تداول سندات البنك المركزي في السوق الثانوية يعود لتوجيهات الرئيس الصيني في 2023

الصين تلمح لأكبر تحول في السياسة النقدية منذ سنوات

مبنى بنك الشعب الصيني في بكين، الصين - الشرق/بلومبرغ
مبنى بنك الشعب الصيني في بكين، الصين - الشرق/بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

بدأ الأمر باقتباس غامض من الرئيس الصيني شي جين بينغ بين طيات كتاب في 172 صفحة يدور حول القطاع المالي. بعد 3 شهور، بدأت تطفو على السطح خطط لأكبر تحوّل محتمل منذ سنوات في طريقة إدارة الصين للسياسة النقدية.

أقرّ بان غونغشنغ، محافظ بنك الشعب الصيني أمس، بأن السلطة النقدية تدرس تداول سندات حكومية في السوق الثانوية بوصفها طريقة لتنظيم السيولة المالية. وأوضح في خطاب ألقاه أن البنك المركزي يدرس تنفيذ ذلك بالتعاون مع وزارة المالية، وستكون عملية تدريجية.

خطط شي

يأتي هذا استجابة لتوجيه "شي" بـ"إثراء مجموعة أدوات السياسة النقدية" و"زيادة شراء وبيع سندات الحكومة تدريجياً في عمليات السوق المفتوحة للبنك المركزي"، الذي جاء في خطاب خلال اجتماع للسياسة المالية في السنة الماضية، لم يُنشر إلا في كتاب صدر خلال مارس الماضي.

علاوة على ذلك، ألمح بان إلى تغييرات أخرى في نظام أسعار الفائدة. ربما يدرس البنك المركزي الانتقال إلى استخدام سعر قصير الأجل واحد لتوجيه الأسواق. يفكر أيضاً في تضييق النطاق الذي يُسمح فيه بتقلب أسعار السوق، لجعل هدف السياسة النقدية أكثر وضوحاً.

من المؤكد أن كل هذه الإجراءات تستهدف تحسين الأدوات التقنية التي يستخدمها بنك الشعب الصيني لإدارة أسعار الفائدة والأموال. لن تساعد هذه التحركات بالضرورة في الإجابة على بعض الأسئلة الكبيرة التي تواجه صناع السياسة الصينيين حالياً، على غرار ما إذا كان توفير الائتمان يمكن أن يدعم الاقتصاد عندما لا تكون الأسر والشركات متحمسة لزيادة الاقتراض، أو سبل تخفيف تكاليف الاقتراض من دون إضعاف سعر صرف اليوان. ما زالت تفاصيل كثيرة غامضة، علاوة على الجدول الزمني لعملية التغيير.

توجيه السوق

يعتبر مراقبو بنك الشعب الصيني أن المقترحات جزء من جهد طويل الأمد يسعى فيه البنك المركزي في نهاية الأمر إلى توجيه أسعار الفائدة في السوق، بدلاً من تحديدها بصورة مباشرة، وهو تحرك آخر يبتعد عن الاقتصاد الموجه، حيث يحدد المسؤولون سعر الائتمان ومقداره.

أشار بان أمس إلى أنه حان الوقت للحد من الاهتمام بالأهداف مثل معدل نمو القروض؛ لأن اقتراض شركات التطوير العقاري والحكومات المحلية آخذ في التراجع ضمن عملية تحول الاقتصاد.

ذكر لويس كويجس، كبير خبراء الاقتصاد المسؤولين عن منطقة آسيا والمحيط الهادئ لدى مؤسسة التصنيف الائتماني "إس آند بي غلوبال ريتينغز" (S&P Global Ratings) أن "الانتقال إلى سعر فائدة واحد قصير الأجل مرتبط بالسوق المالية، فسعر الفائدة الرئيسي سيكون خطوة واضحة أخرى من الإصلاح التدريجي لإطار السياسة النقدية في الصين. سيجعل هذا الانتقال الإطار أكثر بساطة وشفافية، ويقربه من المعيار القطاعي المعمول به لدى غالبية الاقتصادات المتقدمة".

