ربما تكون المحادثات رفيعة المستوى بين المسؤولين من بكين وواشنطن قد انهارت وتحوَّلت إلى مشاحنات، لكن المزارعين الأمريكيين ما زالوا يبيعون شحنات محملة بالذرة إلى المستوردين الصينيين.
إذ أعلنت وزارة الزراعة الأمريكية عن 4 ملايين طن متري من مبيعات الذرة إلى الصين الأسبوع الماضي. هذا بالإضافة إلى بيع 5 ملايين طن في يناير وفبراير، أو أكثر من خمسة أضعاف الكمية التي تم بيعها في العام السابق.
ويظهر في هذا الشأن ما كان يأمله بعض المزارعين منذ فترة طويلة، ومضمونه أنه عندما ستحتاج الصين إلى شراء محاصيل كبيرة مثل الذرة، لن يكون أمامها خيار سوى القيام بأعمال تجارية مع الولايات المتحدة.
وفي هذا السياق، قال كين موريسون، وهو تاجر سلع مستقل يعمل في سانت لويس، عبر البريد الإلكتروني: "لطالما أن الولايات المتحدة هي المُصدِّر الأكثر تنافسية من ناحية الأسعار، فإن التجارة مع الصين ستكون خارج ضجيج السياسة".
ويذكر أنه خلال حرب "دونالد ترمب" التجارية مع الصين، تباطأ طلب البلاد على المحاصيل الأمريكية حيث تحوَّلت أكبر مشترية للذرة وفول الصويا في العالم إلى البرازيل لكي تلبي طلبها.
لكن هذا يتوافق أيضاً مع وقت كان فيه قطيع الخنازير في الدولة الآسيوية يعاني من حمى الخنازير الأفريقية القاتلة، مما حد من الحاجة إلى علف الماشية.
وحالياً، بعد إعادة بناء قطيع الخنازير، عاد الطلب إلى الارتفاع مرة أخرى. بالإضافة إلى ذلك، يحصل كل هذا في وقت عانى فيه مزارعو أمريكا الجنوبية من بعض الأحوال الجوية السيئة واستنفدت الصين مخزوناتها من الذرة.
ونتيجة لذلك، اشترت الصين كمية قياسية من الذرة هذا الموسم، ومشتريات فول الصويا تجري عند أعلى مستوى لها منذ عام 1991، وفقاً لبيانات وزارة الزراعة الأمريكية.
وقد أرسل هذا الوضع العقود الآجلة للسلع إلى أعلى مستوياتها في عدة سنوات. بل إن هناك بعض التكهنات بأن المشتريات الزراعية يمكن أن تنعكس بإيجابية على المفاوضات الأوسع بين البلدين.
رسائل إيجابية
وفي هذا الصدد، قال جون بايز، محلل تجارة المنتجات الزراعية المستقل المقيم خارج واشنطن: "من المثير للاهتمام إن عمليات الشراء حدثت في أسبوع الاجتماع". وأضاف قائلاً: "لقد أرادت الصين إرسال إشارة إيجابية، ولطالما كانوا في الصين جيدين في اختيارهم لتوقيت هذه الأشياء".
وقال بايز، الذي يقدم أيضاً المشورة لمجلس تصدير فول الصويا في الولايات المتحدة، إنه يعتقد أن مبيعات الذرة إلى الصين التي أبلغت عنها وزارة الزراعة الأمريكية الأسبوع الماضي تمثل طلباً جديداً، أكثر من كونها حجوزات تم إجراؤها سابقاً ثم تحولت إلى البائعين الأمريكيين.
ومع ذلك، فشلت الصين في عام 2020 في الوفاء بتعهدها بشراء 36.5 مليار دولار من السلع الزراعية الأمريكية خلال العام الأول من اتفاق المرحلة الأولى التجاري.
ويتوقع بايز أن الطلب القوي سيستمر، ويقول إن هذا سيفيد أسواق الحبوب حتى لو لم تفي الصين مرة أخرى بالتزاماتها، والتي تبلغ حوالي 43.5 مليار دولار لعام 2021.
ويقول دان سيكندر، وهو مزارع الذرة وفول الصويا من الجيل الرابع في وسط إلينوي: "المحصلة النهائية هي أن الصين تحتاج إلى شراء الكثير من الحبوب، لذلك، سيحتاج الأمر لأن يحصل شيء شديد الخطورة حتى تتوقف الصين عن شراءالسلع الزراعية الأمريكية".