واصلت أسعار الأسهم الأميركية صعودها بفضل التفاؤل بأن الاحتياطي الفيدرالي سيتمكن من إدارة الهبوط السلس للاقتصاد الأميركي، الأمر الذي من شأنه أن يعزز التوقعات لأرباح الشركات.
أدت موجة جديدة من الإقبال على المخاطرة إلى دفع مؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500) لتسجيل أعلى مستوياته على الإطلاق للمرة العشرين خلال العام الحالي، بقيادة أسهم شركات قطاعي الصناعة والبنوك. لدرجة أن زخم السوق لم يتأثر بهبوط أسعار أسهم شركتي "أبل" و"ألفابت". كما وصل مؤشر "ناسداك 100" (Nasdaq 100) إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، مدعوماً بتوقعات "ميكرون تكنولوجي"، كما صعد سعر سهم "ريديت" في أول يوم تداول له بعد الإدراج.
الهبوط السلس
تشير الجولة الأخيرة من بيانات الإسكان والتصنيع وسوق العمل إلى اقتصاد قوي من شأنه، من الناحية النظرية، أن يخيف صناع السياسات النقدية الذين يحاولون إعادة التضخم إلى الهدف. بعد يوم واحد من إشارة الاحتياطي الفيدرالي إلى أنه في طريقه لخفض أسعار الفائدة هذا العام، قرر المتداولون الاستمرار في النظر إلى نصف الكوب الممتلئ.
وقال جيم بيرد من" بلانت موران فاينانشال أدفايزورز" (Plante Moran Financial Advisors): "في الوقت الحالي، لا تزال نظرية الهبوط السلس متماسكة، إذ تظهر المؤشرات الرئيسية علامات ناشئة على اتجاه أكثر إيجابية".
وصل مؤشر "إس آند بي 500" إلى مستوى 5240 نقطة. وواصلت أسعار أسهم الشركات الصغيرة الصعود هذا الأسبوع. لم تشهد عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات تغيرات ملحوظة لتستقر عند 4.27%.
وعلى الناحية الأخرى من المحيط الأطلسي، انخفضت قيمة الجنيه الإسترليني بعد أن تخلى عضوان من أنصار التشديد النقدي في لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا عن سعيهما لرفع أسعار الفائدة. كما أدى القرار المفاجئ من البنك الوطني السويسري بخفض أسعار الفائدة إلى ضعف الفرنك السويسري.
"متى" وليس "إذا"
ماكس كيتنر من "إتش إس بي سي" يرى أنه من الطبيعي أن تواصل الأصول الخطرة التألق. وأشار إلى أن "دورة رفع أسعار الفائدة لعامي 2022 و2023 لم تؤثر سلباً على الاقتصاد الأميركي الأوسع".
أما بالنسبة لمسار فائدة التمويل لدى الاحتياطي الفيدرالي المستقبلي، يقول كيتنر إنه سؤال يحمل نقطتين. وقال "إما أن يخفضوا الفائدة أو لا". ومع توضيح رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إلى حد ما أن الخطوة التالية سوف تكون الخفض، "يبدو أن الأمر يتعلق بـ "متى" وليس "إذا". يبدو أن هذا جيد بما يكفي للأصول الخطرة"، وفق كيتنر.
وباستعراض الفترات السابقة التي أبقى فيها الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، فإن التوقف الحالي يحتل المرتبة الثانية من حيث المدة، وفقاً لتحليل أجراه ريان غرابينسكي من "ستراتيجاس سيكيوريتيز" (Strategas Securities)، حتى 20 مارس.
وأشار إلى أن "الخبر السار هو أنه كلما طالت فترة انتظارهم، زاد تحرك السوق تاريخياً للأعلى".
أضاف غرابنسكي أنه في الفترات التي يكون فيها التوقف أكثر من 100 يوم، يرتفع السوق بنسبة 13% في المتوسط. وحدث أفضل أداء خلال فترة التوقف 2006-2007، والتي كانت أيضاً الأطول وأدت إلى ارتفاع "إس آند بي 500" بنسبة 22%.
