالوا إنهم ينتظرون أدلة على أن التضخم يهدأ، وانقسموا حول المدة المطلوب فيها الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة.
بالنسبة لبول أشوورث من شركة "كابيتال إيكونوميكس" (Capital Economics)، فإن محضر اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي "أصبح قديماً على ما يبدو" نظراً للمؤشرات الصادرة لاحقاً والتي تدل على تباطؤ اقتصادي.
وقال مايكل فيرولي، من بنك "جيه بي مورغان تشيس"، إن المحضر "يميل إلى الحذر". وأشار إلى أن هناك اتفاقاً واسع النطاق على أن الضغوط الانكماشية سائدة، وأن سوق العمل أصبحت أقل ضيقاً، وأن نمو النشاط الاقتصادي يجب أن يستمر في الاعتدال.
انكماش قطاع الخدمات
أظهرت البيانات أن قطاع الخدمات انكمش بأسرع وتيرة في أربع سنوات، بينما شهد سوق العمل المزيد من علامات التباطؤ، وذلك قبل صدور تقرير الوظائف يوم الجمعة.
وقال فؤاد رزاقزادة من "سيتي إندكس" (City Index) و"فوركس دوت كوم" (Forex.com) إن "الأخبار السيئة هي أخبار جيدة"، موضحاً: "هكذا كان رد فعل الأصول الخطرة في أعقاب صدور البيانات الأميركية اليوم".
كما راقب المستثمرون التطورات السياسية، حيث يكافح الرئيس الأميركي جو بايدن لاحتواء الضغوط للتخلي عن محاولته إعادة انتخابه. وأظهرت استطلاعات الرأي من صحيفتي "وول ستريت جورنال" و"نيويورك تايمز" أن دونالد ترمب زاد من تقدمه على بايدن في استطلاعات الرأي التي أعقبت المناظرة بينهما الأسبوع الماضي.
تجاوز مؤشر "إس آند بي 500" عتبة 5535 نقطة، محققاً رقمه القياسي 33 في عام 2024. ووسعت شركة "تسلا" صعودها للجلسة السابعة على التوالي، وقادت المكاسب بين الشركات الكبرى، على الرغم من انخفاض أسهم "أمازون". وانخفضت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات سبع نقاط أساس إلى 4.36%، كما انخفض الدولار.
تأثير خفض الفائدة
قال مارك هاكيت من "ناشيون وايد" (Nationwide) إن "الغيوم تتشكل في الصورة الكلية، ولكن عقلية المستثمرين الذين ينظرون إلى نصف الكوب الممتلئ تستمر في دفع الأسواق إلى الارتفاع".
وفي "براون براذرز هاريمان" (Brown Brothers Harriman & Co)، أشار وين ثين وإلياس حداد إلى أنه إذا كانت البيانات ملائمة، فإن خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر سيكون "مؤثراً إلى حد كبير". ويتوقع متداولو المقايضة تخفيضين تقريباً في أسعار الفائدة في عام 2024، الأول في نوفمبر، وذلك على الرغم من زيادة الرهانات على التخفيض في سبتمبر.
يتوقع الاقتصاديون زيادة قدرها 190000 في الوظائف غير الزراعية لشهر يونيو، وهو تراجع عن الشهر السابق، مع بقاء معدل البطالة عند 4%.
وقال كوينسي كروسبي من "إل بي إل فاينانشيال" (LPL Financial) إنه "بالنظر إلى أدلة أخرى على تباطؤ الاقتصاد، يمكن أن يكون تقرير الوظائف حاسماً بشكل متزايد بالنسبة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، الذي يسعى إلى إيجاد أساس منطقي للإشارة إلى تخفيف أسعار الفائدة".
أظهر استطلاع أجرته شركة "22 في ريسرتش" (22V Research) أن 40% من المستثمرين يعتقدون أن رد فعل السوق على بيانات التوظيف يوم الجمعة، سيكون ضئيلاً/مختلطاً، بينما اعتقد 34% منهم أن السوق ستقبل على المخاطرة، في حين رأى 26% أنها ستتجنب المخاطرة.
قال دينيس ديبوسشير من شركة الأبحاث إن "المستثمرين يولون أكبر قدر من الاهتمام لبيانات الوظائف"، مضيفاً: "لقد انخفض التركيز على نمو الأجور بعض الشيء، وهو أمر مفاجئ قليلاً بالنظر إلى تركيز باول الواضح على الأجور أمس". وتابع أن "تضخم الخدمات، الذي ظل ثابتاً، يعتمد على الأجور".
وأظهر مسح الشركة أيضاً وجود "انحراف صعودي" في تقديرات معدل البطالة.
أدلة إضافية
قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول يوم الثلاثاء، إن أحدث البيانات الاقتصادية تشير إلى أن التضخم يعود إلى المسار الهبوطي، لكنه أكد أن المسؤولين بحاجة إلى مزيد من الأدلة قبل خفض أسعار الفائدة. وعندما سئل ما الذي يبقيه مستيقظاً في الليل، أشار إلى التوازن الدقيق بين ترويض التضخم وتجنب تدهور كبير في سوق العمل.
اعتبر دون ريسميلر من شركة "ستراتيغاس" (Strategas) أنه "حتى يضعف التوظيف بشكل كبير، سيظل هناك دعم أساسي للاقتصاد الأميركي، على الرغم من وجود بعض الأدلة على التباطؤ". وأضاف: "أشار أعضاء بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى أنهم يريدون رؤية المزيد من التقدم بشأن التضخم، ولحسن الحظ، يبدو أن الاقتصاد الأميركي لا يزال قوياً بما يكفي في الوقت الحالي لتحمل توقف مؤقت عن تحريك سعر الفائدة. ولكن الوقت يمر".
في غضون ذلك، عارض رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، جون ويليامز، الذي أجرى بحثاً عميقاً في سعر الفائدة الطبيعي المعروف باسم "آر ستار" (r-star)، التعليقات الأخيرة التي أشارت إلى ارتفاعه منذ تفشي الوباء.
تشكل فكرة سعر الفائدة الطبيعي على المدى الطويل، والتي تسود عندما لا يستجيب الاقتصاد للصدمات وينمو بأقصى إمكاناته، أهمية مركزية للسياسة النقدية، ولكن لا يمكن مراقبتها بشكل مباشر. ويهدف المسؤولون إلى رفع أسعار الفائدة فوق المستوى المحايد، لتهدئة الاقتصاد ومحاربة التضخم.