تراجعت مؤشرات الأسهم الأميركية، بعدما أدى ارتفاعها إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق خلال الجلسة إلى تحفيز الدعوات للانسحاب على المدى القريب، وسط علامات على سوق مرهقة.
ارتفع مؤشر "إس آند بي 500" لفترة وجيزة إلى مستوى 5500 نقطة التاريخي، قبل أن يفقد زخمه، في حين لا يزال فوق العتبة الفنية التي تشير عادة إلى سوق مرهقة.
تعرضت أسهم مجموعة التكنولوجيا التي حلّقت خلال الجلسات الماضية وعززت اتجاه السوق الصعودي، لضغوط، مع انخفاض مؤشر "ناسداك 100"، بعد ارتفاع لمدة سبعة أيام. قادت شركتا "إنفيديا" و"أبل" الخسائر الكبيرة، في وقت صعد مؤشر "داو جونز" الصناعي.
قال كريغ جونسون من "بايبر ساندلر" (Piper Sandler) إن الزخم الصعودي "لا يزال قائماً بالنسبة لمؤشري إس آند بي 500 وناسداك"، لكن ظروف التشبع في الشراء على المدى القريب، إلى جانب تدهور مؤشر النطاق الذي يقيس عدد الأسهم الصاعدة والهابطة و/أو حجمها، لحساب المشاركة في تحركات أسعار مؤشر الأسهم، يجعلان الأسهم عرضة للتراجع أو التصحيح".
انخفاض سندات الخزانة
بعد أن اقتربت من محو خسائر هذا العام، انخفضت سندات الخزانة على الرغم من البيانات التي أشارت في الغالب إلى تباطؤ اقتصادي. كان مزاد سندات الخزانة المحمية من التضخم (TIPS) بقيمة 21 مليار دولار، قوياً.
قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس نيل كاشكاري، إن البنك المركزي سيعيد التضخم إلى 2%، لكنه يقدر أن الأمر سيستغرق على الأرجح عاماً أو عامين للقيام بذلك.
استعدت وول ستريت أيضاً لحدث ربع سنوي يُعرف باسم "الساحرة الثلاثية"، وهي الساعة الأخيرة لجلسة تداول البورصة في الجمعة الثالثة من كل من مارس ويونيو وسبتمبر وديسمبر، حيث تنضج عقود المشتقات المرتبطة بالأسهم وخيارات المؤشرات والعقود الآجلة، ما يجبر المتداولين بشكل جماعي على تجديد مراكزهم الحالية، أو بدء مراكز جديدة.
من المقرر أن تنتهي صلاحية ما قيمته حوالي 5.5 تريليون دولار يوم الجمعة، وفقاً لتقديرات من منصة الخيارات "سبوت غاما" (SpotGamma).
كما يراهن التجار على أن بنك إنجلترا سيخفض أسعار الفائدة في أغسطس، بعد إشارات حذرة من صناع القرار، في حين قاد الفرنك الخسائر في عملات العالم المتقدم، حيث قام البنك الوطني السويسري بتخفيض تكاليف الاقتراض. انخفض الين لليوم السادس على التوالي، مما يزيد من احتمالات تدخل اليابان لدعم العملة.
تفوّق شركات التكنولوجيا
رغم أن مؤشر "إس آند بي 500" حقق الرقم القياسي الـ31 هذه السنة، إلا أن عدداً قليلاً من الشركات المنضوية تحته من خارج مجال التكنولوجيا، شارك في هذا التقدم.
في الأشهر الثلاثة الماضية، تفوق أداء أكبر 10 أسهم في المؤشر من حيث القيمة السوقية - معظمها من عمالقة التكنولوجيا - على البقية إلى حد كبير، وفقاً للبيانات التي جمعتها جيليان وولف، استراتيجية الأسهم في "بلومبرغ إنتليجنس".
قال أندرو ثراشر من مجموعة "فايناشيال إنهانسمنت غروب" (Financial Enhancement Group) إن "البائعين يدخلون السوق، والمراهنين على الارتفاع يرقصون على حد السكين"، مضيفاً أن "كل شيء يعتمد الآن إلى حد كبير على إنفيديا وأبل. لا يتطلب انخفاض السوق القيام بالكثير من الأمور".