يوجد استنتاج واحد توصل إليه العديد من المحللين من خطاب بان يتمثل في أن بنك الشعب الصيني يستعد للتقليل من أهمية دور إحدى أدواته الرئيسية المتمثلة بقروض تمويل السياسات الاقتصادية لمدة سنة، والمعروفة باسم تسهيلات الإقراض متوسطة الأجل. أصبحت تسهيلات الإقراض متوسطة الأجل منذ تطبيقها قبل عقد، أداة رئيسية للبنك المركزي لضخ الأموال في الاقتصاد، وتوجيه أسعار السوق.

اقتراض البنوك

لكن خلال الشهور الأخيرة، تراجع طلب البنوك على هذه الأموال إذ أصبح الاقتراض في ما بينها أرخص. بقي سعر الفائدة لتسهيلات الإقراض متوسطة الأجل ثابتاً لمدة 10 شهور، حتى مع هبوط تكاليف الاقتراض الأخرى في الاقتصاد، ويعود ذلك جزئياً إلى أن بنك الشعب الصيني يخشى من تراجع قيمة العملة.

بالإضافة إلى ذلك، لا تتوافر تسهيلات الإقراض متوسطة الأجل إلا لبنوك بعينها. فعن طريق شراء وبيع السندات الحكومية بوصفها طريقة بديلة لإدارة السيولة، يمكن أن يؤثر مسؤولو البنك المركزي على الظروف المالية لمجموعة واسعة من المشاركين بالسوق.

ومقارنةً بتسهيلات الإقراض متوسطة الأجل، فإن سعر فائدة إعادة الشراء العكسي لأجل 7 أيام-وهي قروض قصيرة الأجل متاحة للبنوك كل يوم-تتيح مرونة إضافية لضبط السياسة النقدية.

ربما يعتقد بان أن سوق أسعار الفائدة في الصين نضجت الآن بما يكفي لوقف استخدام أدوات تثبيت متعددة لتوجيهها، وفق سيرينا تشو، كبيرة خبراء الاقتصاد المختصين بالصين في شركة "ميزوهو سيكيوريتيز آسيا" (Mizuho Securities Asia Ltd).

نقلت صحيفة "فاينانشال نيوز"-التي يديرها بنك الشعب الصيني-اليوم عن خبراء بالقطاع لم تسمّهم قولهم إن البنك المركزي ينبغي له أن يضعف العلاقة بين تسهيلات الإقراض متوسطة الأجل-التي تمثل تكاليف تمويل البنوك-وسعر الفائدة الأساسي، وهو معيار لأسعار الإقراض للاقتصاد الحقيقي. أشار التقرير إلى أن سعر الفائدة الأساسي أكثر أهمية؛ لأن تكاليف المقترضين الفعلية لها تأثير أكبر على النمو الاقتصادي.

أسعار الفائدة

في الوقت الحالي، تستند أسعار الفائدة الأساسية إلى أسعار الفائدة التي يقدمها 20 بنكاً لأفضل عملائها. تُحدد على أنها هامش فوق سعر تسهيلات الإقراض متوسط الأجل.

من المحتمل أن يكون أحد الأهداف هو ضمان وجود آلية لانتقال أكثر سلاسة من أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى أسعار الفائدة طويلة الأجل.

في تقرير صدر اليوم، أشار خبراء اقتصاد في "ماكواري غروب" (Macquarie Group) بقيادة لاري هو، إلى أن النظام الحالي لبنك الشعب الصيني لاستخدام سعري فائدة -سعر إعادة الشراء العكسي لأجل 7 أيام وتسهيلات الإقراض متوسطة الأجل-يخفف التأثير الناجم عن الإشارات الصادرة عن قراراته للسياسية النقدية.

ذكروا أيضاً أن النطاق الحالي لسعر الفائدة الذي يحدده بنك الشعب الصيني -الذي يُفترض أن تتحرك فيه أسعار السوق-واسع للغاية، ما يتسبب بتقلبات حادة للغاية في السوق، وذلك على صعيد الإقراض بين البنوك لأجل 7 أيام مقارنةً بأسعار الفائدة الأكثر استقراراً في الولايات المتحدة وأوروبا.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك