مستثمرون يتنافسون على عقود الخيارات المرتبطة بصناديق متداولة مدرجة في الولايات المتحدة وتتتبع الأسهم الصينية

تجارة "اليانصيب" تنتعش في سوق الأسهم الصينية المتعثرة

أسعار الأسهم على البوابة الإليكترونية لإحدى شركات السمسرة في هانغتشو - المصدر: بلومبرغ
أسعار الأسهم على البوابة الإليكترونية لإحدى شركات السمسرة في هانغتشو - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

وسط حطام انهيار سوق الأسهم الصينية، يراهن بعض المستثمرين رهاناً شبه يائسٍ على قدرة المسؤولين في بكين على تحقيق الانتعاش.

يبحث هؤلاء المستثمرون عن أي لحظة يقتنصون فيها عقود الخيارات المرتبطة بصناديق استثمار متداولة مدرجة في الولايات المتحدة وتقتفي حركة الأسهم الصينية، التي منيت بالخسائر نتيجة عمليات الإغلاق لمواجهة فيروس كوفيد، وضغوط الأجهزة الرقابية، والأزمة في قطاع العقارات.

شهد المشاركون في هذه السوق هبوط الأسهم من بكين إلى هونغ كونغ بنسبة 60% عن الذروة التي بلغتها في عام 2021، ومن الواضح أنهم يسعون إلى امتلاك القدرة على الاستفادة من صعود الأسهم إذا حدث ونجحت الحكومة أخيراً في تحقيق أي انتعاش.

قال تشارلي ماك إليغوت، العضو المنتدب في شركة "نومورا سيكيوريتيز إنترناشونال": "ببساطة، هم يشترون تذاكر الياناصيب رخيصة الثمن التي يمكن أن تدر إيرادات كبيرة"، موضحاً أن أسوأ الأسهم الصينية أداءً "هي أكثرها جاذبية إذا نظرنا إليها وفق معادلة المخاطرة والعائد".

تعظيم الأرباح وخفض الخسائر

تمثل المراهنة على خيارات الصناديق المتداولة دليلاً على أن عدداً من المستثمرين على الأقل يلاحظون ما يحدث باهتمامٍ في ضوء حرص قادة الصين على وقف حركة البيع الكثيف في سوق الأسهم.

توفر عقود الخيارات وسيلة لتعظيم الأرباح وخفض الخسائر المحتملة إلى الحدود الدنيا حتى وإن بلغ الخوف بمعظم المستثمرين حداً يدفعهم إلى عدم شراء الأسهم تماماً، ويدفع كثيراً منهم إلى السعي الحثيث إلى تجنبها.

علاوة على ذلك، فإن صناديق المؤشرات المتداولة، التي تتخذ مقرها في الولايات المتحدة، مطروحة للتداول في وقت إغلاق بعض أسواق المال المحلية بمناسبة عطلة العام القمري الجديد.

على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، كانت الأسهم الصينية من بين أسوأ الأسهم أداءً في العالم، ويرجع ذلك إلى تدهور ثقة المستثمرين نتيجة إجراءات الإغلاق التي ارتبطت بمواجهة فيروس كوفيد، وضغوط الأجهزة الرقابية على بعض القطاعات، مثل قطاعي التكنولوجيا والتعليم، والأزمة العقارية الممتدة.

هبط مؤشر أسهم البر الرئيسي المدرجة في "بورصة هونغ كونغ" بنسبة 7% تقريباً خلال العام الحالي فقط على الرغم من صعوده بنسبة 1.5% يوم الأربعاء عند عودة التداول بعد العام القمري الجديد.

الرهان على الصعود

يشير حجم التداول على عقود خيارات الشراء عادة إلى مدى اهتمام المستثمرين بالرهان على صعود أصل من الأصول المطروحة. وفي الأسبوع الماضي، ارتفع حجم التداول إلى أعلى مستوى منذ ما يزيد على عام في عقود خيارات الشراء الخاصة بصندوق "آي شيرز تشاينا لارج كاب" المتداول (iShares China Large-Cap ETF) الذي تبلغ قيمته 4.2 مليار دولار، ويعرف اختصاراً بصندوق "FXI".

وفي الأسابيع الأخيرة، ظهرت اتجاهات مماثلة على مستوى سوق صناديق الاستثمار المتداولة المدرجة في الولايات المتحدة وتركز على أسهم الصين، والتي تبلغ قيمتها 20 مليار دولار. وقاد هذه الاتجاهات، على الأقل جزئياً، أولئك المستثمرون الذين يخشون أن تفوتهم فرصة الاستفادة من أي انتعاش محتمل.

