ارتفعت أكبر سوق للسندات في العالم بعد أن عززت أحدث مجموعة من التقارير الاقتصادية التكهنات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيتمكن من خفض أسعار الفائدة هذا العام لمنع حدوث تباطؤ أكبر في اقتصاد الولايات المتحدة.
أقبل المتداولون -المترقبون لمؤشر التضخم الأكثر متابعة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي- إلى سندات الخزانة بعدما كشفت عدة بيانات عن تحول هبوطي في النمو مرتبطاً بإبقاء الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة أعلى لفترة أطول. وعدلت الحكومة الإنفاق الشخصي بالخفض إلى 1.5% على أساس سنوي في الربع الأول. كما أظهرت بيانات منفصلة انخفاضاً في الطلبيات والشحنات لبعض معدات الأعمال، وضعفاً في سوق العمل وتراجعاً في شراء المنازل.
توقعات بخفض الفائدة في 2024
قال جيف روتش من "إل بي إل فاينانشال" (LPL Financial): "ارتفعت طلبات إعانة البطالة المستمرة لتصل لأعلى مستوياتها منذ أواخر 2021، مما يدلل على أن سوق العمل ربما تتراجع. وأتوقع أن يتباطأ نشاط المستهلكين والشركات في النصف الأخير من 2024، مما يمنح الاحتياطي الفيدرالي فرصة كبيرة لبدء خفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام".
انخفضت عائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات أربع نقاط أساس إلى 4.29%. وشهد مزاد بيع سندات مدتها سبع سنوات بقيمة 44 مليار دولار طلباً قوياً. وتتوقع أسواق المقايضة تيسير السياسة النقدية بحوالي 45 نقطة أساس في 2024، وهو ما يعادل أقل من خفضين للفائدة.
تقلب مؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500) حول مستوى 5480 نقطة. انخفض سعر سهم "إنفيديا كورب" في ظل فشل توقعات شركة "ميكرون تكنولوجي" (Micron Technology) في تلبية التوقعات المرتفعة. تراجع سهم "وولغرينز بوتس أليانس" (Walgreens Boots Alliance) بنسبة 22% بعد خفض الشركة توجيهاتها. وتقلبت أسعار "تشيوي" (Chewy) و"ولنس.كو" (Wellness Co) و"بتكو هيلث" (Petco Health) بعد أن نشر كيث جيل - المعروف باسم "Roaring Kitty" على موقع "إكس" صورة كرتونية لكلب.
يتوقع المتداولون "نقطة تقلب واحدة" تقريباً من العلاوة الإضافية يوم الجمعة، وهي الجلسة التي تأتي بعد مناظرة جو بايدن ودونالد ترمب، وفقاً لتحليل "سيتي غروب" الذي قارن التقلبات الحالية والمتوقعة. يفترض ذلك أن تأثير انتهاء صلاحية الخيارات في نهاية الربع، وهو محفز محتمل آخر يمكن أن يؤدي إلى تأرجح أسعار الأسهم، سيكون مشابهاً لتأثير "الساحرة الثلاثية" الأسبوع الماضي.
تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي
قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، رافائيل بوستيك، إنه لا يزال يتوقع خفض أسعار الفائدة مرة واحدة هذا العام وسط مؤشرات على أن التضخم استأنف انخفاضه. تأتي تنبؤاته متوافقة مع توقعات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة. في وقت سابق من هذا الشهر، توقع مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي خفضاً واحداً فقط لسعر الفائدة في 2024، وفقاً لمتوسط التوقعات.
وقال دون ريسميلر من "ستراتيجاس" (Strategas): "أشار أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة إلى أنهم يريدون رؤية المزيد من التقدم في مكافحة التضخم". و"لحسن الحظ، لا يزال الاقتصاد الأميركي يبدو قوياً بما يكفي في الوقت الحالي للإبقاء على سعر الفائدة مرتفعاً لفترة طويلة".
توقعات بتباطؤ الإنفاق الاستهلاكي
من جهة أخرى، يتوقع الاقتصاديون أن تظهر بيانات يوم الجمعة تباطؤ المؤشر الأكثر متابعة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي للتضخم الأساسي إلى معدل سنوي 2.6% الشهر الماضي من 2.8%. وفي حين أن هذه هي أدنى قراءة منذ مارس 2021، إلا أنها تظل أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي للتضخم البالغ 2%.
قال إيان لينجن وفيل هارتمان من "بي إم أو كابيتال ماركتس" (BMO Capital Markets): "الإجماع المتفق عليه من شأنه أن يتوافق مع السرد القائل بأن الضغوط الانكماشية في أوائل 2024 تتلاشى، وأن اتجاه هدوء التضخم الذي شهدناه خلال النصف الثاني من 2023 قد استؤنف مرة أخرى في الربع الثاني"، و"لعل الأهم من ذلك هو أن المستثمرين يتوقعون جولة من بيانات التضخم التي ستقدم مزيداً من الدعم لخفض الفائدة في سبتمبر".
أدت سلسلة من نقاط البيانات الأضعف من المقدر إلى بلوغ النسخة الأميركية من مؤشر "سيتي غروب" للمفاجآت الاقتصادية أدنى مستوى منذ أغسطس 2022. ويقيس المؤشر الفرق بين الأرقام الفعلية للبيانات وتوقعات المحللين.
