تواجه سوق الديزل العالمية تدهوراً متواصلاً، فيما يعد إشارة مقلقة للاقتصاد، وأمراً يستحق الحذر بالنسبة إلى تجار النفط الذين يتوقعون ارتفاع أسعاره.
في أوروبا والولايات المتحدة وآسيا، تراجعت أسواق العقود الآجلة إلى ما يعرف بهيكل "كونتانغو" الهبوطي، حيث لا تتطلب الأسعار الفورية علاوات إضافية. يعد هذا الوضع عموماً بمثابة علامة ضعف.
قال تاماس فارغا، المحلل لدى شركة الوساطة "بي في إم" (PVM): "السوق الفعلية تواجه ضعفاً حقيقياً، وهو ما يتجلى في ارتفاع أسعار العقود الآجلة للديزل. هناك شعور عام بتوتر المعنويات".
يعتبر الديزل عنصراً هاماً في الطلب على النفط. إذ يستخدم هذا الوقود لتشغيل الصناعات الثقيلة مثل الزراعة والتعدين، وكذلك السيارات والشاحنات.
إشارات ضعف الديزل
إلى جانب زيت الغاز، وهو منتج مماثل ولكنه يحتوي على نسبة أعلى من الكبريت، بلغ الاستهلاك حوالي 28.2 مليون برميل في عام 2022، وفقاً لمراجعة معهد الطاقة التابعة لوكالة الطاقة الدولية. تظهر الأرقام أن الطلب الإجمالي على النفط في ذلك العام بلغ حوالي 97.3 مليون برميل يومياً
لكن علامات ضعف استهلاك الوقود بدأت تظهر، حتى لو كانت هذه فترة ضعف على أي حال.
أظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة أن مقياس الطلب الأميركي -وهو كمية الوقود المقطر الموردة- بلغ متوسطه 3.66 مليون برميل يومياً حتى الآن في 2024، وهي أسوأ بداية في عام منذ 2016، وأقل بكثير من مستويات 2020 عندما أثر "كوفيد" على الاستهلاك.
تراجعات في أوروبا والصين
في أوروبا، حيث تجنب سائقو المركبات الوقود، عانت المبيعات من دوامة هبوطية. فقد تراجعت مبيعات فرنسا من وقود الديزل المخصص للطرق والاستخدامات الأخرى 12% على أساس سنوي في مارس. كما أشارت أحدث البيانات من ألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة إلى انخفاضات سنوية.
حتى في الصين، التي تعد محرك نمو الطلب على النفط، يتسبب ضعف الاستهلاك المحلي في ارتفاع الصادرات. سادت معنويات ضعيفة تجاه الديزل في جميع أنحاء شاندونغ، التي يتم فيها توجيه ما يسمى بالمصافي المستقلة لإنتاج الوقود.
تشمل العوامل الرئيسية التي دفعت إلى هبوط السوق التعافي الاقتصادي البطيء في المناطق الرئيسية، وزيادة كبيرة في قدرة صناعة الديزل في أفريقيا والشرق الأوسط والمكسيك، وفق جيمس نويل بيسويك، المحلل في شركة "سبارتا كوموديتيز" (Sparta Commodities).
ومن المؤشرات على نطاق ضعف السوق، مدى سهولة تكيفها مع انخفاض الإمدادات من روسيا، حيث أدت هجمات الطائرات المسيرة الأوكرانية إلى اضطراب إنتاج مصافي النفط في البلاد.
تظهر البيانات الصادرة عن شركة التحليلات "كبلر" أن متوسط الشحنات الروسية بلغ 740 ألف برميل يومياً في الأيام العشرة حتى 13 أبريل. يعد هذا أقل بنحو 25% مقارنة بالمتوسط في هذا الوقت من العام بين عامي 2019 و2023.