عادت عجلة الاكتتابات العامة الأولية في الولايات المتحدة إلى الدوران مجدداً. ولكن الفترة الزمنية التي يستمر عليها هذا الوضع هي السؤال الكبير الآن بالنسبة إلى قائمة متزايدة من الشركات التي تتطلع إلى إدراج أسهمها في الربع الثاني، والذي يظهر بالفعل الكثير من الآفاق الواعدة لواحدة من أكبر مصادر الرسوم في "وول ستريت".
بعد الظهور الأول المثير لكلٍّ من أسهم شركة الوصلات الخاصة بأشباه الموصلات "أستيرا لابز" (.Astera Labs Inc)، ومنصة التواصل الاجتماعي "ريديت" (.Reddit Inc) الشهر الماضي، يأمل المسؤولون التنفيذيون في الشركات وشركاؤهم من المؤسسات المالية إلى الاستفادة من شهية المستثمرين عندما ترتفع المعنويات.
خلال هذا الربع بالفعل، تقدمت شركة "روبريك" (.Rubrik Inc) الناشئة في مجال أمن البيانات والمدعومة من شركة "مايكروسوفت"، وشركة اختبار السلامة والتفتيش "يو إل سوليوشنز" (.UL Solutions Inc) بطلبات إدراج من المتوقع أن تضيف أكثر من مليار دولار إلى 9.6 مليار دولار تم جمعها عبر الاكتتابات العامة الأولية في البورصات الأميركية هذا العام.
قالت لورين غارسيا بيلمونت، الرئيس المشارك لأسواق رأس مال أسهم التكنولوجيا في الأميركتين في بنك "مورغان ستانلي" إن "الصفقات الأخيرة أتاحت نقطة انطلاق جيدة أغرت الشركات الأخرى على الدخول إلى السوق. أبدى المستثمرون حرصاً على التعرف على الشركات الجديدة، وسمح ذلك لصانعي الصفقات بالمضي قُدُماً في الاكتتابات العامة الأولية، في سوق تحوّلت فيها نقاط البيانات الحديثة الأخرى من سلبية إلى محايدة في أحسن الأحوال".
اقرأ أيضاً: تسعير اكتتاب "ريديت" عند حده الأقصى.. والشركة تجمع 748 مليون دولار
أفضل بداية منذ 2019
تُرجم هذا الشغف إلى أفضل بداية في العام تشهد صفقات بيع الأسهم لأول مرة منذ عام 2019. شكّلت قفزات أسهم "أستيرا" و"ريديت" بأكثر من 90% وحوالي 40% على التوالي دعماً لـ48 صفقة تم تسعيرها في الربع الأول، والتي ارتفعت بنحو 25% في المتوسط المرجح، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ".
من المؤكد أن عدداً كبيراً من جهات الإصدار لأول مرة يترقب لمعرفة ما إذا كان بإمكان "روبريك" و"يو إل سوليوشنز" اجتياز المسار نفسه عند تسعير الاكتتابات العامة الأولية الخاصة بهما. وفي عام يمكن أن تتأثر فيه القطاعات بالرياح الجيوسياسية المعاكسة، تظل احتمالية حدوث أخطاء في السوق قائمة.
قالت غارسيا بيلمونت: "بالإضافة إلى ذلك، ستتأثر معنويات المستثمرين بموسم أرباح الشركات، وتوقعات أسعار الفائدة والانتخابات".
تشمل الشركات التي يمكن أن تسعى إلى تحفيز شهية المستثمرين خلال الربع الحالي شركة "لينيج لوجستيكس" (Lineage Logistics LLC) العملاقة للتخزين البارد، وشركة توزيع تكنولوجيا المعلومات "إنغرام مايكرو" (Ingram Micro Inc)، وشركة إنتاج الألمنيوم للأغراض الصناعية "نوفيليس" (.Novelis Inc)، وشركة برمجيات التسويق الرقمي "إيبوتا" (.Ibotta Inc)، وشركة مشاركة السيارات "تورو" (.Turo Inc)، ومنصة الخدمات المالية "ماريكس غروب" (.Marex Group Plc)، وشركة الرعاية الصحية "كونتينيوم ثيرابيوتكس" (.Contineum Therapeutics Inc)، حسبما أفادت "بلومبرغ نيوز".
اقرأ أيضاً: تسعير أسهم "أستيرا" في الطرح العام فوق النطاق المستهدف وسط فورة الذكاء الاصطناعي
"سبيل للتخارج"
قال غابي غيلمان، رئيس إدارة أسواق رأس المال في الأميركتين في "غولدمان ساكس" إنه "استناداً إلى ما رأيناه في الأشهر الأخيرة، يجب أن يكون الاكتتاب العام سبيلاً واقعياً للتخارج، خاصة بالنسبة إلى شركات الأسهم الخاصة التي تمتلك أصولاً عالية الجودة". أضاف: "في كثير من الأحيان ستواصل الشركات صفقات بيع كاملة كبدائل جذابة، ولكن الحديث حول مصداقية سوق الاكتتابات العامة يستحوذ بالتأكيد على الأذهان مجدداً".
ربما يأتي جزء من هذه المصداقية من آليات الاكتتاب العام، وفقاً لما قالته غارسيا بيلمونت، من "مورغان ستانلي"، والتي كان مصرفها جهة الضمان الرئيسية لاكتتابي "أستيرا" و"ريديت".
وأضافت أن المستثمرين يركزون على الحجم الإجمالي للصفقة، وأيضاً على حجم التعويم بالنسبة إلى حصة الأسهم التي من المحتمل أن يستوعبها المستثمرون الرئيسيون. ربما يكون التوجّه حول التركيز على التقييم أيضاً أمراً أساسياً من أجل ضمان عدم توقف قاطرة الاكتتابات العامة في وقت مبكر للغاية.
التركيز على مضاعفات التقييم
من جانبه، قال كيث كانتون، رئيس إدارة أسواق رأس المال في الأميركتين لدى "جيه بي مورغان تشيس": "يبحث المستثمرون المؤسسيون بشكل مكثف عن الشركات التي تتمتع بنمو مثبت وخط رؤية واضحاً للربحية، لكنهم لا يزالون يركزون بشكل كبير على تحديد مضاعفات التقييم المناسبة عند المشاركة في الاكتتابات العامة الأولية".
يقول صانعو الصفقات إنه على الرغم من توقعاتهم بانتعاش نشاط الاكتتابات في الربع الثاني، فمن غير المرجح أن تشهد السوق فيضاً من العروض المماثلة لأوقات الازدهار في عام 2021، عندما سجلت قيمة الاكتتابات العامة الأولية رقماً قياسياً على الإطلاق يبلغ حوالي 340 مليار دولار في الولايات المتحدة وأوروبا، وحوالي 670 مليار دولار على مستوى العالم.
قال غيلمان: "على الرغم من أن شهية المستثمرين واهتمامهم كانت ولا تزال قائمة، إلا أن هناك خصماً سارياً أكثر اتساماً بالطابع التقليدي على الاكتتاب العام الأولي حالياً، مقارنة بما رأيناه في نهاية عام 2021، وأوائل 2022".