بالنسبة لنيكولاس بونساك، من شركة "ستراتيغاس" (Strategas)، انتقلت تقييمات الأسهم إلى أعلى، نحو الطبقات العليا من نطاقها التاريخي، حيث لا يكون ملف العائد الآجل قوياً بشكل خاص بالنسبة للأموال الجديدة.
وأضاف: "مع ذلك، يبدو أن هناك القليل مما يمكن أن يوقف السوق الصاعدة المحلية"، متابعاً أن الاقتصاد يظهر بعض علامات تراجع الزخم، إلا أنه قوي بشكل عام على مستوى العالم. لا يزال أداء السوق قوياً، وتوقعات أرباح الشركات آخذة في الاتساع. سنبقى متفائلين إلى حين صدور إشارات تحذيرية".
ارتفاع إضافي
قد يرتفع مؤشر "إس آند بي 500" بما يقرب من 10% إضافية هذا العام، إذا كان الهوس السابق بالسوق يمكن أن يكون مرشداً، وفق باري بانيستر كبير استراتيجيي الأسهم في شركة "ستيفل نيكولاس" (Stifel Nicolaus)، ولكن مثل "الفقاعات" السابقة، يجب أن تنفجر هذه الفقاعة أيضاً في النهاية.
وأضاف أن مؤشر الأسهم الأميركية لديه فرصة للوصول إلى 6000 نقطة قبل نهاية عام 2024 مع استمرار المستثمرين في التراكم، ارتفاعاً من أقل بقليل من 5500 نقطة يوم الخميس. لكن بحلول منتصف عام 2026، يتوقع أن يتراجع المقياس مرة أخرى إلى المستويات التي بدأ السنة عندها، أي حوالي 4800 نقطة، ما يمحو خمس قيمته.
رفع إد كليسولد، الخبير الاستراتيجي للأبحاث في "نيد ديفيس" (Ned Davis)، توقعاته لنهاية العام لمؤشر "إس آند بي 500" إلى 5725 نقطة، قائلاً إن هناك انتعاشاً متواضعاً في نمو الأرباح، إضافة إلى احتمال أن تكون الخطوة التالية لصانعي السياسات هي خفض الفائدة، ما يدفع الأسهم لتحقيق المزيد من المكاسب في النصف الثاني من العام.
وكتب كليسولد في مذكرة أن "التوقعات لا تخلو من المخاطر المحتملة"، مضيفاً أن "التقييمات المرتفعة والقيادة الضيقة تجعل السوق عرضة لعمليات سحب أكبر في حالة تعثر عوامل الدعم الأساسية والكلية".
بيانات ضعيفة
على الصعيد الاقتصادي، جاءت معظم البيانات ضعيفة، مع تباطؤ مستويات بناء المنازل الجديدة إلى أدنى وتيرة في أربع سنوات، وانخفاض مؤشر بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا عن التقديرات. لم تتغير مطالبات البطالة الأولية في الولايات المتحدة إلا قليلاً.
أدت سلسلة من البيانات الضعيفة بأكثر من التوقعات، إلى إيصال مؤشر "سيتي غروب" للمفاجآت الاقتصادية في الولايات المتحدة، إلى أدنى مستوى منذ أغسطس 2022. ويقيس المؤشر الفرق بين الإصدارات الفعلية وتوقعات المحللين.
بالنسبة إلى دون ريسميلر من شركة "ستراتيغاس" (Strategas)، هناك دعم أساسي للاقتصاد إلى أن يضعف التوظيف بشكل كبير، حتى مع بعض الضغوط على القطاعات الحساسة لأسعار الفائدة مثل الإسكان.
وأشار إلى أن "الاقتصاد الأميركي لا يزال يبدو قوياً بما يكفي حالياً لتحمل الإبقاء على أسعار الفائدة بشكل مؤقت (الأخبار المختلطة ليست أخباراً ضعيفة)"، مضيفاً: "نحن نواصل مراقبة مطالبات البطالة عن كثب بحثاً عن أي علامات على اتساع الشقوق".