ربما يكون صُناع السياسة في بنك الاحتياطي الفيدرالي أخيراً على وشك خفض أسعار الفائدة. فمع اقتراب اجتماع السياسة النقدية الذي يستمر ليومين هذا الأسبوع، والذي يُختتم ظهر الأربعاء في واشنطن، يضع المستثمرون احتمالات متساوية تقريباً لبدء البنك المركزي الأميركي في خفض تكاليف الاقتراض في قراره القادم في مارس.
هذا يجعل المؤتمر الصحافي لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، وأي إشارة قد يختار إرسالها أو لا، ذات أهمية بالغة. يعتمد الأمر على كيفية قراءة باول وزملائه لسلسلة البيانات الاقتصادية الأخيرة.
فمن ناحية، تستمر معدلات التضخم في الانخفاض بوتيرة أسرع من المتوقع. إذ تباطأ المقياس المفضل للاحتياطي الفيدرالي إلى 2.9% في ديسمبر، ليقل عن 3% لأول مرة منذ أوائل 2021، وفقاً للبيانات المنشورة يوم الجمعة.
اقرأ أيضاً: نمو الاقتصاد الأميركي يفوق التوقعات في الربع الرابع
من جهة ثانية، يظل إنفاق المستهلكين قوياً بشكل مدهش. فلا شك أنه يتلقى دعماً من تراجع التضخم، لكن قوته قد تثير قلق البعض من أن ضغوط الأسعار قد تتصاعد مجدداً.
"هذه المرحلة تتيح الفرصة لبنك الاحتياطي الفيدرالي لاتخاذ خطوات نحو خفض أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة. نتوقع بدء الاحتياطي الفيدرالي في خفض النطاق المستهدف لسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية في مارس في إطار محاولته تحقيق هبوط سلس". - ستيوارت بول وإستيل أو
ما الذي تقوله "بلومبرغ إيكونوميكس":
إلى جانب قرار الاحتياطي الفيدرالي، هناك بيانات أميركية ستصدر الأسبوع المقبل. سيكون أهمها تقرير الوظائف الشهري يوم الجمعة. كما ستساعد بيانات فرص العمل وثقة المستهلك التي ستصدر الثلاثاء، وإصدار مؤشر تكاليف التوظيف الفصلي يوم الأربعاء، في توضيح مدى قوة توقعات الإنفاق خلال اجتماع الاحتياطي الفيدرالي.
وعلى صعيد آخر، تنشر هيئة الإحصاء الكندية بيانات الناتج المحلي الإجمالي حسب الصناعة لشهر نوفمبر، بعد ثلاثة أشهر متتالية من النمو الثابت. وكان يمكن أن ينكمش الاقتصاد لولا الزيادة السكانية الهائلة الناجمة عن الهجرة المؤقتة التي لا تمكن السيطرة عليها.
في أماكن أخرى، قد تبقي البنوك المركزية في المملكة المتحدة والسويد أسعار الفائدة من دون تغيير، فيما يُتوقع أن تتخذ ثلاثة بنوك مركزية في أميركا اللاتينية خطوات للخفض.
كما ستكون بيانات التضخم والناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو، واستطلاعات الأعمال الصينية، محط اهتمام المستثمرين، كما نشر صندوق النقد الدولي توقعات جديدة يوم الثلاثاء.
إليك ملخص ما سيحدث في الاقتصاد العالمي خلال الفترة المقبلة:
آسيا
- من المقرر أن تصدر الصين مؤشرات مديري المشتريات يوم الأربعاء، والتي ستسلط الضوء على الوضع الحالي لثاني أكبر اقتصاد في العالم.
- شهد قطاعا التصنيع والخدمات تراجعاً منذ سبتمبر، مع تعمق الانخفاض في نشاط المصانع وسط استمرار الثرثرة حول الحاجة إلى مزيد من التحفيز لدعم النمو المتعثر.
اقرأ أيضاً: الأرباح الصناعية في الصين تتراجع خلال 2023 بسبب ضعف الطلب
- القراءات الرسمية ستتبع تقارير مؤشر مديري المشتريات للقطاع الخاص للصين والأرقام المماثلة لدول أخرى في المنطقة التي أظهرت مستويات نشاط بطيئة، ويرجع ذلك جزئياً إلى افتقار جارتها العملاقة إلى الزخم الاقتصادي.
- يبدأ الأسبوع بقرار سلطة النقد في سنغافورة في أول اجتماع لها منذ التحول إلى اجتماعات ربع سنوية، ورحيل رافي مينون الذي تولى منصب رئيس الهيئة لفترة طويلة.
- سيقدم ملخص آراء أعضاء مجلس إدارة بنك اليابان في اجتماع يناير مزيداً من الدلائل حول مدى اقتراب البنك المركزي من رفع سعر الفائدة لأول مرة منذ 2007. ويُنظر إلى مارس وأبريل باعتبارهما شهرين مثاليين لعقد الاجتماعات المباشرة.
اقرأ أيضاً: بنك اليابان يبقي على الفائدة السلبية ويدفع سعر الين للهبوط
- في الوقت نفسه، ستصدر الفلبين وتايوان وهونغ كونغ نتائج النمو الاقتصادي للربع الرابع خلال الأسبوع.
- كما يُتوقع صدور أرقام التضخم الفصلية في أستراليا يوم الأربعاء، مع توقع تباطؤ إضافي قبل أيام قليلة من اتخاذ البنك المركزي قراراً بشأن السياسة النقدية في اجتماعه الأول لهذا العام.