تسببت المخاوف بشأن قوة سوق العمل والتأثير اللاحق على الإنفاق الاستهلاكي -بالإضافة إلى اعتماد السوق على عدد قليل من الأسهم- في إثارة الذعر والتحذيرات من أن السوق الصاعدة تحتاج إلى فترة من الراحة، وإعادة معايرة وربما مساعدة من الاحتياطي الفيدرالي، وفق كوينسي كروسبي من "إل بي إل فاينانشال" (LPL Financial).
وأشارت كروسبي إلى أنه إذا جاءت بيانات نفقات الاستهلاك الشخصي يوم الجمعة مخيبة للآمال، فسوف يتصدر "الركود التضخمي" عناوين الأخبار. ولكن إذا جاءت مستقرة أو دون التوقعات، فمن المفترض أن يساعد ذلك السوق على تحقيق مكاسب لشهر يوليو.
وقالت: "مع ذلك، فإن السوق في منطقة ذروة الشراء، كما أنها باهظة الثمن نسبياً، وتعتمد على عدد قليل من الأسهم الكبرى، ما يعني أنها قد تحتاج إلى إعادة المعايرة والسماح للقطاعات الأخرى بالظهور أو حتى البدء في قيادة السوق. مثل هذه التعديلات يمكن أن تؤدي إلى حدوث تقلبات تفتح المجال لفرص جذابة".
محركات السوق الصاعدة
يقول إد كليسولد من شركة "نِد ديفيس ريسرش" (Ned Davis Research) إن التشاؤم المستمر تجاه الاقتصاد والأسهم كان المحرك الرئيسي للسوق الصاعدة، كما أن الإفراط في التشاؤم فتح المجال للتفاؤل أو وجهات النظر المحايدة.
وأوضح "تحول المعنويات يضع المزيد من العبء على الأساسيات لاستمرار السوق الصاعدة. استنتاجنا هو أن السوق لم يعد بإمكانها الاعتماد فقط على تفوق الاقتصاد على التوقعات المنخفضة. يجب أن تدفع الأساسيات السوق الصاعدة في النصف الثاني".
في الوقت الحالي، لا يزال كليسولد متفائلاً بشأن الأسهم، سواء على أساس مطلق أو نسبةً للسندات والنقد.
أمّا كريس سينيك من "وولف ريسرش" (Wolfe Research)، فيرى أنه من المرجح أن تستمر التقلبات في الارتفاع، وهذا سيفيد عموماً أسهم "العظماء السبعة" والزخم العام في الأسابيع المقبلة.
وأشار إلى أنه "بشكل أكثر تحديداً، نتوقع أن تستمر هذه الشركات في الاستفادة من ظروف تباطؤ النمو، ولكن من المتوقع أن يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة خفض عميقة للفائدة. علاوة على ذلك، نشعر أن الشركات الكبرى التي تقود هذه الاتجاهات ستحقق مرة أخرى نتائج قوية للغاية خلال موسم أرباح الربع الثاني".
أرباح الشركات في الربع الثاني
أظهر استطلاع أجرته شركة "22 في ريسرش" (22V Research) أن المستثمرين يتوقعون إلى حد كبير أن تتجاوز أرباح شركات الذكاء الاصطناعي في الربع الثاني التقديرات.
يعتقد حوالي 59% من المستثمرين الذين شملهم الاستطلاع أن أرباح شركات الذكاء الاصطناعي سوف "تتفوق" على التوقعات، ويعتقد 36% أنها ستأتي "متماشية مع التوقعات". ويعتقد 5% فقط أنها ستأتي "دون التوقعات".
وعلى الرغم من الاعتقاد بأن أرباح هذه الشركات سوف تتفوق على التقديرات، فإن المستثمرين الذين شملهم الاستطلاع غير متأكدين من رد فعل أسهم شركات الذكاء الاصطناعي، حسبما قالت "22 في ريسرش".
في الشهر الذي أصبحت فيه "إنفيديا" لفترة وجيزة أكبر شركة في العالم وسط تفاؤل بشأن الذكاء الاصطناعي، كانت صناديق التحوط تبيع أسهم التكنولوجيا "بقوة"، وفقاً لتحليل "غولدمان ساكس".
صافي البيع هذا الشهر في أسهم قطاع التكنولوجيا الأميركي سيكون الأكبر منذ 2017، وفقاً لبيانات الوساطة الرئيسية لبنك "غولدمان ساكس". إذ يتناقض تقليص تعرض صناديق التحوط بشكل حاد مع التدفقات القياسية التي شوهدت في الصناديق المرتبطة بالتكنولوجيا الأسبوع الماضي.
أداء أبرز المؤشرات:
- استقر مؤشر "إس آند بي 500" في الساعة الرابعة مساءً بتوقيت نيويورك.
- ارتفع مؤشر "ناسداك 100" بنسبة 0.2%.
- انخفض العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار أربع نقاط أساس إلى 4.29%.
- لم يشهد مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري تغيراً ملحوظاً.
- ارتفع سعر "بتكوين" 0.7% إلى 61385.55 دولار.
- صعدت قيمة "إيثر" 1.7% إلى 3446.92 دولار.
- ارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية 1.2% إلى 2326.02 دولار للأونصة.
- استقر سعر صرف الين الياباني عند 160.81 أمام الدولار.