انخفضت مؤشرات الأسهم بينما ارتفعت عوائد السندات في جميع أنحاء العالم بعدما حفزت البيانات الاقتصادية القوية، وارتفاع أسعار السلع، التكهنات بأن البنوك المركزية الكبرى ستبقي أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول.
في عودة لشعار "الأخبار الجيدة هي أنباء سيئة"، أدت البيانات الأفضل من المتوقع حول فرص العمل في الولايات المتحدة وطلبات سلع المصانع إلى زيادة الشكوك حول وتيرة تيسير الاحتياطي الفيدرالي سياسته النقدية.
ومع توقع المتداولين الآن تخفيضات أقل في أسعار الفائدة مقارنة بتوقعات الاحتياطي الفيدرالي نفسه، وصلت عوائد السندات لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوياتها منذ نوفمبر. وأثر ذلك على سوق الأسهم، التي كانت تتجاهل إعادة تسعير الرهانات على تحركات البنوك المركزية في الأشهر القليلة الماضية وسط صعود حاد.
قال فؤاد رزاقزادة من "سيتي إندكس" و"فوركس.كوم": "قد يجد المضاربون على الصعود صعوبة في تبرير شراء الأسهم عند هذه المستويات المرتفعة مع صعود العائدات.. يشكل ارتفاع أسعار النفط خطراً إضافياً على توقعات التضخم. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع صدور العديد من تقارير الوظائف على مدار الأسبوع. قد تمر السوق بتقلبات".
قوة اقتصادية تفوق التوقعات
في أعقاب البيانات الاقتصادية التي فاقت التوقعات في مختلف أنحاء العالم، فإن النسخة العالمية من مؤشر "سيتي غروب" للمفاجآت الاقتصادية، الذي يقيس الفرق بين البيانات الفعلية وتقديرات المحللين، تقترب من أعلى مستوياتها خلال عام. ففي هذا الأسبوع فقط، أظهر أكبر اقتصادين –الولايات المتحدة والصين– أرقام تصنيع قوية.
شهد مؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500) أسوأ جلسة له منذ شهر تقريباً. قاد سهم "تسلا" خسائر أسعار أسهم الشركات الكبرى. انخفض مقياس الأسهم الصغيرة بنسبة 2% تقريباً. قفز مقياس التقلب الأكثر متابعةً في وول ستريت -"مؤشر الخوف" (VIX)-. وارتفعت عائدات السندات لأجل 10 سنوات أربع نقاط أساس إلى 4.35%. وصعد سعر النفط إلى 85 دولاراً للبرميل، وارتفع سعر النحاس، وتحركت قيمة الذهب بالقرب من أعلى مستوياتها على الإطلاق. وهوت قيمة "بتكوين".
تخفيضات أقل لسعر الفائدة
بينما ينتظر المتداولون تصريحات رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول يوم الأربعاء، فقد تفحصوا تعليقات اثنين من المسؤولين الذين يصوتون على قرارات السياسة النقدية هذا العام.
قالت رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو ماري دالي ونظيرتها في كليفلاند لوريتا ميستر إنهما ما زالتا تتوقعان أن يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة ثلاث مرات في 2024، وأكدتا على أنهما ليسا في عجلة من أمرهما للبدء في خفض تكاليف الاقتراض.
ويتوقع تجار عقود المقايضة حالياً خفض الفائدة بإجمالي نحو 65 نقطة أساس هذا العام، أي أقل من 75 نقطة أساس المُشار إليها في أحدث توقعات الاحتياطي الفيدرالي.
قال غارغي تشودري، من "بلاك روك": "نتوقع بشكل أساسي أن يدير الاحتياطي الفيدرالي الهبوط السلس، ويبدأ خفض أسعار الفائدة في النصف الثاني من العام.. فقد تضاءلت المخاطر السلبية على النمو الاقتصادي، وبالتالي فإن خطر إجراء البنك المركزي خفضين فقط لأسعار الفائدة يبدو الآن أعلى من خطر خفض الفائدة 4 مرات".
