تراجعت أسعار الأسهم الأميركية من أعلى مستوياتها على الإطلاق وسط تراجع عدد من شركات التكنولوجيا الكبرى، في ظل ترقب المتداولين بيانات حول التضخم ومبيعات التجزئة للحصول على أدلة حول الخطوات التالية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.
كافحت الأسهم لكسب الزخم بعد الارتفاع الذي تحدى سيناريوهات الهبوط كافة في وول ستريت. على الرغم من توقف الصعود يوم الأربعاء، لا يزال مؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500) محافظاً على تسجيل أطول فترة ارتفاع متواصل له منذ 2018 دون الهبوط بنسبة 2% على الأقل، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ.
الوضع الحالي يعكس الدوافع الإيجابية التي دفعت الأسهم إلى الارتفاع منذ بداية العام: النمو القوي، وتوقعات خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، وهوس الذكاء الاصطناعي، وفق توم إيساي، مؤسس "ذا سِفنز ريبورت" (the Sevens Report).
وأضاف "ساهمت هذه الظروف الإيجابية بشكل عام في ضمان المكاسب التي حققتها الأسهم منذ بداية العام حتى الآن، على الرغم من أنه من المهم ملاحظة أنه رغم الأساسيات الإيجابية، إلا أنها لا تزال لا تبرر التقييمات الحالية، مما يجعل السوق عرضة لمفاجأة سلبية".
هبط مؤشر "إس آند بي 500" إلى مستوى 5,165 نقطة، في حين كان أداء مؤشر "ناسداك" (Nasdaq 100) المثقل بأسهم التكنولوجيا ضعيفاً. قاد سهم "تسلا" تراجع أسعار أسهم الشركات الكبرى بعد خفض التوصية من قبل محلل. وهوى سعر سهم "يونايتد ستيتس ستيل كورب" 13% بعد تقرير يفيد بأن الرئيس الأميركي جو بايدن يعتزم التعبير عن "قلق جدي" بشأن عملية الاستحواذ المقترحة من قبل شركة "نيبون ستيل كورب".
في سياق مواز، استقرت سندات الخزانة بعد أن اجتذب مزاد لأوراق لأجل 30 عاماً طلباً قوياً، في تناقض ملحوظ مع عملية بيع سندات لأجل 10 سنوات يوم الثلاثاء. وصل سعر عملة "بتكوين" إلى 73 ألف دولار.
صعود حاد يثير الشكوك
تزايدت الشكوك في ظل الارتفاع الحاد لأسعار الأسهم الأميركية، والذي قاد مؤشر "إس آند بي 500" لتحقيق مكاسب في 16 أسبوعاً من الأسابيع الـ19 الماضية.
قال نيكولاس كولاس، من شركة "داتا ترِك ريسرش" (DataTrek Research): "إذا كان مؤشر (إس آند بي 500) سيحقق أداء قوياً في النصف الثاني، فيجب أن يتسارع نمو أرباح الشركات".
ارتفعت أرباح الشركات المدرجة على مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 7.4% في الربع الرابع مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وباستثناء مجموعة "العظماء السبعة" من شركات التكنولوجيا، سجلت أرباح شركات المؤشر انكماشاً بنسبة 1.7%، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ إنتليجنس.
يشير كولاس من "داتا ترِك" إلى أنه رغم أن ارتفاع مؤشر ناسداك المركب يبدو وكأنه يتباطأ، إلا أن التاريخ يظهر أنه لا يزال بإمكاننا توقع عوائد جيدة بشكل معقول في المستقبل.
وألمح إلى أن المؤشر ارتفع بأكثر من 40% خلال الاثني عشر شهرًا الماضية، وهو ما يزيد بأكثر من انحراف معياري عن المتوسط طويل المدى البالغ 36%. وبتتبع أداء المؤشر منذ عام 1972، يلاحظ أنه يحقق ارتفاعات مماثلة بعد عمليات جني الأرباح الكبيرة السابقة. وأضاف كولاس أنه طالما استمر الاقتصاد الأميركي في النمو، يواصل مؤشر "ناسداك" تحقيق عوائد إيجابية لمدة 12 شهراً بعد عائد يزيد عن 36%.
