كافحت وول ستريت لكسب الزخم يوم الخميس، إذ استوعبت سوق السندات عملية بيع كبيرة أخرى لسندات الخزانة، فيما تحركت أسعار الأسهم بالقرب من مستوياتها القياسية.
وانخفضت السندات على الرغم من مزاد قوي بقيمة 25 مليار دولار أدى إلى تقليص المخاوف بشأن زيادة المعروض. أغلقت مؤشرات الأسهم دون تغيير يذكر، بعد أن لامس مؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500) لفترة وجيزة مستوى 5000 نقطة للمرة الأولى. وساد شعور بالحذر التعاملات مع استعداد المستثمرين لمراجعات مؤشر أسعار المستهلكين المنتظرة يوم الجمعة، واستعادة ذكريات ما حدث قبل عام حينما كان التحديث جوهرياً بما يكفي للتشكيك في إجمالي التقدم بمكافحة التضخم.
وقال أندرو برينر من "نات أليانس سيكيوريتيز" (NatAlliance Securities): "هناك بعض الحديث عن أن مراجعة مؤشر أسعار المستهلك غداً قد تلقي شكوكاً على أرقام التضخم الجيدة الأخيرة، لكن تتسم هذه الأرقام بالتقلب.. نعتقد أن الخطوة التالية ستتوقف على رقم مؤشر أسعار المستهلك المرتقب يوم الثلاثاء".
وقبيل هذه الأرقام، استقبل المستثمرون بيانات طلبات إعانة البطالة التي أضافت إلى الأدلة على استمرار قوة سوق العمل، وتضفي مصداقية على الرسائل الحذرة الأخيرة من المتحدثين باسم البنك المركزي. كان رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند، توماس باركين، آخر من أكد على أن صناع السياسة النقدية لديهم الوقت للتمهل حيال توقيت خفض أسعار الفائدة.
أغلق مؤشر "إس آند بي 500" عند مستوى4997.97 نقطة. ومع استمرار موسم نتائج الأعمال، قفزت أسعار أسهم شركتي "والت ديزني"، و"أرم هولدينغز" بسبب التوقعات المتفائلة، في حين هوت أسهم "باي بال هولدينغز" وسط توقعات مخيبة للآمال. وارتفعت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات ثلاث نقاط أساس إلى 4.15%. ووصل سعر "بتكوين" إلى مستوى 45 ألف دولار. ارتفعت أسعار النفط وسط شكوك حول الهدنة المقترحة في الحرب بين إسرائيل وحماس.
اقتصاد قوي يتحدى مخاوف الركود
يرى لاري تينتاريلي من "بلو تشيب دايلي تريند ريبورت" (Blue Chip Daily Trend Report) أن سوق الوظائف القوية وتماسك الاستهلاك لا يزالان يبشران بالخير للاقتصاد، كما أنهما سيجابهان مخاوف الركود الفوري. وهو يراهن على أن الاحتياطي الفيدرالي سيكون قادراً على خفض أسعار الفائدة في مايو أو يونيو.
يقول كريس لاركين من "إي *تريد" (E*Trade) التابعة لـ"مورغان ستانلي" إن تقارير التضخم القليلة القادمة قد تحدد ما إذا كانت الأسهم ستتمكن من مواصلة تسجيل أرقام قياسية جديدة على المدى القريب.
من جهته، قال دان وانتروبسكي من "جاني مونتغمري سكوت" (Janney Montgomery Scott): "ما نزال حذرين.. فعلى هذه الجبهة، نلاحظ ضيق اتساع السوق، والاختلافات المستمرة في الزخم، وظروف التشبع الشرائي في الأسهم القيادية، والمشاعر التي يمكن أن تقترب من التطرف بسرعة نسبياً".
ارتدّ مؤشر "إس آند بي 500" منذ أدنى مستوياته التي سجلها في مارس 2020 بسبب الجائحة، مرتفعاً بأكثر من الضعف، وسجل مكاسب خلال العام الماضي مدفوعة برهانات على الهبوط الاقتصادي السلس، والتفاؤل بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي على أرباح الشركات.
في حين أن الأسهم الأميركية تسعر الآن الكثير من الأخبار الجيدة، يرى مكتب الاستثمار الرئيسي في "يو بي إس" إمكانية تحقيق المزيد من المكاسب في حالة حدوث نتائج اقتصادية "تتفق مع السيناريو المثالي".
قالت سوليتا مارسيلي من "يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت" (UBS Global Wealth Management): "لا نزال نتوقع في السيناريو الأساسي حدوث الهبوط السلس للاقتصاد الأميركي، على أن ينهى مؤشر (إس آند بي 500) تعاملات العام بالقرب من المستويات الحالية.. ومع ذلك، سلطت البيانات الاقتصادية الأخيرة الضوء على إمكانية استمرار النمو القوي، وترويض التضخم، وتخفيف القيود النقدية بشكل أسرع. وحال حدوث ذلك، نتوقع أن تكون لدى المؤشر القدرة على استهداف مستوى 5300 نقطة العام الحالي".
