تعرضت أكبر سوق للسندات في العالم لضربة قوية، حيث دفع تقرير الوظائف الأميركية القوي، بالمتداولين إلى التراجع عن رهاناتهم على تخفيضات بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة.
أدت عمليات البيع في سندات الخزانة إلى ارتفاع العائدات بأكثر من 10 نقاط أساس، وتوقفت أسواق المقايضة عن تسعير تخفيضات أسعار الفائدة قبل ديسمبر.
ارتفعت الوظائف غير الزراعية بمقدار 272 ألف وظيفة، متجاوزة التقديرات، كما تسارعت الأجور، وارتفع معدل البطالة إلى 4%.
أغلقت الأسهم بعيداً عن أدنى مستوياتها خلال الجلسة، بعدما ساعدت البيانات في تهدئة المخاوف بشأن التباطؤ الاقتصادي الذي قد يضر الشركات الأميركية.
أمور مختلطة
بالنسبة لبريت كينويل من "إي تورو" (eToro)، فإن تقرير الوظائف عبارة عن أمور مختلطة نوعاً ما. فمن ناحية، يهدئ المخاوف من أن الولايات المتحدة تتجه نحو الهاوية الاقتصادية، ومن ناحية أخرى، يخفف الرهانات على بدء الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة.
وقال كينويل إن "تقرير الوظائف اليوم قد يقلل توقعات خفض أسعار الفائدة"، مضيفاً: "لكن في نهاية المطاف، سوق العمل القوية ليست بالأمر السيئ، خاصة بالنسبة لاقتصاد يعتمد بشكل كبير على الإنفاق الاستهلاكي".
انخفض مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 0.1%، مع صعود أسهم البنوك وانخفاض أسهم معظم شركات التكنولوجيا العملاقة، باستثناء "أبل".
اقرأ أيضاً: سوق العمل الأميركية تقدم صورة متباينة بزيادة البطالة والوظائف معاً
تراجعت أسهم شركة "غايم ستوب" (GameStop Corp) بعد ظهور كيث غيل المعروف باسم "Roaring Kitty" في بث على "يوتيوب"، بالإضافة إلى تقرير الأرباح غير المتوقعة لمتاجر ألعاب الفيديو بالتجزئة، وخططها لبيع ما يصل إلى 75 مليون سهم إضافي.
عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات قفزت بمقدار 14 نقطة أساس إلى 4.43%، وارتفع الدولار بأعلى مستوى منذ يناير، كما هبطت أسعار الذهب والفضة والنحاس، وانخفضت أسعار النفط، ونزلت "بتكوين" إلى أقل من 70 ألف دولار.
استبعاد تخفيض الفائدة في سبتمبر
اعتبر جيف شولز من "كلير بريدج إنفستمنتس" (ClearBridge Investments) أن تقرير الوظائف الذي صدر الجمعة، استبعد على الأرجح أي خفض للفائدة في سبتمبر، مضيفاً أنه يمكن للاحتياطي الفيدرالي أن "يتحلى بالصبر، ويواصل اعتماده على البيانات خلال الربع المقبل، لضمان عودة التضخم بشكل مستدام إلى هدفه المحدد".
زاد متداولو المقايضة رهاناتهم على خفض أسعار الفائدة في وقت سابق من الأسبوع، مدعومين بعدد كبير من البيانات الاقتصادية الأضعف من المتوقع، وقرار بنك كندا المركزي بتخفيف السياسة النقدية، والرهان على أن البنك المركزي الأوروبي سيكون هو التالي الذي سيخفض أسعار الفائدة، وهي خطوة قام بها بالفعل الخميس.
تسلط أحدث أرقام الوظائف الضوء على سوق العمل التي تواصل تحدي التوقعات وتخفيف تأثير ارتفاع أسعار الفائدة والأسعار على الاقتصاد. وتهدد هذه القوة بإبقاء الضغوط التضخمية العنيدة، ما من شأنه أن يعزز على الأرجح موقف بنك الاحتياطي الفيدرالي الحذر.
اقرأ أيضاً: العريان: تقرير الوظائف الأميركية يلغي فرص خفض الفائدة في يوليو
توقعت سيما شاه من "برينسيبال أسيت مانجمنت" (Principal Asset Management) أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في سبتمبر، ولكن "من المرجح أن تؤدي مجموعة أخرى من البيانات مثل تلك الصادرة الجمعة، إلى إزالة هذا الموعد عن الطاولة". وأضافت: "مع ذلك، فإن الأخبار الإيجابية هي أنه مع وجود سوق عمل بهذه القوة، فإن الاقتصاد الأميركي ليس قريباً من منطقة الركود".
الاقتصاديون في "سيتي غروب" و"جي بي مورغان تشيس"، الذين كانوا من بين القلائل الذين كانوا يتوقعون خفضاً لأسعار الفائدة في يوليو، غيروا رأيهم بعد تقرير الوظائف.
يتوقع أندرو هولينهورست من "سيتي" الآن تخفيضات في سبتمبر ونوفمبر وديسمبر. ويتوقع مايكل فيرولي من "جيه بي مورغان" أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض أسعار الفائدة في نوفمبر.
الأنظار تتجه لاجتماع الفيدرالي
تقرير الوظائف الصادر الجمعة هو واحد من آخر التقارير الرئيسية التي سيطلع عليها مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي قبل قرار سعر الفائدة يوم الأربعاء. ومن المتوقع أن يبقي الفيدرالي بعد اجتماعه على تكاليف الاقتراض عند أعلى مستوى لها منذ عقدين. ومن المقرر صدور تقرير التضخم الرئيسي (مؤشر أسعار المستهلك)، في اليوم ذاته.
وفي حين أن بيانات الوظائف القوية في الولايات المتحدة تؤكد عدم وجود ضرورة ملحة لخفض أسعار الفائدة، فإن معدلات التضخم، وليس الوظائف، هي التي ستحدد ذلك، وفق كريشنا جوها من "إيفركور" (Evercore).
من جهته، قال رونالد تمبل من "لازارد" (Lazard) أن "مؤشر أسعار المستهلك الذي سيصدر الأسبوع المقبل يمكن أن يساعد في توضيح ما إذا كانت الولايات المتحدة تتمتع بفترة حقيقية من تباطؤ التضخم جنباً إلى جنب مع مرونة التوظيف، أو ما إذا كانت الضغوط التضخمية مستمرة".
سيكون اجتماع الاحتياطي الفيدرالي في يونيو واحداً من أكثر الاجتماعات أهمية هذا العام، إذ قد يقدم رئيس البنك جيروم باول أوضح تلميح حتى الآن بشأن الجدول الزمني لخفض أسعار الفائدة، وفق آنا وونج من "بلومبرغ إيكونوميكس".
اقرأ أيضاً: العجز التجاري الأميركي يتسع لأعلى مستوى منذ أكتوبر 2022
ومع توقع إبقاء بنك الاحتياطي الفيدرالي سياسته على حالها، سيكون تركيز الاجتماع على الملخص الجديد للتوقعات الاقتصادية. في شهر مارس الماضي، حافظ مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي على توقعاتهم لثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة في عام 2024.
وقالت وونج، إن مخطط النقاط الجديد سيشير على الأرجح إلى خفضين هذا العام بمقدار 25 نقطة أساس لكل منهما.