جني أرباح
ويتوقع مكتب التداول في "جيه بي مورغان" أن تتسبب عودة تضخم السلع إلى الظهور في جعل مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي أقل استعداداً لخفض أسعار الفائدة هذا العام، لكن هذا لا يؤثر على وجهة نظره المتفائلة بشأن أسعار الأسهم الأميركية.
قال الفريق بقيادة أندرو تايلر يوم الأربعاء في مذكرة للعملاء إن هبوط (السوق من المستويات الحالية) بنسبة 5% تقريباً ممكن بسبب "مخاطر تفكك الزخم". ومع ذلك، فإن محفزات الذكاء الاصطناعي على المدى القريب قد تمنع تفاقم الهبوط.
وينتظر أن يستقبل التجار بيانات اقتصادية أخرى يوم الخميس.
بيانات اقتصادية مرتقبة
بعد ارتفاع التضخم الاستهلاكي عن التوقعات، يُرجح أن يرتفع مؤشر أسعار المنتجين وسط انتعاش أسعار الطاقة، وفق إستيل أو من بلومبرغ إيكونوميكس. والأهم من ذلك، أن المكونات التي تدخل في احتساب مقياس التضخم الأكثر متابعة من قبل الاحتياطي الفيدرالي -معامل انكماش أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي- من المحتمل أن تحافظ على بعض زخم النمو من يناير، مما يشكل مخاطر صعودية على تقديراتنا الحالية لنفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، حسبما أشارت إستيل.
التضخم الأساسي في أميركا يفوق التوقعات للشهر الثاني توالياً
سيكون هذا هو آخر تقرير للتضخم قبل قرار الاحتياطي الفيدرالي المنتظر الأسبوع المقبل بشأن أسعار الفائدة. وفي ظل توقع أن يُبقي صناع السياسة النقدية أسعار الفائدة عند نفس مستوياتها للاجتماع الخامس على التوالي، سيبحث الاقتصاديون عن أدلة حول الموعد الذي سيبدأ فيه البنك المركزي خفض تكاليف الاقتراض.
توقعات الاحتياطي الفيدرالي
قال ويل كومبيرنول، من "إف إتش إن فاينانشال" (FHN Financial): "نعتقد أن العائدات قد ترتفع في الفترة التي تسبق قرار اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة يوم الأربعاء المقبل، خاصة إذا جاءت أرقام مؤشر أسعار المنتجين مرتفعة عن التوقعات غداً".
وأضاف: "إذا كان هناك بالفعل تجاهل جماعي من المشاركين في السوق لأرقام مؤشر أسعار المستهلك التي جاءت أعلى من التوقعات أمس، فإن المحفز المحتمل التالي لأسعار الفائدة لرسم المسار الجديد سيكون مخطط النقاط المتوقع الأسبوع المقبل والمؤتمر الصحفي.
أسعار الأسهم الأميركية تواصل صعودها القياسي رغم أرقام التضخم القوية
من جهته، يرى خوسيه توريس من "إنتر أكتف بروكرز" (Interactive Brokers) أن نتائج مؤشر أسعار المستهلك يوم الثلاثاء زادت من أهمية إصدار بنك الاحتياطي الفيدرالي لملخص التوقعات الاقتصادية، أو المخطط النقطي، يوم الأربعاء المقبل. ويتوقع المستثمرون حالياً أن يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة في يونيو، قبل أن يجري تخفيضين إضافيين بحلول نهاية العام.
وأضاف توريس: "المخطط النقطي لبنك الاحتياطي الفيدرالي سيوفر نظرة ثاقبة حول مدى واقعية هذه التوقعات، حيث يشير بعض أعضاء الاحتياطي الفيدرالي إلى أن خفضاً واحداً أو اثنين هذا العام قد يكون كافياً، بدلاً من الثلاثة التي تتوقعها السوق".
أداء أبرز المؤشرات:
- انخفض مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 0.2% في الساعة 4 مساءً بتوقيت نيويورك.
- تراجع مؤشر "ناسداك 100" بنسبة 0.8%.
- استقر مؤشر داو جونز الصناعي دون تغيير ملحوظ.
- ارتفع سعر "بتكوين" 3.3% إلى 73381.38 دولار.
- قيمة "إيثر" صعدت 1.3% إلى 4003.15 دولار.
- ارتفعت قيمة الذهب في المعاملات الفورية 0.7% إلى 2173.03 دولار للأوقية.