يُنتظر أن تعلن شركات التكنولوجيا الكبرى عن نتائج أعمالها الأسبوع المقبل، في الوقت المناسب تماماً للمستثمرين الذين يبحثون عن انتعاش مدعوم بالذكاء الاصطناعي لمؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500) بعد تسجيله للتو من أسوأ أسبوع له منذ أكثر من عام.
ستعلن شركات "مايكروسوفت"، و"ميتا بلاتفورمز"، و"ألفابت" الشركة الأم لـ"غوغل"، و"تسلا"، وجميعها من بين ما يسمى بمجموعة شركات التكنولوجيا الكبرى "العظماء السبعة"، نتائج أعمالها الأسبوع المقبل. وتتعرض أسهم التكنولوجيا لضغوط بيعية دفعت مؤشر "ناسداك 100" لتكبد أكبر انخفاض أسبوعي له منذ نوفمبر 2022 وسط سلسلة خسائر استمرت أربعة أسابيع، وهي الأطول منذ ديسمبر 2022. وحتى محبوبة الذكاء الاصطناعي "إنفيديا" تعرضت لضربة قوية أفقدت سهمها 10% من قيمته يوم الجمعة، لتفقد الشركة 212 مليار دولار من قيمتها السوقية في أسوأ يوم لها منذ جائحة كوفيد في مارس 2020.
أمل يلوح في الأفق
لكن الأمل يلوح في الأفق. من المتوقع أن ترتفع أرباح مجموعة "العظماء السبعة" - والتي تشمل أيضاً "أبل"، و"أمازون"، و"إنفيديا"- بنسبة 38% في الربع الأول مقارنة بالعام الماضي، ليتضاءل أمامها إجمالي نمو أرباح شركات مؤشر"إس آند بي 500" البالغ 2.4% على أساس سنوي، وفقاً لبيانات بلومبرغ إنتليجنس.
من المرتقب أن تعلن حوالي 178 شركة مدرجة على مؤشر "إس آند بي 500"، تمثل أكثر من 40% من القيمة السوقية للمؤشر، نتائج أعمالها الأسبوع المقبل. لكن أكبر التوقعات تتعلق بشركات التكنولوجيا الكبرى.
إنفيديا
ورغم ذلك، تكمن المشكلة في أنه عند استبعاد "إنفيديا"، الشركة الرائدة في صناعة الرقائق لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، فإن النمو المتوقع لصافي الدخل للمجموعة سينخفض إلى 23%، وتصبح خطط الذكاء الاصطناعي أكثر هشاشة. تجدر الإشارة إلى أن "إنفيديا"، التي أطلق قسم التداول في"غولدمان ساكس" على سهمها لقب"الأكثر تأثيراً في العالم الآن"، لن تعلن عن أرباحها قبل شهر آخر.
قال أنتوني ساجليمبيني، كبير استراتيجيي السوق في "أميريبرايز فاينانشال" (Ameriprise Financial): "(إنفيديا) هي الشركة التي تضع بالفعل التقديرات وتتجاوزها، ولكن بالنسبة للتكنولوجيا ككل، خاصة إذا كان الأمر متعلق بالذكاء الاصطناعي، فقد أصبح المستثمرون أكثر تمييزاً بعض الشيء عندما يتعلق الأمر بالأرباح. يريد المستثمرون أن يروا أن الشركات بدأت بالفعل في رؤية النمو من خلال الذكاء الاصطناعي، أو على الأقل أن لديها خطة موثوقة للنمو من خلال الذكاء الاصطناعي".
شكوك
تنعكس هذه الشكوك على أسعار أكبر أسهم التكنولوجيا في العالم. في حين أنها كانت مسؤولة عن الجزء الأكبر من صعود أسعار الأسهم لهذا العام، فقد خسرت أكثر من 930 مليار دولار من قيمتها منذ أن وصل مؤشر "ناسداك 100" إلى ذروته الشهر الماضي، في ظل رفع المتداولين الرهانات على أن أسعار الفائدة ستبقى أعلى لفترة أطول.
سيتعرف المستثمرون على بوادر (نتائج الأعمال) يوم الثلاثاء، عندما تعلن "تسلا" عن أرباحها بعد إغلاق السوق. كما ستفصح "ميتا" عن نتائجها يوم الأربعاء، تليها "مايكروسوفت" و"ألفابت" يوم الخميس. وستظهر نتائج أعمال "أبل" و"أمازون" في الأسبوع التالي. وينتظر أن تعلن "إنفيديا" عن نتائجها في 22 مايو.
"ميتا بلاتفورمز"
تعد "ميتا" هي الأبرز بين الشركات التي ستعلن عن نتائج أعمالها الأسبوع المقبل، إذ ارتفع سعر سهمها 36% هذا العام، مقارنة بمكاسب تبلغ حوالي 10% لسهم "ألفابت"، و6% لـ"مايكروسوفت"، مقارنة بهبوط سعر سهم "تسلا" حوالي 41%.
