يبدو أنَّ الأجواء الاحتفالية التي تصاحب تداولات الأسهم في أولى أيام الإدراج في بورصة هونغ كونغ على وشك الانتهاء.
على الرغم من تفشي الجائحة على مدار العام الماضي، كان هناك إقبال شديد من المستثمرين من المؤسسات والأفراد على الاكتتابات العامة الأولية في المدينة الصينية خارج البلاد. وقد انعكست نشوة المستثمرين على المكاسب الكبيرة التي تتحقَّق من تداولات الأسهم الجديدة في اليوم الأول للإدراج.
ولكن استراتيجية المستثمرين الرابحة إلى حدٍّ كبير التي اتبعوها العام الماضي، والمتمثِّلة في الدخول باكتتابات عامة، والخروج بعد التداول لم تعد ناجحة، بل وجِّهت إليهم ضربة قاضية بعدما سجَّلت 31% من الاكتتابات الأولية الثلاثة عشر التي جمعت أكثر من 100 مليون دولار منذ بداية العام خسائر في أولى أيام تداولاتها، وهو ما يقرب من ضعف معدَّل العام الماضي البالغ 17%.
وبحسب بيانات جمعتها بلومبرغ، بلغ متوسط مكاسب اليوم الأول للتداول نحو 2.1% في العام 2021 مقارنة بمتوسط بلغ 5.7% العام الماضي.
وأرجع مستثمرون السبب في تلك التقلُّبات إلى التحوُّل للاستثمار في الأسهم الأكثر حساسية للتقلُّبات الاقتصادية، التي شهدت عزوفاً خلال الفترة الأخيرة على حساب الخروج من أسهم شركات التكنولوجيا ذات القيمة المتضخِّمة، وكذلك أسهم الرعاية الصحية. في حين أشار آخرون إلى المخاوف بشأن تشديد السياسة النقدية في الصين، التي تؤثِّر على شهية المستثمرين للمخاطرة تجاه شراء الأسهم الجديدة، وخاصة للشركات الأقل شهرة.
قالت غوهي آن، مدير صندوق استثمار في شركة "ميراي للاستثمار" في الأصول العالمية: "كان أداء معظم الاكتتابات الأولية قوياً العام الماضي، لكني لا أتوقَّع استمرار الزخم هذا العام". وأضافت آن، بأنَّ سيولة السوق "لن تكون وفيرة كما كانت من قبل".
تذبذب الأداء
تبقى هناك بعض عمليات الإدراج الاستثنائية، مثل "كويشو تكنولوجي"، و"نيو هوريزون" للخدمات الصحية، فقد ارتفعتا خلال تداولات شهر فبراير، ونجحتا في مضاعفة سعر سهمها في اليوم الأول للتداولات. لكنَّ الأداء الفاتر بعد الإدراج آخذ في الازدياد. فقد تراجع سهم شركة المبيدات الحشرية المنزلية الصينية "شيروين غروب" بما يصل إلى 20% في أوَّل يوم تداول لها الأسبوع الماضي. كذلك انتهت شركة الأدوية البيولوجية "سيكلون هولدنغ" لصناعة الأدوية من إجراءات الإدراج في 3 مارس، في حين يتداول سهم الشركة في الوقت الحالي بأقل من سعر الطرح بنسبة 8.6%.
كذلك لم يشهد الإدراج الثاني لأسهم للشركات الصينية المدرَجة بالأساس في الولايات المتحدة الزخم نفسه الذي كانت تشهده من قبل عند الإدراج لأوَّل مرة في بورصة هونغ كونغ. فقد أنهى سهم شركة "أوتوهوم" الموقع الإلكتروني الصيني لبيع السيارات على الإنترنت، والمدرَج في بورصة نيويورك ظهوره الأول في هونغ كونغ يوم الإثنين بارتفاع متواضع، بلغت نسبته 2% فقط.
ويأتي الأداء الخافت بشكل متزايد للأسهم في أولى أيام التداول في بورصة هونغ كونغ ضمن اتجاه عالمي أصبح فيه المستثمرون أكثر انتقاءً بشأن الصفقات التي يستثمرون فيها. فعلى سبيل المثال؛ يستمر زخم طروحات شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة في الولايات المتحدة، ولكن ليس بالوتيرة نفسها. فقد تمَّ تداول بعض الإدراجات الجديدة بسعر منخفض مقارنة بأسعار الاكتتاب العام في اليوم الأول من التداول. ومع ذلك، لا يشعر الجميع بالقلق.
وقال سوميت سينغ، رئيس إدارة الأبحاث في شركة "إيكويتيز للأبحاث" في سنغافورة الذي ينشر على موقع سمارت كارما: "هذا يعني أنَّ السوق يعمل بشكل جيد".
التحقق من الواقع
ستتمُّ مراقبة الإدراجات المقبلة لشركات تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات مثل : "بايدوط، و"بيلي بيلي" عن كثب؛ وذلك لمعرفة ما إذا كان سوق الاكتتابات العامة في هونغ كونغ لا يزال يتمتَّع بقوة، نظراً لحجمها ومكانتها كشركات تقنية.
وسيبدأ التداول على أسهم شركة "بايدو" في 23 مارس، وسيتمُّ تسعيرها بخصم يبلغ 3% على سعر أسهمها المتداولة في الولايات المتحدة. وقد شهدت العروض التسويقية للطرح طلباً قوياً من المستثمرين، فقد بلغت إجمالي طلبات المستثمرين الأفراد ما يقرب من 100 ضعف الأسهم المعروضة، وفقاً لشخص مطَّلع على الأمر.
كذلك تخطِّط منصة بث الفيديو "بيلي بيلي" التي تتطلَّع إلى جمع ما يصل إلى 3.2 مليار دولار في الإدراج الثاني إلى الظهور لأوَّل مرة في بورصة هونغ كونغ في 29 مارس.
وقال أوليفر كوكس مدير الصناديق الأفضل أداءً في "جي بي مورغان" لإدارة الأصول: "لست قلقاً بالتأكيد" بشكل عام. وأضاف: "لا تزال جودة الأصول، وآفاق نمو الأرباح طويلة الأجل للشركات التي نراها في السوق عالية جداً"، كما أنَّ تسعير الاكتتابات العامة لا يؤثِّر على ذلك.