تلاشى حماس وول ستريت للأسهم الأميركية في ظل تردد العديد من المتداولين في الاستمرار في الشراء بعد صعود الأسهم القوي في أوائل مايو.
أغلق مؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500) دون تغير يذكر، دون مستوى 5200 نقطة الذي لامسه لفترة وجيزة هذا الأسبوع. قاد سهما "تسلا" و"ألفابت" الشركة الأم لـ"غوغل"تراجع أسعار أسهم الشركات الكبرى. وهوى سعر سهم "إنتل" مع توقعها هبوط إيراداتها "إلى ما دون نقطة متوسط" التوقعات الصادرة سابقاً، بعد الحظر الأميركي على صادرات الرقائق إلى شركة "هواوي تكنولوجيز". وظلت أسعار سندات الخزانة منخفضة بعد أن شهد بيع سندات مدتها 10 سنوات بقيمة 42 مليار دولار طلباً ضعيفاً.
أميركا تلغي تراخيص "إنتل" و"كوالكوم" لبيع الرقائق لشركة "هواوي"
إعادة تقييم الأمور
قال استراتيجيو "بيسبوك انفستمنت غروب" (Bespoke Investment Group): "كل هذه المكونات تخلق وصفة مثالية لذريعة للمستثمرين للتراجع بعد صعود السوق الأخير وإعادة تقييم الأمور".
في سياق مواز، قال استراتيجيو "سيتي غروب" إن عدم وجود اقتناع بين المستثمرين بالشراء في الارتداد الأخير للأسهم الأميركية يظهر أن السوق أبعد ما تكون عن التحول إلى الاتجاه الصعودي بالكامل. أشار فريق بقيادة كريس مونتاغو إلى أن التفكيك الأخير لمراكز البيع على المكشوف قد جعل مؤشر "إس آند بي 500" أقرب من صافي الشراء، لكن يبدو أن المستثمرين مترددون في الإضافة إلى مراكزهم الشرائية الحالية.
أوضح مونتاغو: "التدفقات تحكي قصة الحماس المحدود، مع وجود عدد قليل من المراكز الشرائية الجديدة، وزيادة هامشية فقط في الرغبة في المخاطرة".
يحوم مؤشر "إس آند بي 500" بالقرب من 5190 نقطة، بعد أكبر ارتفاع له على مدى أربعة أيام منذ نوفمبر. وارتفعت عائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات ثلاث نقاط أساس إلى 4.49%.
ارتداد محدود وتقييم مرتفع
بعد تراجعها الشهر الماضي، استأنفت مؤشرات الأسهم صعودها في أوائل مايو، إذ عززت أرباح الشركات القوية المعنويات وتزايدت التكهنات بأن الاحتياطي الفيدرالي سيتمكن من خفض أسعار الفائدة هذا العام. وبعد الارتفاع الأخير بات مؤشر "إس آند بي 500" يبتعد بحوالي 1% عن أعلى مستوى له على الإطلاق.
ومع ذلك، فإن الارتداد من أدنى مستويات أبريل كان محدوداً، وفق مات مالي من "ميلر تاباك+كو" (Miller Tabak + Co). وأضاف: "هذه ليست نهاية العالم. لكن سيكون الأمر أكثر إيجابية إذا اتسع مجال هذا الارتفاع خلال الأيام والأسابيع المقبلة، بالنظر إلى أن السوق أغلى بكثير مما كانت عليه في هذا الوقت من العام الماضي".
غياب المحفزات
أدى ارتفاع مؤشر "إس آند بي 500" منذ نهاية أكتوبر وحتى أبريل ليُتداول بأرباح تعادل 20 ضعف الأرباح المتوقعة، أي حوالي 11% أعلى من متوسطه على مدى عشر سنوات. يبحث المتداولون الآن عن أسباب لتبرير التقييمات المرتفعة، ويريدون رؤية نمو أكبر في المستقبل.
يشير ارتفاع الأسهم الأخير إلى أن المتداولين يحركهم "الخوف من تفويت الفرصة" أكثر من الثقة بشأن الأساسيات، حيث لا يزال هناك عدم يقين بشأن الاتجاه الذي ستتجه إليه الأرباح، فضلاً عن المحفزات القليلة للسوق في الأفق، وفق ديفيد باهنسن، كبير مسؤولي الاستثمار في "بانسن غروب" (Bahnsen Group).
وأشار إلى أنه "مع عدم وجود تخفيضات محتملة في أسعار الفائدة حتى يوليو، وليس من المحتمل حتى سبتمبر. كما أن موسم الأرباح القادم سيبدأ بعد شهرين، لا توجد محفزات واضحة لتغيير الاتجاه المستقبلي القريب للأسهم بخلاف التكهنات حول نقاط البيانات المختلفة".
الإبقاء على أسعار الفائدة
أرقام التضخم المنتظر صدورها الأسبوع المقبل ستقدم رؤى جديدة حول الاقتصاد الأميركي بعد أن أظهرت بيانات التوظيف الصادرة يوم الجمعة أن سوق العمل تهدأ. أشارت رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن سوزان كولينز يوم الأربعاء إلى أنه من المرجح الإبقاء على أسعار الفائدة عند أعلى مستوى لها منذ عقدين لفترة أطول مما كان يعتقد سابقاً لتقليل الطلب وتقليل ضغوط الأسعار.
