ارتفع سعر النحاس إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، مواصلاً سلسلة صعوده القوي الممتدة منذ عدة أشهر، بدعم من إقبال مستثمري القطاع المالي الذين يتوقعون تفاقم نقص إمدادات المعدن.
قفزت العقود المستقبلية في بورصة لندن للمعادن بأكثر من 4% في مستهل التداولات صباح اليوم الاثنين، مما دفع سعر النحاس لتجاوز عتبة 11 ألف دولار للطن لأول مرة.
تشهد السوق كثيراً من التوقعات الصعودية التي تتزامن مع مساعي شركة "بي إتش بي غروب" إلى الاستحواذ على منافستها "أنغلو أميركان" (Anglo American)، حيث تعتبر مناجم النحاس التي تملكها الأخيرة دافعاً رئيسياً وراء الصفقة.
كما ظهرت العديد من التطورات خلال العام الجاري التي دعمت بدورها توقعات صعود سعر النحاس، وجذبت استثمارات مجموعة واسعة من المضاربين. ومنها: نقص إمدادات النحاس الذي دفع المسابك إلى مناقشة خفض الإنتاج، والتغطية الإجبارية للمراكز المكشوفة في بورصة العقود المستقبلية بنيويورك خلال الشهر الجاري، والتي أدت إلى اندفاع كثيرين نحو تأمين إمدادات المعدن الأحمر.
قال كريغ لانغ، كبير المحللين في مؤسسة "سي آر يو غروب" (CRU Group) البحثية، عبر مكالمة هاتفية من سنغافورة: "صعدت هذه التطورات بالأسعار إلى مستوى قياسي، ويُصعب التنبؤ بالمستوى الذي سيرتفع إليه سعر النحاس في ظل الوضع الحالي. فأسواق السلع الأولية تميل عادة إلى المبالغة في الصعود".
تحذيرات من نقص إمدادات النحاس
حذّر المستثمرون والتجار والمديرون التنفيذيون في شركات التعدين لسنوات من أن العالم يواجه نقصاً بالغاً في النحاس، وسط تضخم الطلب في الصناعات المراعية للبيئة، بما في ذلك صناعة المركبات الكهربائية والبنية التحتية للطاقة المتجددة. ولفت الخبير المخضرم في السلع الأولية، جيف كاري، الأسبوع الماضي إلى أن العقود طويلة الأجل للنحاس كانت أفضل رهان استثماري بين السلع على الإطلاق.
وارتفع سعر النحاس في بورصة لندن 3% إلى 10992.50 دولار للطن في تمام الساعة 12:04 ظهراً بتوقيت شنغهاي اليوم الاثنين.
اقرأ أيضاً: سعر النحاس يقفز لأعلى مستوى في عامين وسط توقعات نقص المعروض
صعدت الأسعار بأكثر من الربع منذ مطلع العام، فيما تصدرت المعادن الصناعية الأساسية المكاسب على مستوى القطاعات. وارتفع سعر الذهب أيضاً إلى مستوى قياسي مع النحاس، مدعومين بالتفاؤل المحيط باقتراب بدء الاحتياطي الفيدرالي الأميركي من خفض أسعار الفائدة هذا العام.
لكن على الجانب الآخر، حذر عدة مشاركين في السوق الفعلية من أن ارتفاع أسعار النحاس مبالغ فيه. فما يزال الطلب ضعيفاً نسبياً، بالأخص في الصين التي تعد أكبر دولة مستوردة، وما تزال مستويات المخزونات هناك مرتفعة.
توجيه إمدادات النحاس إلى أميركا
تثير سلسلة من العقبات شهدتها المناجم الكبرى مخاوف من حدوث نقص في الإنتاج بموعد أبكر من المتوقع، حيث تدهورت تكلفة المعالجة بالمسابك -التي تعد مؤشراً لنقص الإمدادات في سوق الخام- إلى أقل من الصفر تقريباً في أبريل.
كما أن أزمة التغطية الإجبارية للمراكز المكشوفة في بورصة "كومكس" (Comex) للعقود الآجلة في نيويورك أدت إلى فرض علاوة سعرية غير مسبوقة على الأسعار في بورصة لندن للمعادن، مما أدى إلى موجة من إعادة توجيه إمدادات المعدن الأحمر إلى الولايات المتحدة، وهو ما ينذر بدوره بنقص الإمدادات المتاحة للدول الأخرى.
غونغ مينغ، المحلل لدى "جين روي فيوتشرز" (Jinrui Furtures)، قال في مكالمة هاتفية: "أزمة التغطية الإجبارية للمراكز المكشوفة في بورصة كومكس تؤدي إلى إعادة توجيه إمدادات النحاس إلى الولايات المتحدة، مع نقص الإمدادات في دول أخرى". وتوقع مينغ أن "تسحب الصين من مخزوناتها قريباً في ضوء ارتفاع الصادرات".