بعد ارتفاع سعر "بتكوين" السريع نحو مستوى قياسي الأسبوع الماضي، دفع الطلب المتزايد على الخيارات بسعر العملة المشفرة إلى بلوغ مفترق طرق سيؤدي إما إلى هبوطها بعنف، أو استمرار تحليقها لأعلى بقوة.
قفزت قيمة "بتكوين" بنحو 20% منذ يوم الجمعة قبل الماضي. ودفع الطلب اللامتناهي على ما يبدو على الصناديق المتداولة في البورصة الأميركية التي تستثمر في الرمز المميز المتداولين إلى رفع الرهانات على أن سعر "بتكوين" سيتجاوز قريباً مستواه القياسي الذي يقارب 69 ألف دولار، والذي سجّلته آخر مرة خلال جائحة كوفيد. استقر سعر "بتكوين" خلال تعاملات الجمعة بالقرب من مستوى 62 ألف دولار.
تقلبات محتملة
قال لوك نولان، الباحث المشارك في إدارة الأصول الرقمية لدى "كوين شيرز" (CoinShares): "كل الأمور تشير إلى أنه إذا استمرت القوة الدافعة، فيمكننا أن نرى تحركاً عنيفاً آخر نحو الارتفاع. ولكن حتى التغير الطفيف في تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة يمكن أن يدفع الأفراد إلى التخلص منها سريعاً.. الأمر يعمل في الاتجاهين".
أدى تدفق المشترين على الخيارات قصيرة الأجل إلى زيادة تقلبات "بتكوين" إلى أعلى مستوياتها منذ انهيار مصرف "سيليكون فالي بنك"، الذي كان يفضله قطاع العملات المشفرة، في العام الماضي. ارتفعت القيمة الاسمية لعقود خيارات البيع والشراء بتاريخ 29 مارس إلى نحو 7 مليارات دولار، وهو أعلى بكثير من مبلغ أي عقود أخرى ذات أجل محدد، وفقاً لبيانات من "أمبرداتا" (Amberdata).
القفزة في الخيارات قصيرة الأجل، والتي لديها أسعار تنفيذ في نطاق محدود نسبياً، تضع الأساس لما يسمى بـ"ضغط غاما" (والذي يحدث عندما ترتفع أسعار الأسهم، ويضطر صانعو سوق الخيارات إلى شراء المزيد من الأسهم لتحوّط مخاطر صفقات خيارات الشراء)، حيث يمكن أن يؤدي التغير في السعر إلى تأرجح سريع في السوق. وتتمركز عقود المشتقات التي لم تتم تسويتها للعقود التي ينتهي أجلها في 29 مارس عند مستويات 65 ألفاً و60 ألفاً و70 ألف دولار، أي قرب سعر السوق الفوري الحالي، وفق بيانات من "ديريبيت" (Deribit).
قال نولان: "لا يزال بإمكاننا رؤية قدر كبير من خيارات الشراء التي ينخفض فيها سعر الأصل عن سعر التنفيذ. إذا ارتفعت بتكوين إلى مستويات قريبة من ذلك، فأرى أنه يمكننا بالتأكيد أن نتعرض لضغوط".
صناديق الاستثمار المتداولة
إذا تم شراء كمية كبيرة من خيارات الشراء، فإن بائعي الخيارات، عادة ما يكونون التجار أو صناع السوق، سيحتاجون إلى التحوط من انكشافهم على هذه العقود. نوّه نولان إلى أن الطريقة المعتادة للتحوط هي شراء الأداة الأساسية حتى لا تتعرض لمخاطر التوجيه (السوق). وإذا بدأ سعر "بتكوين" في الارتفاع، فسيتعين على المتعاملين التحوط بشكل أكبر، وبالتالي شراء المزيد من الرمز المميز الأساسي.
قال نولان: "هذه الحلقة ذاتية الاستدامة يمكن أن تؤدي إلى زيادة سريعة في الأسعار حيث يدفع التجار السعر للارتفاع، مما يجعلهم مضطرين إلى شراء المزيد".
في حين أن صناديق الاستثمار المتداولة تقود الارتفاع، كانت مشتقات العملات المشفرة حافزاً رئيسياً لمواصلة الصعود. اعتمد المستثمرون من المؤسسات وكذلك الأفراد على العقود الآجلة والخيارات نظراً لكفاءة رأس مالهم، وسهولة عدم التعامل مع المخاطر المرتبطة بحيازة العملة المشفرة مباشرة.
شهدت "ديريبيت"، إحدى أكبر بورصات خيارات العملات المشفرة، ارتفاعات قياسية عبر فئات متعددة يوم الخميس. وبلغ إجمالي المراكز في الخيارات 27 مليار دولار، في حين بلغ حجم التداول 12.4 مليار دولار على مدار 24 ساعة.
قال لوك ستريجرز، كبير المسؤولين التجاريين في "ديريبيت": "على مدى الأيام القليلة الماضية، لاحظنا نشاطاً كبيراً في خيارات شراء بتكوين، لا سيما في نطاق 60 ألفاً إلى 70 ألفاً، مصحوباً باختلالات ملحوظة في عقود الشراء. ومع بقاء التقلبات قصيرة الأجل مرتفعة للغاية، نتوقع استمرار الطلب على خيارات الشراء المراهنة على الصعود، وإن كان ذلك مع موجات محتملة من التلقبات".
بيع لعقود المشتقات
يمكن أن تضيف عقود "بتكوين" الآجلة المزيد من ضغوط هبوط الأسعار إذا انخفض سعر الأصل الرقمي، مع تعزيز المتعاملين مراكزهم الشرائية عن طريق الاقتراض من خلال هذه المشتقات. رفع ذلك معدل التمويل لعقود "بتكوين" الآجلة غير محددة الأجل، وهو أحد المؤشرات الرئيسية للاقتراض، بشدة خلال الأيام القليلة الماضية. وشهد ذلك النوع من المشتقات عمليات بيع كبيرة في الفترة التي سبقت ارتفاع "بتكوين" المتواصل يوم الأربعاء.