الاحتياطي الفيدرالي يبقي أسعار الفائدة دون تغيير للمرة السادسة
قال مارك هاكيت من "نيشن وايد" (Nationwide): "على الرغم من عدم وجود أخبار جيدة بشأن التضخم، إلا أن هناك جانباً مشرقاً للمستثمرين الصبورين. بينما يمدد الاحتياطي الفيدرالي خطة تخفيضات أسعار الفائدة، تظهر البيانات التاريخية أن فترات توقف الاحتياطي الفيدرالي (عن خفض الفائدة) الأطول غالباً ما ترتبط بعوائد أفضل على الأسهم. وهذا من شأنه أن يعطي المستثمرين أسباباً للتفاؤل".
في الواقع، كانت فترات التوقف (عن خفض الفائدة) الطويلة بناءة بالنسبة للأسهم، وفقاً لدراسة أجراها ريان غرابنسكي من "ستراتيجاس" (Strategas).
وألمح إلى أن "أطول فترة توقف من يونيو 2006 إلى سبتمبر 2007 حققت فيها سوق الأسهم أفضل عائد. لقد وصلنا إلى النقطة التي من المرجح أن يعني فيها خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة أن المشكلات تتفاقم".
ستستمر أرباح الشركات القوية في دفع مؤشر "إس آند بي 500" لأعلى صوب 5500 نقطة بحلول نهاية هذا العام مع تحسن هوامش الربح، وفق "سوسيتيه جنرال". وكتب رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في الشركة مانيش كابرا: "الأرباح هي الأساس في هذه الدورة"، مضيفاً أن عام 2024 يجب اعتباره "عاماً تضخمياً، وليس عاماً للركود التضخمي" حيث من المتوقع أن يتسارع نمو ربحية الأسهم بشكل أكبر.
الشركات تعول على هوامش الأرباح
حطمت شركات مؤشر "إس آند بي 500" توقعات نمو الأرباح من جديد في الربع الأول، مما أدى إلى زيادة المحللين للحدود الدنيا والعليا لتوقعات الأرباح، لكن التوجيهات تشير إلى اعتماد كبير على الهواش لتلبية التوقعات المستقبلية، وفق جينا مارتن آدامز من بلومبرغ إنتليجنس.
وأشارت إلى أن "الأرباح تسير على طريق التعافي الآن بعد انتهاء ركود 2022-2023، ويجب أن تعود إلى نمو يفوق 10% بمشاركة واسعة النطاق في وقت لاحق من هذا العام. ومع ذلك، من المتوقع أن يحوم نمو المبيعات في نطاق حول 5% حتى عام 2026، مما يشير إلى أن انتعاش الأرباح يعتمد في الغالب حتى الآن على توسيع الهوامش وسط خفض التكاليف وتخفيف ضغوط التضخم".
هل تنقذ نتائج الأعمال أسهم التكنولوجيا الأميركية من جني الأرباح؟
كان هناك انتعاش في ربحية الأسهم مع خروج العديد من الصناعات من "فترات الركود المستمرة في أرباح الأسهم"، وفق إيرين براون وإيمانويل شريف من "باسيفيك انفستمنت مانجمنت" (Pacific Investment Management).وهذا يعني أن قطاعات الأسهم المختلفة تواجه تراجعات في الأرباح في أوقات مختلفة ثم تتعافى، واحداً تلو الآخر، على مدى عدة أرباع.
وأضافا أن قطاع النمو في مؤشر "إس آند بي 500" -الذي تهيمن عليه أسهم التكنولوجيا- مر بركود في ربحية الأسهم في 2022، ثم تعافى في 2023، في حين كانت ربحية الأسهم في معظم القطاعات الأخرى تتقلص.
وأشارا إلى أنه "مع تقدمنا في 2024، نتوقع أن تخرج الأسهم الدفاعية والدورية من فترة انكماش أرباحها، مما قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في الأسعار. الاتجاهات الكلية والإشارات الداعمة جعلتنا نزيد تعرضنا بشكل متواضع في الأسهم في المحافظ متعددة الأصول".
ترقب نتائج أعمال شركات التجزئة
ووسط تباطؤ نمو الوظائف وتراجع ثقة المستهلكين، سيحول المستثمرون الآن تركيزهم إلى أرباح شركات تجارة التجزئة الكبرى مثل "وولمارت" و"تارغت كورب" لقياس عادات الإنفاق لدى المتسوقين.
ينتظر أن تقدم الشركتان نتائج أعمالهما خلال الأسبوعين المقبلين، مع إمكانية التأثير على توقعات النمو الاقتصادي وأسهم التجزئة، التي تتخلف عن السوق الأوسع في 2024.
في هذه الأثناء، تتفوق شركات المرافق على مؤشر "إس آند بي 500" بوتيرة قوية منذ أن وصل مؤشر الأسهم إلى القاع الشهر الماضي، وهو تحول دفاعي يشكل حاجزاً أمام المضاربين على الارتفاع على المدى القصير إذا كان المتداولون يستخدمون القطاعات المرتبطة بالسندات كأسهم قيادية.
ارتفع مؤشر قطاع المرافق، الذي يشمل الشركات التي توفر الكهرباء والمياه والغاز والمعروفة بمدفوعات أرباحها المتسقة، بنسبة 11% في 15 جلسة حتى يوم الثلاثاء، وهو معدل مذهل تم تجاوزه آخر مرة في فترة الوباء في 2020، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ.
أداء أبرز المؤشرات:
- أغلق مؤشر "إس آند بي 500" دون تغيير يذكر حتى الساعة الرابعة مساءً بتوقيت نيويورك.
- استقر مؤشر "ناسداك 100" عند نفس مستواه.
- ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي 0.4%.
- صعد مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري 0.2%.
- انخفض سعر "بتكون" 1.3% إلى 62180.27 دولار.