تسارعت وتيرة الزيادة في نشاط عقود الخيارات مع فرض حكومة الرئيس شي جين بينغ قيوداً على نظام بيع الأسهم على المكشوف في السوق المحلية، واختيارها أن تشتري الدولة أسهم البنوك الكبرى في البلاد، بل وقيامها بتغيير رئيس هيئة الرقابة على الأوراق المالية. كذلك قالت الحكومة إنها تقوم بشراء أسهم في صناديق الاستثمار المتداولة المدرجة في السوق المحلية.

انخفض حجم التداول على عقود خيارات الشراء وسط حالة الخمول الناتجة عن العطلة الرسمية، غير أن المستثمرين لا يزالون يترقبون باهتمام ما سيدفع الأسهم إلى التأرجح مرة أخرى – حتى وإن ظلت معنويات المستثمرين متردية بوجه عام.

في بعض الأحيان، يترتب على تعهدات بكين بحزمة تحفيز للاقتصاد اندفاع السوق في تحقيق بعض المكاسب لفترات قصيرة متقطعة. وقد سجل صندوق "FXI" المتداول صعوداً بنسبة 4.4% الأسبوع الماضي وسط الحزمة الأخيرة من الإجراءات – وإن ظل منخفضاً بنسبة 5.7% منذ بداية العام الجاري.

توقيت المعاملات

زادت حركة الشراء بأعلى وتيرة في العقود الأقصر أجلاً تجنباً للمخاطر التي تنتظرها في مدى أبعد، مثل الانتخابات الرئاسية بالولايات المتحدة. فمن بين عقود الخيارات العشرة على صندوق "FXI"، التي تمتاز بأكبر كمية من المراكز المفتوحة، يبلغ عدد خيارات الشراء تسعة عقود تنتهي صلاحيتها في شهري فبراير ومارس، وتسمح لصاحبها بشراء أسهم بأسعار تتراوح بين 22 و30 دولاراً.

وعلى سبيل المثال، أوصت شركة "إيفركور" (Evercore ISI) عملاءها بشراء عقود خيارات الشراء لصندوق "FXI" التي تنتهي صلاحيتها في 28 مارس للاستفادة من انخفاض قيم الأسهم الصينية.

يوفر ذلك العقد وسيلة للمستثمرين للمراهنة على زيادة حزمة التحفيز في الفترة التي تبدأ من الآن وتنتهي في مارس، عندما تتأهب بكين لانعقاد المؤتمر الشعبي الوطني. وقد روجت أيضاً مجموعة "غولدمان ساكس غروب" للتعامل على عقود الخيارات على الأصول الصينية.

قال جوليان إيمانويل، العضو المنتدب الأول لشؤون الأسهم والمشتقات واستراتيجية الاستثمار الكمي في "إيفركور": "توفر عقود خيارات الشراء وسيلة ممتازة للمراهنة على هذا الحدث الرئيسي، وهي ليست غالية الثمن بأي شكل من الأشكال على أساس الحركة المتقلبة. مخاطرها محدودة وعائدها غير محدود من الناحية النظرية".

انتخابات الرئاسة الأميركية

غير أن ذكريات العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة والصين في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب لا تشجع على الرهانات ذات الآفاق الزمنية الأقرب من غيرها إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية.

على مؤشر آخر يحظى بمتابعة وثيقة، تقلب معامل عقود خيارات البيع مقابل عقود خيارات الشراء لأجل شهر واحد على صندوق "FXI" عدة مرات في الأسابيع الأخيرة، مع ارتفاع تكلفة الخيارات التي تراهن على زيادة الأسعار مقارنة بتكلفة العقود التي تراهن على هبوطها. وبالنسبة إلى لينغ تشو، رئيس استراتيجية مشتقات الأسهم في "تي دي كوين" (TD Cowen)، فإن ذلك مؤشر على أن المستثمرين يستخدمون عقود الخيارات بهدف الاستفادة من انتعاش الأسهم.

يتوقع تشو أن يكون المستثمرون مستعدين لتقلبات كبيرة في الأسهم الصينية في العام المقبل، مشيراً إلى أن تكلفة خيارات الشراء لمدة عام واحد على صندوق "FXI" بلغت أعلى مستوياتها في 10 سنوات مقارنة بتكلفة نفس العقود على صندوق استثمار متداول آخر يتتبع مؤشر "إس أند بي 500"، هو صندوق "إس بي دي آر إس آند بي 500 تراست" (SPDR S&P 500 ETF Trust).

وقال مالكولم دورسون، رئيس استراتيجية الأسواق الناشئة في شركة "غلوبال إكس مانجمنت" (Global X Management): "إن شراء عقود خيارات الشراء وسيلة للاستثمار في الأصول دون تخصيص قدر كبير من رأس المال لذلك الغرض".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك