فقدت أسعار الأسهم الأميركية زخم الصعود يوم الجمعة، ولكن السوق سجلت أفضل أداء أسبوعي لها في 2024 وسط تكهنات بأن الاحتياطي الفيدرالي سيتمكن من خفض أسعار الفائدة في وقت أقربه يونيو.
تقلبت أسعار الأسهم الأميركية بعد موجة صعود قياسية دفعت مؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500) للارتفاع بنحو 10% هذا العام. وصعد المؤشر بأكثر من 2% خلال الأسبوع الحالي والذي شهد ارتفاعاً واسع النطاق تقريباً. ودفعت قوة السوق المحللين الاستراتيجيين للتسابق في تحديث توقعاتهم لمستهدف السوق، في حين حفزت الدعوات لزيادة الشراء أو جني الأرباح.
قال ديفيد ليفكويتز، من "يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت": "مع أن بعض مؤشرات المعنويات والتمركز تبدو مرتفعة، فلن نتفاجأ بحدوث تراجع متواضع في الأشهر المقبلة.. قد يوفر ذلك للمستثمرين فرصة أفضل للإضافة إلى مراكز الأسهم".
وفي ظل غياب البيانات الاقتصادية، راقب المتداولون تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي. لم تتطرق تصريحات جيروم باول خلال حدث "Fed Listens" للسياسة النقدية. وقال مايكل بار، نائب رئيس الاحتياطي الفيدرالي لشؤون الإشراف، إنه من المرجح أن تكون هناك تغييرات كبيرة في اقتراح يجبر المقرضين على الاحتفاظ بمزيد من رأس المال.
أغلق مؤشر "إس آند بي 500" الجلسة دون مستوى 5235 نقطة وسط أحجام تداول ضعيفة. ومدد سهم "إنفيديا" ارتفاع للأسبوع الحادي عشر على التوالي، وارتفع سعر سهم شركة "فيديكس كورب" -التي تُعد مقياساً للاقتصاد- بفضل الأرباح القوية وخطة إعادة شراء أسهم بقيمة 5 مليارات دولار. انخفضت أسهم أسهم "نايكي" و"لولوليمون أثليتيكا" (Lululemon Athletica) بسبب التوقعات الضعيفة.
وانخفضت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار ست نقاط أساس إلى 4.21%. واقترب الدولار من أعلى مستوياته هذا العام.
استردادات بصناديق الأسهم الأميركية
وبينما ساد شعور نسبي بالهدوء في نهاية الأسبوع، شهدت الأسهم الأميركية خروجاً ضخماً للاستثمارات في الفترة التي سبقت اجتماع السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي المرتقب.
عانت صناديق الاستثمار بالأسهم الأميركية من عمليات استرداد بقيمة 22 مليار دولار تقريباً في الأسبوع حتى يوم الأربعاء، وهي الأكبر منذ ديسمبر 2022، وفقاً لمذكرة من "بنك أوف أميركا" ، نقلاً عن بيانات "EPFR Global". ويُعد هذا بمثابة تحول حاد عن الأسبوع السابق، عندما اجتذبت الأسهم استثمارات قياسية.
بعد قرار الاحتياطي الفيدرالي (بالإبقاء على أسعار الفائدة للمرة الخامسة)، ارتفعت أسعار الأسهم مدفوعةً بتصور أن البنك المركزي لم يكن متشدداً كما كان يُخشى. وأبقى صناع السياسة النقدية على توقعاتهم بخفض لفائدة 3 مرات هذا العام، ولم يبدُ الرئيس باول قلقاً للغاية بشأن التسارع الأخير في التضخم.
ومع ذلك، فإن تحليل دورات أسعار الفائدة لدى الاحتياطي الفيدرالي منذ السبعينيات كشفت أن المستثمرين، بشكل عام، لديهم ما يخشونه من أول خفض لأسعار الفائدة في الدورة أكثر من الإبقاء عليها، وفق ريان غرابنسكي من "ستراتيجاس سيكروريتيز" (Strategas Securities).
وأشار إلى أنه في المتوسط، ارتفع مؤشر "إس آند بي 500" بأكثر من 5% على مدار 100 يوم بين آخر رفع للفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي وأول تيسير للسياسة النقدية. ومع ذلك، فإن أدنى مستوى في السوق الأوسع يتجاوز الانخفاض بنسبة 23% على مدى 200 يوم بعد أول خفض لسعر الفائدة.
اقتصاد قوي
وعلى الرغم من استمرار الفائدة المرتفعة، فإن الجولة الأخيرة من بيانات الإسكان والتصنيع وسوق العمل أشارت إلى اقتصاد قوي.
قال مارك هاكيت من "نيشن وايد" (Nationwide): "قبل ستة أشهر، كان المستثمرون متشائمين إلى حد كبير، حيث تم التعامل مع الأخبار الجيدة على أنها أخبار سيئة، ويُنظر للأخبار السيئة على أنها أنباء سيئة. لكن تحولت البوصلة بشكل شبه كامل، حيث يُنظر إلى البيانات القوية على أنها علامة على (الهبوط السلس)، في حين تعزز البيانات الضعيفة الاعتقاد بأن الاحتياطي الفيدرالي سوف يخفض أسعار الفائدة".
