زادت واردات اليابان في أبريل بعدما أدى ضعف الين إلى ارتفاع قيمتها، مما دفع الميزان التجاري للبلاد إلى العجز، وسلط الضوء على العبء الاقتصادي المتزايد الناجم عن تراجع العملة.
ذكرت وزارة المالية، اليوم الأربعاء، أن الواردات ارتفعت بنسبة 8.3% عن العام الماضي، مقارنة بالتوقعات المتفق عليها البالغة 8.9%. وسجل الميزان التجاري عجزاً قدره 462.5 مليار ين (3 مليارات دولار)، من فائض قدره 387 مليار ين في شهر مارس. كذلك، تقدمت الصادرات بنسبة 8.3%، مقارنة بتوقعات زيادة قدرها 11%.
ازدادت الصادرات بفضل شحنات السيارات، حيث تعافى القطاع من فضيحة اختبارات السلامة المزورة التي عطلت إنتاج كافة مصانع شركة "دايهاتسو موتور" (Daihatsu Motor)، وهي شركة تابعة لـ"تويوتا"، خلال معظم أوقات الربع الأول. كما ارتفعت صادرات معدات تصنيع أشباه الموصلات والمكونات الإلكترونية مثل الرقائق، وتلقت الواردات دفعة من النفط الخام والطائرات.
آلام اقتصادية تؤرق اليابان
يعكس العجز التجاري، الذي يشكل عاملاً سلبياً للناتج المحلي الإجمالي، الألم الاقتصادي المتزايد المرتبط بعملة اليابان الضعيفة. وبالرغم من أن ضعف الين أسهم في تعزيز أرباح المصدرين مثل "تويوتا موتور"، إلا أنه تسبب أيضاً في ارتفاع تكاليف واردات كل شيء بدءاً من الوقود والمواد الغذائية وصولاً إلى المواد الخام اللازمة للتصنيع.
قال تارو سايتو، الاقتصادي في معهد أبحاث "إن إل آي" (NLI)، إن "السيناريو الرئيسي الذي أتصوره هو تباطؤ التضخم الناتج عن التكاليف، وانتعاش الاستهلاك، مع ظهور تأثير ارتفاع الأجور"، وأضاف: "لكن سيناريو المخاطرة الذي أتوقعه هو أن الين الأضعف سيفاقم التضخم الناتج عن زيادة التكاليف ويضر بالاستهلاك".
مع تداول العملة اليابانية حول أدنى مستوياتها مقابل الدولار منذ 34 عاماً، أفادت غالبية الشركات اليابانية في مسح أن الأمر أصبح يمثل مشكلة أكبر لأنه يضغط عليها لتمرير تكاليف المواد الخام المتزايدة إلى العملاء عبر رفع الأسعار. ويتطلع البعض إلى الخطوات التي سيتخذها بنك اليابان لإصلاح هذا الوضع، حيث تعد الفجوة الواسعة في أسعار الفائدة في اليابان مقابل الولايات المتحدة عاملاً رئيسياً يؤجج هذا الاتجاه. وحذر محافظ البنك المركزي، كازو أويدا، من الضعف المفرط للين في وقت سابق من مايو.
تأثيرات متباينة على اقتصاد اليابان
يحمل الطلب القوي في الأسواق الخارجية، خاصة في الولايات المتحدة، تداعيات متباينة بالنسبة لليابان. وهذا قد يساعد على نمو الاقتصاد في الربع الحالي بفضل الصادرات القوية، كما أنه يبرز قوة الاقتصاد الأميركي. وبحسب المنطقة، ارتفعت الصادرات إلى الولايات المتحدة والصين بنسبة 8.8% و9.6% على التوالي، فيما انخفضت الصادرات إلى أوروبا بنسبة 2%.
من جانبه، قال تارو كيمورا، الاقتصادي لدى "بلومبرج إيكونوميكس"، إن "صادرات اليابان القوية في أبريل تعد إشارة جيدة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني سينتعش من الانخفاض المسجل في الربع السابق والذي كان يرجع بشكل كبير إلى ضعف الشحنات الصادرة. كما ساعد تسارع صادرات السيارات في دفع المكاسب الشاملة الأسرع التي تحققت الشهر الماضي".
دفعت قوة الاقتصاد الأميركي الاقتصاديين للتراجع عن توقعاتهم بشأن خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي للفائدة، وبالتالي ارتفعت قيمة الدولار نتيجة لذلك.
الين نقطة محورية
بلغ متوسط سعر الين 151.66 ين مقابل الدولار في أبريل، وهو أقل بنحو 15% عن العام الماضي، وفقاً لوزارة المالية. وتشير التحركات الحادة الأخيرة للين بعد انخفاضه إلى ما دون 160 مقابل الدولار في أواخر أبريل إلى تدخل السلطات في الوزارة في سوق الصرف الأجنبي لدعمه.
أصبح الين الضعيف نقطة محورية ليس فقط للتجارة، بل أيضاً للاقتصاد وصُنع السياسات. وهذا الأمر يحيي المخاوف بشأن التضخم الناتج عن التكاليف، والذي يؤثر على الاستهلاك، بينما ينتظر بنك اليابان ليرى ما إذا كان نمو الأجور سيساعد المستهلكين على التكيف مع تكاليف المعيشة المرتفعة من خلال الإنفاق المتنامي، ما قد يشعل التضخم نتيجة الطلب.
انكمش رابع أكبر اقتصاد في العالم خلال الربع الأول مع خفض المستهلكين والشركات للإنفاق. ويُتوقع بشكل كبير أن ينتعش في الربع الثاني، رغم بعض المخاوف المتعلقة باحتمالية حدوث ركود تضخمي، حيث ترتفع الأسعار حتى مع تعثر النمو.