قالت وزيرة الخزانة جانيت يلين إن آفاق أسعار الفائدة الأعلى على المدى الطويل تجعل من الصعب احتواء احتياجات الاقتراض الأميركية، مما يزيد من أهمية زيادة الإيرادات في المفاوضات مع المشرعين الجمهوريين.
وأضافت يلين في مقابلة مع "بلومبرغ نيوز" أمس الجمعة: "لقد رفعنا توقعات أسعار الفائدة. هذا يحدث فارقاً بالفعل. فهو يجعل الحفاظ على العجز وإبقاء نفقات الفائدة تحت السيطرة أصعب إلى حد ما".
مقترحات بايدن للميزانية
كانت يلين تشير إلى مقترحات الميزانية التي قدمتها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، مضيفة أنها تضمن بقاء البلاد على مسار مالي مستدام. وكررت تأكيدها على مقياس مدفوعات الفائدة المعدلة حسب التضخم مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي. وقفزت هذه النسبة العام الماضي، لكن البيت الأبيض يتوقع أن تستقر عند نحو 1.3% خلال العقد المقبل.
وقالت يلين في أكثر تعليقاتها تحديداً حتى الآن على هذا المقياس: "ليس لدي قاعدة صارمة، لكنني لا أرغب في رؤيته يتجاوز 2%". وسبق أن قالت يلين إن توقعات الإدارة ولَدت تكاليف ديون "طبيعية تاريخياً".
على النقيض من ذلك، يتوقع اقتصاديو "غولدمان ساكس غروب" أن تتجاوز النسبة منطقة تحمل المخاطر، مرجحين بلوغ صافي مدفوعات الفائدة الحقيقية إلى 2.3% بحلول 2034. وكان ذلك في تحليل جديد صدر يوم الأربعاء. وكانت توقعات البنك قبل خمس سنوات تبلغ 1.5%.
يُعد ارتفاع أسعار الفائدة سبباً رئيسياً وراء تراجع التوقعات. فقد شرع مجلس الاحتياطي الفيدرالي في حملة قوية لزيادة تكاليف الاقتراض بدءاً من 2022 لمكافحة التضخم، مما يجعل خدمة الديون أكثر تكلفة على الحكومة.
وتوقع البيت الأبيض في أحدث مقترحاته الخاصة بالميزانية السنوية أن يصل العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 3.7% في أوائل ثلاثينات القرن الحادي والعشرين، أي أعلى بنحو نقطة مئوية كاملة من 2.8% التي توقعها قبل ثلاث سنوات. وارتفعت عوائد سندات الخزانة، التي تتبع بشكل وثيق المعدل القياسي لبنك الاحتياطي الفيدرالي، بنحو نصف نقطة مئوية في تلك التوقعات الأطول أجلاً.
إجراءات لخفض عجز الميزانية
قالت يلين: "أدرجنا الكثير من إجراءات خفض العجز في الميزانية من أجل إبقاء نفقات الفائدة عند مستوى نعتقد أنه جدير بالثقة من الناحية المالية". وكانت تتحدث مع "بلومبرغ نيوز" في ستريسا بإيطاليا على هامش اجتماع مجموعة السبع لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية.
أوضحت يلين: "سنشرع في مفاوضات ضريبية"، في إشارة إلى المعركة التشريعية التي تلوح في الأفق بشأن التخفيضات الضريبية التي أُقرت في عام 2017 في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب والتي من المقرر أن تنتهي بنهاية 2025.
وبينما تعهد ترمب بتمديد التخفيضات، يريد بايدن الحفاظ عليها فقط لمن يقل دخلهم عن 400 ألف دولار سنوياً.
وقالت "سيكون من الضروري أيضاً" سداد أي مخصصات تجد طريقها إلى التمديد من خلال الإيرادات الجديدة. وأضافت أن إحدى الطرق للمساعدة في تمويل ذلك هو تنفيذ اتفاقية الحد الأدنى للضرائب العالمية على الشركات لعام 2022. وأضافت: "عليك أن تفعل أكثر من ذلك، ولكن هذا ثمن يتعين دفعه".
تتضمن ميزانية بايدن، التي صدرت في مارس، زيادات ضريبية لا تقل عن 100 مليون دولار على المكاسب الرأسمالية وعلى الأسر، من بين عدد كبير من مقترحات زيادة الإيرادات التي يعارضها الجمهوريون.
شكوك فورمان
أشارت يلين إلى أنه "إذا كنا في عالم الفائدة الصفرية، واعتقدنا أن هذا وضع مستدام على المدى الطويل"، فإن الطريق نحو صافي تكاليف فائدة التمويل لدى الاحتياطي الفيدرالي سيكون أقصر.
تجدر الإشارة إلى تغير وجهات نظرها بشأن المكان الذي ستستقر فيه تكاليف الاقتراض مع مرور الوقت على ما يبدو. ففي أكتوبر الماضي، قالت: "من الممكن تماماً أن نشهد انخفاضاً في العوائد الطويلة الأجل"، إذ إن العديد من الاتجاهات الأساسية التي أدت إلى انخفاضها في الماضي "لا تزال موجودة".
وبينما يركز العديد من المراقبين على نسبة الدين الإجمالية إلى الناتج المحلي الإجمالي، زعم جيسون فورمان ولورانس سمرز من جامعة هارفارد في بحث عام 2020 أن صناع السياسات النقدية يجب أن ينظروا بدلاً من ذلك إلى منع صافي الفائدة الحقيقية من الارتفاع فوق 2% من الناتج المحلي الإجمالي. وسمرز هو وزير خزانة سابق ويظهر على "تلفزيون بلومبرغ" مقابل أجر.
قال فورمان، كبير الاقتصاديين السابق في البيت الأبيض في إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، العام الماضي إن نسبة 2% ليست واجبة.
وأوضح فورمان في مقابلة أجريت معه في مايو الماضي: "يعتمد الأمر على النظر إلى التجارب في البلدان الأخرى، والتجربة التاريخية في الولايات المتحدة، وحدسنا. لست متأكداً من أن هذا صحيح".