أشار هاكيت إلى أن هذا أدى إلى زخم مثير للإعجاب في السوق. وألمح إلى أن العوامل الفنية الكامنة وراء ارتفاع أسعار الأسهم الأخير كانت مثيرة للإعجاب، إذ تتحرك أسعار أكثر من ثلاثة أرباع أسهم "إس آند بي 500" فوق متوسطاتها المتحركة لمدة 200 يوم، وهي أفضل نسبة منذ 2021.
دفع صعود أسعار الأسهم أحد المحللين القلائل في وول ستريت -الذين توقعوا بشكل صحيح ارتفاع سوق الأسهم العام الماضي- ليجد نفسه في موقف متعارض مرة أخرى. لكن هذه المرة، يعتقد بريان بيلسكي أن الأسهم مهيأة للهبوط، تماما كما تحول العديد من أقرانه إلى توقع الصعود.
قال كبير استراتيجيي الاستثمار في "بي إم أو كابيتال ماركتس" (BMO Capital Markets) والذي يتوقع الصعود منذ فترة طويلة في مقابلة إن التصحيح وشيك بعد أن ارتفعت أسعار الأسهم كثيراً وبسرعة كبيرة بسبب التفاؤل الكاذب بشأن مدى سرعة قيام الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض أسعار الفائدة.
تحذير من الاندفاع
في سياق مواز، حذّر بيل غروس، الملقب بـ"ملك السندات" ذات يوم، من أن المستثمرين مقبلون على رحلة مليئة بالمطبات مع اجتياح "الوفرة المفرطة" للأسواق المالية.
"أشعر أن الإنفاق لسد العجز المالي وحماس الذكاء الاصطناعي كانا عاملين مهيمنين، وأن الزخم والإقبال "غير العقلاني" هيمن على الأسواق منذ 2022"، وفق ما كتبه غروس، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي السابق للاستثمار في شركة "باسيفيك إنفستمنت مانجمنت"، في أحدث تقاريره لآفاق الاستثمار "اربطوا أحزمة الأمان تأهباً لمطبات مفرطة".
في هذه الأثناء، كان استراتيجيو "إتش إس بي سي" هم الأحدث في وول ستريت الذين يقولون إن الأسهم ليست في فقاعة على الرغم من الارتفاع الحاد منذ العام الماضي. ورفع الفريق بقيادة ماكس كيتنر نظرته للأسهم الأميركية من "محايدة" إلى "زيادة الأوزان".
وقالوا: "عودة تسارع التضخم تمثل مخاطرة، ولكن المفتاح هنا هو الوقت الذي ستبدأ فيه البنوك المركزية والأسواق في الاهتمام بالفعل.. ما زلنا بعيدين بعض الشيء عن ذلك".
عمق السوق
تُعتبر تقييمات الأسهم خارج الولايات المتحدة أكثر جاذبية نسبياً بعد الارتفاع الأخير في أسهم أسهم الشركات التكنولوجية الكبرى، وفقاً لما ذكره بيتر أوبنهايمر، الخبير الاستراتيجي في "غولدمان ساكس".
وقال أوبنهايمر لتلفزيون بلومبرغ: "نعتقد أن التكنولوجيا ستظل ذات أهمية حاسمة وسيكون أداؤها جيداً، ولكن مع انخفاض أسعار الفائدة وتحقيق هذا الهبوط السلس، تتحسن فرصة التوسع في بعض القطاعات الدورية في السوق".
قال دان وانتروبسكي من "جاني مونتغمري سكوت" (Janney Montgomery Scott): "لا تزال الأسهم الأميركية في اتجاه صعودي، لكنها لا تزال عرضة لجني الأرباح/التصحيح المحتمل في المستقبل في رأينا". مضيفاً: "يدفع الزخم العديد من القطاعات (وليس فقط الأسهم القيادية الكبرى) إلى منطقة ذروة الشراء المجهدة على المدى القصير، وهو ما لا يزال يثير قلقنا من منظور فني".
وأضاف أنه مع ذلك، يستمر عمق السوق بشكل عام في التوسع، مشيراً إلى حقيقة أن نسبة عدد الأسهم المرتفعة إلى المنخفضة في بورصة نيويورك تقترب الآن من كسر أعلى مستوياتها على الإطلاق.
أوضح وانتروبسكي: "يُعد هذا مقياساً مهماً يجب مراقبته لأنه يشير إلى أن الأسواق لم تعد تحركها أسهم شركات قليلة فقط (مثل العظماء السبعة، على سبيل المثال)، ولكنها بدأت في الاعتماد على جميع القطاعات بمختلف أحجام الشركات".
أداء أبرز المؤشرات:
- انخفض مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 0.1% في الساعة 4 مساءً بتوقيت نيويورك
- ارتفع مؤشر "ناسداك 100" بنسبة 0.1%
- تراجع مؤشر داو جونز الصناعي 0.8%
- صعد مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري 0.4%
- تراجعت قيمة الجنيه الإسترليني 0.5% إلى 1.2594 دولار
- هبط سعر "بتكوين" 2.4% إلى 63888.13 دولار
- انخفضت قيمة "إيثر" 4.1% إلى 3342.24 دولار
- تراجع سعر الذهب في المعاملات الفورية 0.8% إلى 2163.66 دولار للأونصة