رفع مستهدفات مؤشر "إس آند بي 500"
ارتفاع أسعار الأسهم أجبر المحللين على التدافع لرفع توقعاتهم لمستهدفات "إس آند بي 500" لنهاية 2024 بعد ثلاثة أشهر فقط من العام. ويتحرك المؤشر بالفعل فوق متوسط تقديرات الاستراتيجيين الذين تتبعهم بلومبرغ.
يُتوقع أن يتواصل ارتفاع أسعار الأسهم الأميركية على خلفية تحسن التوقعات لأرباح الشركات وهوس الذكاء الاصطناعي، وفقاً لاستراتيجيي "سوسيتيه جنرال".
رفع الفريق بقيادة مانيش كابرا مستهدف المؤشر القياسي لنهاية العام إلى 5500 نقطة من 4750 نقطة، لتعد الأعلى بين توقعات الاستراتيجيين الذين تتبعهم بلومبرغ.
وكتب كابرا: "الاستثناء الأميركي يتزايد من قوة إلى قوة.. رغم التفاؤل واسع النطاق في السوق، فإننا نعتبر هذا منطقياً وليس مبالغاً فيه".
تفاؤل متواصل رغم القمة
يُظهر أحدث تقرير صادر عن فريق "جي إم أو أسيت ألوكيشن" (GMO Asset Allocation) تفاؤل الشركة المستمر على الرغم من حقيقة أن مؤشرات الأسهم تتحرك عند أعلى مستوياتها على الإطلاق.
وقالت: "نحن متحمسون للغاية بشأن المشهد الاستثماري.. إن وفرة الأصول الرخيصة تدعم هذا الحماس من وجهة نظر العائد المطلق، في حين أن فروق التقييم الجذابة ضمن فئات الأصول تقدم لنا أفضل فرصة نسبية لتخصيص الأصول شهدناها منذ 35 عاماً".
في هذه الأثناء، أشعل المستثمرون الذين يطاردون الارتفاع، والذين دفعوا الأسهم الأميركية للارتفاع خلال العام الحالي، الاتجاه الصاعد الذي يحدث خارج ما يسمى بـ"العظماء السبعة" الذين سيطروا على السوق: وهو الاتجاه الذي يحدث في الأسهم عالية الجودة.
نظراً لأن المتداولين مفتونون بالذكاء الاصطناعي، فقد اندفعوا أيضاً في أسهم الشركات عبر السوق الأوسع ذات الربحية العالية والأساسيات القوية، وفق مايكل كانترويتز من "بايبر ساندلر آند كو" (Piper Sandler & Co).
وقال كانترويتز: "إن الذكاء الاصطناعي هو مجموعة فرعية مما يحرك الزخم، ولكن باقي (العوامل) عبارة عن أساسيات ذات نوعية قديمة جيدة".
من جهته، قال مات مالي، من "ميلر تاباك +كو" (Miller Tabak + Co)، إنه مع تسجيل سوق الأسهم أرقاماً قياسية جديدة، فإن الاحتمالات تتزايد بسرعة بأن "المنعطف الحرج" الذي كنا نخشاه سيتحول إلى مزيد من الصعود.
وأضاف مالي: "ما زلنا نعتقد أن التراجع على المدى القصير يمكن أن يحدث في أي وقت.. ومع ذلك، إذا لم يحدث ذلك بسرعة وبحدة، فإن احتمالات أن يصبح تصحيحاً كاملاً ستنخفض".
أداء أبرز المؤشرات:
- ارتفع مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 0.3% حتى الساعة 4 مساءً بتوقيت نيويورك
- صعد مؤشر "ناسداك 100" بنسبة 0.4%
- مؤشر داو جونز الصناعي ارتفع 0.7%
- ارتفع مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري 0.4%
- هبطت قيمة الجنيه الإسترليني 1% إلى 1.2651 دولار
- سعر اليورو انخفض 0.6% إلى 1.0857 دولار
- انخفض سعر "بتكوين" 2.9% إلى 65115.12 دولار
- هبطت قيمة الذهب في المعاملات الفورية 0.2% إلى 2181.34 دولار للأونصة