ارتفعت أسعار الأسهم الأميركية 30% تقريباً من أدنى مستوياتها في أكتوبر، حتى مع تأجيل توقعات تخفيضات الاحتياطي الفيدرالي. يُعد هذا الانفصال بين أسواق الأسهم وتوقعات أسعار الفائدة علامة مثيرة للقلق، وفقاً لاستراتيجيي "جيه بي مورغان" بقيادة ميسلاف ماتيجكا، والذين قالوا إن نمو الأرباح يجب أن يتسارع من أجل سد هذه الفجوة.
"فيدرالي متمهل.. اقتصاد قوي"
المستثمرون الذين يبيعون الأسهم لأن الاحتياطي الفيدرالي قد يقلص خطط خفض أسعار الفائدة يسيئون فهم هذه النقطة. ستكون هذه الخطوة علامة جيدة للاقتصاد، وبالتالي لأسواق الأسهم، وفق أندرو سليمون، من "مورغان ستانلي إنفستمنت مانجمنت".
وأوضح سليمون لتلفزيون بلومبرغ: "أعتقد أن الاحتياطي الفيدرالي المتمهل يؤكد أن الاقتصاد قوي.. هذا أفضل للأسهم".
في سياق مواز، كشفت البيانات التي جمعتها "بيسبوك إنفستمنت غروب" (Bespoke Investment Group) عن تجاوز عائدات مؤشر "إس آند بي 500" لمدة عام واحد أداء سندات الخزانة الأميركية طويلة الأجل لمدة 40 شهراً على التوالي، وهي أطول فترة منذ 1978 على الأقل.
وقالت الشركة: "كان من المقرر أن ترتد السندات، ولكن إذا كنت تترقب ارتدادها منذ فترة طويلة، فقد خسرت".
أشارت "بيسبوك" أيضاً إلى حقيقة أن مؤشر الأسهم ارتفع بأكثر من 30% على أساس العائد الإجمالي في الأشهر الـ12 المنتهية في مارس، مسجلاً أقوى مكاسبه على مدار 12 شهراً منذ أكتوبر 2021.
"يمكن أن يحدث التصحيح في أي وقت، لكن متوسط أداء مؤشر (إس آند بي 500) بعد شهر وثلاثة وستة و12 شهراً من الارتفاع الأولي بنسبة 30% خلال عام، كان أفضل من المتوسط لجميع الفترات".
هبوط عابر
من جانب آخر، ورغم انخفاض أسعار الأسهم خلال الأسبوع الحالي، لا تزال السوق تتجنب أي تراجعات كبيرة بوتيرة تاريخية.
يبلغ الحد الأقصى لهبوط مؤشر "إس آند بي 500" حتى الآن في 2024 ما يقرب من 2%، وهو في طريقه ليكون من بين أصغر المعدلات على الإطلاق إذا استمر هذا لبقية العام، وفقاً لبيانات من "جيه بي مورغان أسيت مانجمنت" التي تعود لعام 1980.
منذ 1950، تمكن مؤشر "إس آند بي 500" من الصعود 10% على الأقل في الربع الأول 11 مرة، وفق كيث ليرنر من "توريست أدفايزوري سرفيسز" ( Truist Advisory Services). وتمكن المؤشر من الصعود خلال بقية العام 10 مرات من أصل 11 مرة، بمتوسط ربح قدره 11%، حسبما تظهر بيانات "ترويست". وكان الاستثناء الوحيد في عام 1987 بعد حادث الإثنين الأسود في أكتوبر من ذلك العام.
أداء أبرز المؤشرات:
- انخفض مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 0.7% في الساعة الرابعة مساءً بتوقيت نيويورك
- تراجع مؤشر "ناسداك 100" بنسبة 0.9%
- هبط مؤشر داو جونز الصناعي 1%
- سعر "بتكوين" انخفض 5.5% إلى 65920.04 دولار
- هوت قيمة "إيثر" 6.3% إلى 3277.01 دولار
- ارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية 1.2% إلى 2277.40 دولار للأونصة