من المتوقع أن تظهر نتائج أعمال الشركة الأم لـ"فيسبوك" نمواً في الإيرادات بنسبة 26% في هذا الربع، ومضاعفة صافي الأرباح تقريباً عن العام الماضي. إذ استثمرت الشركة بشكل كبير في الذكاء الاصطناعي لتحسين استهداف الإعلانات والتوصية بالمحتوى لقاعدة مستخدميها الضخمة.
"مايكروسوفت"
ومن المتوقع أيضاً أن تستفيد "مايكروسوفت" من الذكاء الاصطناعي، حيث قامت بتطبيق مساعد "كوبايلوت إيه آي" (Copilot AI) في منتجاتها، بما في ذلك الأوفيس ومنصة الترميز "غِت هَب" (GitHub). في الربع الأخير، أدى الطلب على منتجات الذكاء الاصطناعي إلى زيادة النمو في أعمالها الرئيسية المتعلقة بالخدمات السحابية من "آزور"، ومن المتوقع أن تحقق نمواً يزيد عن 15% في الإيرادات والأرباح هذه المرة.
"هناك أسباب تدعو للتفاؤل بأنه بسبب الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يكون نمو نتائج أعمال (مايكروسوفت) أعلى مما كان عليه في العادة"، وفق مايكل نيل، كبير محللي الاستثمار ومدير المحافظ في "يو بي إس أسيت مانجمنت"، الذي تمتلك شركته أيضاً أسهماً في "إنفيديا" و"أمازون". وأضاف: "أنها تحقق بالفعل نمواً أعلى".
"ألفابت"
وعلى الجانب الآخر، تأتي "ألفابت"، التي تواجه شكوكاً حول خططها للذكاء الاصطناعي بعد بعض الأخطاء البارزة. بالإضافة إلى ذلك، فإن دمج الذكاء الاصطناعي في محركات البحث الأخرى مثل "بينغ" يضع "غوغل" في موقف صعب. وقد قوبلت نتائج الأعمال خلال الربعين السابقين بعمليات بيع كبيرة، وأي خيبة أمل يمكن أن تعزز الاعتقاد بأنها متخلفة عن الركب. ومع ذلك، من المتوقع أن يرتفع صافي الأرباح بأكثر من 30% هذا الربع، على أن تصعد الإيرادات 14% تقريباً، وهو ما يعكس متانة محركات نمو شركات التكنولوجيا الكبرى.
عكس الاتجاه
"كان هناك انتعاش في الحوسبة السحابية، وبداية دورة إعلانية عبر الإنترنت، والتي ستستفيد من الحدث السياسي الكبير (الانتخابات الأميركية) في وقت لاحق من هذا العام، بالإضافة إلى الإعلانات التي تتصدر الألعاب الأولمبية -وبالطبع، الأهم من ذلك، أن لديك الذكاء الاصطناعي" وفق دانييل سكيلي، رئيس فريق أبحاث واستراتيجية سوق إدارة الثروات في "مورغان ستانلي"، وأضاف: "من الصعب إنكار أن الزخم في مجال التكنولوجيا مستمر".
وعند استبعاد شركات "العظماء السبعة"، فمن المتوقع أن تنكمش بقية أرباح شركات مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 3.9%. لكن وول ستريت تتوقع أن ينعكس هذا الاتجاه مع مرور العام. وفي الربع الأول من 2025، من المتوقع أن تسجل هذه الشركات السبع نمواً في الأرباح بنسبة 17.5% مقارنة بحوالي 18% لبقية الشركات المدرجة في المؤشر، وفقاً لبيانات بلومبرغ إنتليجنس.
ومع ذلك، فإن المؤشرات السنوية تتأثر من خلال ما يسمى بالتأثيرات الأساسي، أي تأثير مقارنة الأرباح الفصلية بما حدث قبل عام. لذلك، في حين يبدو أن نمو أرباح شركات التكنولوجيا الكبرى يتقلص في العام المقبل، فإن الكثير من ذلك يرجع إلى المقارنة الصعبة من عام 2023. فهم ما زالوا يحققون نمواً قوياً، ويسجلون هوامش ربح جيدة بعد الجهود الحثيثة لخفض التكاليف في العام الماضي.
وزن كبير
تعتبر أسهم التكنولوجيا الكبرى مهمة للغاية لمؤشر "إس آند بي 500" نظراً لأن الشركات تحتل أكبر الأوزان في المؤشر. وبعد صعود الأسعار هذا العام، أصبحت التقييمات مرتفعة. حتى مع عمليات البيع الأخيرة، لا تزال أسهم "العظماء السبعة" تُتداول بأرباح آجلة مُجمّعة 31 مرة، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ.
قال مات بيرون، رئيس الحلول العالمية لدى شركة "جانس هندرسون إنفستورز" (Janus Henderson Investors): "التطلعات مرتفعة جداً". وأضاف: "والسؤال هو، هل وصلنا إلى النقطة التي لن يفلح فيها أي شيء في مواصلة دفع أسعار الأسهم لأعلى سوى تفوق نتائج الأعمال على التوقعات بقوة؟ قد تكون هناك بعض خيبات الأمل مقارنة بالتوقعات، على الرغم من أنني لا أعتقد أن قصة الأرباح ستؤثر على السوق كثيراً، إلا إذا كانت التوقعات سيئة حقاً".