إعادة شراء أسهم قياسية
من جانب آخر، تدفع الأرباح الأقوى من المتوقع الشركات إلى الإعلان عن عمليات إعادة شراء الأسهم بوتيرة مذهلة مع بداية 2024، وهي ركيزة محتملة حاسمة لدعم أسواق الأسهم العالمية التي بلغت بالفعل أعلى مستوياتها على الإطلاق.
أعلنت شركات لأميركية عن خطط لإعادة شراء أسهم بقيمة 105 مليارات دولار في الأيام السبعة الأولى من شهر فبراير، وهو ما يتجاوز حصيلة شهر يناير بالكامل. لتعد بذلك أقوى بداية لشهر فبراير على الإطلاق من حيث قيمة عمليات إعادة الشراء المعلنة، وثاني أفضل بداية لعام بعد 2023، حسبما تظهر بيانات شركة الأبحاث "بيريني أسوشيتس" (Birinyi Associates).
وأظهر استطلاع أجرته شركة "22 في ريسيرش" (22V Research) أن 56% من المستثمرين الذين شملهم الاستطلاع يعتقدون أن النمو الاقتصادي سيكون أقوى من التقديرات المتفق عليها في 2024، مرتفعاً عن 35% قبل أسبوعين. كما انخفضت احتمالات الركود من 18% إلى 7%. وأظهرت الحصيلة أيضاً أن التكنولوجيا هي "الصفقة الأكثر شعبية" لبقية 2024.
من جهة أخرى، تحول مؤشر المعنويات بين الرؤساء التنفيذيين للشركات الأميركية للمنطقة الإيجابية للمرة الأولى منذ عامين، وفق "ذا كونفرنس بورد" (the Conference Board).
وتميل أسعار الأسهم إلى الارتفاع بعد أول خفض لأسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، لكن مرحلة الدورة الاقتصادية مهمة، وفق إد كليسولد من "نيد ديفيس ريسرش" (Ned Davis Research). إذ حققت الأسهم أقوى أداء خلال فترات الهبوط السلس، في حين جاء الأداء الأضعف عندما دخل الاقتصاد في مرحلة الركود بعد أقل من عام من الخفض الأول للفائدة.
وكتب كليسولد في مذكرة بعنوان "Dear Jay: move slowly. Sincerely, the bulls" : "تفوق أداء أسهم النمو على القيمة بعد الخفض الأول، خاصة خلال الدورات الاقتصادية البطيئة".
عززت شركات التكنولوجيا الكبرى عودة صعود الأسهم، وتعمل الآن على جني أموال أكثر من أي وقت مضى، مما يهيئ هذه الشركات لإعادة الأموال إلى المساهمين، وربما إزكاء الصعود الذي وصل بأسهم معظم هذه المجموعة إلى مستويات قياسية.
وحققت أكبر خمس شركات تكنولوجيا أعلنت عن أرباحها حتى الآن: "أبل"، و"مايكروسوفت"، و"ألفابت"، و"أمازون"، و"ميتا بلاتفورمز"، رقماً قياسياً قدره 139.5 مليار دولار من النقد المجمع من العمليات في الربع الذي انتهى في 31 ديسمبر، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ.
عند هذه المستويات، تبدو سوق الأسهم في منطقة ذروة الشراء، ولكن الحقيقة هي أن العديد من المتداولين لا يريدون تفويت المكاسب المستمرة. وقد أدى ذلك إلى اهتمام كبير بعقود الخيارات التي توفر تعرض صعودي للحد الأدنى من العلاوات.
علاوة التقلبات الضمنية لثلاثة أشهر لعقود خيارات الشراء التي تتراوح نسبة تحققها من 10% إلى 40% تحوم حول أعلى مستوياتها منذ عقد، وفق "سسكيهانا إنترناشونال غروب" (Susquehanna International Group). وتشير هذه الأرقام إلى زيادة الطلب على خيارات الشراء التي تمنح مكاسب أعلى مقارنةً بتلك التي تسعى إلى تحقيق صعوداً أكثر تواضعاً.
يتجه المتداولون على نحو متزايد إلى العقود الرخيصة للاستفادة من الارتفاع واسع النطاق في السوق، دون الاضطرار إلى شراء الخيارات القياسية المكلفة.
أداء أبرز المؤشرات:
- مؤشر "إس آند بي 500" لم يشهد تحركاً ملحوظاً حتى الساعة الرابعة مساءً بتوقيت نيويورك
- ارتفع مؤشر "ناسداك 100" بنسبة 0.2%
- صعد سعر "بتكوين" 2.8% إلى 45435.07 دولار
- انخفض سعر إيثر 0.3% إلى 2423.82 دولار