تراجع الين الياباني متجاوزاً عتبة 150 يناً مقابل الدولار لأول مرة منذ نوفمبر الماضي، مما أثار أقوى رد فعل من المسؤولين اليابانيين منذ أشهر، حيث أخمد ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة بشكل أكثر من المتوقع الرهانات على الخفض المبكر لأسعار الفائدة الأميركية.
بلغ سعر العملة اليابانية حوالي 150.73 ين مقابل الدولار صباح أمس في طوكيو بعد هبوط بنسبة 1% عشية أمس، وجاء هذا التراجع كجزء من انخفاض أوسع نطاقاً في عملات مجموعة العشرة مقابل الدولار الأميركي. فيما عززت بيانات التضخم في الولايات المتحدة التكهنات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيحتاج إلى إبقاء أسعار الفائدة عند أعلى مستوياتها منذ عقدين لعدة أشهر أخرى.
وأثارت اضطرابات العملة موجة من التحذيرات الشفهية الصارمة من كبار المسؤولين في طوكيو.
صرح ماساتو كاندا، نائب وزير المالية للشؤون الدولية، للصحفيين أمس، بأن "بعض التحركات السريعة الأخيرة (في سعر العملة) تتماشى مع الأساسيات، لكن بعضها يعتمد بوضوح على تكهنات رفع الفائدة. وأعتقد أن هذه الخطوة غير مرغوب فيها الآن".
وفي أقوى تصريحاته منذ نوفمبر، أضاف كاندا أن "السلطات مستعدة للرد على مدار 24 ساعة في اليوم، و365 يوماً في العام" على اضطرابات العملة.
من جانبه، أكد وزير المالية شونيتشي سوزوكي على تصريحات كاندا بعد ذلك بوقت قصير. وبينما استعاد الين بعض مكاسبه لفترة وجيزة، فإنه سرعان ما عاد قرب المستويات السابقة للتصريحات. وارتفع العائد على السندات اليابانية لأجل 10 أعوام إلى 0.76%، وهو أعلى مستوى يبلغه منذ منتصف ديسمبر، مما يشير إلى أن المستثمرين يرون فرصة أكبر لرفع بنك اليابان أسعار الفائدة في وقت مبكر.
الين يواجه مزيداً من الضغوط
واجه الين، الذي تجاوز عتبة 150.89 ين مقابل الدولار أمس الثلاثاء، ضغوطاً متجددة بعدما قال نائب محافظ بنك اليابان شينيتشي أوشيدا الأسبوع الماضي إنه من الصعب رفع البنك لسعر الفائدة بشكل مستمر وسريع. وتراجعت العملة اليابانية بالفعل بنسبة تزيد عن 23% خلال العامين الماضيين، أي أكثر من أي عملة رئيسية أخرى تتبعها "بلومبرغ".
قال أوشيدا أيضاً إن الأوضاع المالية ستظل ملائمة حتى بعد أن ينهي بنك اليابان سياسته السلبية لسعر الفائدة، بالنظر إلى التوقعات الحالية للاقتصاد والتضخم، وهي وجهة نظر تبناها أيضاً محافظ بنك اليابان كازو أويدا.
قال كييتشي إغوتشي، كبير الاستراتيجيين في شركة "ريسونا هولدينغز" (Resona Holdings)، إن "المخاوف الناتجة عن تصريحات السلطات اليابانية تتزايد، وسيحتاج المستثمرون في السوق إلى تقييم شدة التحذير من الآن فصاعداً. كما سيسود بعض التوتر بين المستثمرين بسبب مخاوف التدخل".
هبط الين بأكثر من 6% مقابل الدولار حتى الآن في 2024، وهو الخاسر الأكبر بين عملات مجموعة العشرة. وانخفضت العملة اليابانية بنسبة 3.5% مقابل اليورو، كما أنها الأسوأ أداء بين أقرانها في الدول المتقدمة.
جهود دعم العملة اليابانية
تدخلت السلطات اليابانية في سوق صرف العملات الأجنبية في سبتمبر وأكتوبر لعام 2022، في أول جهودها لدعم العملة منذ 1998، وأنفقت حوالي 9 تريليونات ين (60 مليار دولار) في ذلك الصدد.
أفاد توم ناكامورا، مدير المحفظة في شركة "أيه جي إف إنفستمنتس" (AGF Investments)، بأن "السوق تتوق حقاً لصعود الين وسط توقعات بتخلص بنك اليابان من سياسته السلبية لسعر الفائدة، لكن المركزي لن يكون في عجلة من أمره لفعل ذلك ولن يندفع نحو دورة تطبيع طويلة للسياسات النقدية". واختتم أن توقعات صعود الين تستند إلى الاحتمالات القوية ببدء تراجع المركزي تدريجياً عن سياسته النقدية الحالية.