- تقدم أرقام التجارة في كوريا الجنوبية قياساً لوضع التجارة العالمية، وستصدر بيانات التضخم في ختام الأسبوع.
أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا
ثلاثة قرارات للبنك المركزي ستلفت انتباه أوروبا:
- بنك إنجلترا بإمكانه التراجع عن تهديده برفع أسعار الفائدة مجدداً إذا لزم الأمر بعد تباطؤ نمو الأجور في البلاد بأسرع وتيرة على الإطلاق. وهناك سبب للحذر، لا سيما بعد أن أظهرت البيانات ارتفاعاً غير متوقع في التضخم الشهر الماضي، وهذا سيحدث يوم الخميس.
- مسؤولو البنك المركزي السويدي أشاروا بالفعل إلى أنه لن يكون من الضروري رفع تكاليف الاقتراض مرة أخرى، لكن قرارهم في نفس اليوم قد يكشف عن مدى تصميمهم على إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة حالياً.
- في المجر يوم الثلاثاء، يمكن لصُناع السياسات المضي قدماً بخفض آخر في تكاليف الاقتراض. ويتوقع معظم الاقتصاديين خفض أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس إلى 9.75%.
هذا الأسبوع يعتبر مهماً أيضاً بالنسبة للبيانات، حيث يُتوقع أن تعلن الدول في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي عن أرقام النمو والتضخم.
وستنشر بلجيكا والسويد تقارير مثل هذه يوم الاثنين، وفي اليوم التالي ستصدرها عدة دول مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا.
وبالنسبة لمنطقة اليورو، يتوقع الاقتصاديون انكماشاً فصلياً ثانياً بنسبة 0.1%، وهو ما يلبي التعريف النموذجي للركود.
اقرأ أيضاً: كيف تضغط أزمة البحر الأحمر على البنوك المركزية في أوروبا؟
من المقرر أيضاً صدور تقارير التضخم من جميع أنحاء المنطقة، والتي ستوفر صورة أشمل لنتائج منطقة العملة الموحدة يوم الخميس. ويُتوقع أن تصل القراءة إلى 2.7% هناك، والتي تظل فوق هدف البنك المركزي الأوروبي بشكل ملحوظ، بينما قد يظل المؤشر الأساسي الذي يستبعد الطاقة ومثل هذه العناصر المتقلبة، أعلى.
وبصرف النظر عن أوروبا، ستصدر العديد من البنوك المركزية الأخرى بياناتها أيضاً:
- قرار بنك غانا يوم الاثنين يعد بمثابة دعوة قريبة لخفض محتمل في أسعار الفائدة. ويستمر التضخم في التباطؤ، مما يجعل معدلاته الحقيقية من بين أعلى المعدلات في العالم. ومع ذلك، حذر صندوق النقد الدولي من التيسير النقدي.
- في اليوم ذاته، قد تشرح زيمبابوي خططها للتعامل مع انهيار العملة، التي انخفضت بأكثر من الثلث مقابل الدولار الأميركي في السوق الرسمية حتى الآن هذا العام.
- ليسوتو، التي تربط عملتها بالراند الجنوب أفريقي، قد تتبع جارتها يوم الثلاثاء، وتحتفظ بسعر الفائدة الرئيسي عند 7.75% لدعم اقتصادها.
- يُتوقع أن تحتفظ موزمبيق يوم الأربعاء بتكاليف الاقتراض من دون تغيير، للحد من التضخم حتى بعد أن قال صندوق النقد الدولي إن هناك مجالاً لخفضها.
- من المقرر أن يجتمع المسؤولون المصريون يوم الخميس وسط أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود، حيث يتوقع المستثمرون خفض قيمة العملة في النهاية. وبينما تستمر المحادثات مع صندوق النقد الدولي، قد يحتفظ البنك المركزي بأسعار الفائدة عند 19.25%.
اقرأ أيضاً: صندوق النقد: تراجع حصة الدولار من احتياطيات البنوك المركزية
من بين أبرز البيانات، ربما تظهر بيانات يوم الأربعاء أن اقتصاد السعودية انكمش للربع الثاني على التوالي في نهاية 2023، بعد انكماش يعكس في الغالب خفض إنتاج النفط لرفع الأسعار. وهذا ما حول الدولة من واحدة من أسرع أعضاء مجموعة العشرين نمواً إلى واحدة من أقل دول المجموعة نمواً.
أميركا اللاتينية
أبرز البنك المركزي البرازيلي إشارات توضح خفض أسعار الفائدة للمرة الخامسة على التوالي بمقدار نصف نقطة مئوية يوم الأربعاء إلى 11.25%، بجانب خفض آخر مخطط له في اجتماع مارس.
يتوقع المحللون الذين استطلع البنك آراءهم أن يصل التضخم إلى 9% بحلول نهاية العام، لكن ليست هناك فرصة كبيرة لانخفاضه بعد ذلك في ظل توقعات التضخم الثابتة.
تعتزم البرازيل أيضاً إصدار تقارير حول الإنتاج الصناعي والبطالة الوطنية في نهاية ديسمبر.
من المؤكد أيضاً أن البنك المركزي الكولومبي سيخفض أسعار الفائدة للشهر الثاني على التوالي، بالرغم من اختلاف آراء المحللين حول حجم التخفيض. وربما تقنع قراءة التضخم الأقل من المتوقع لشهر ديسمبر، البنك بخفض الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية إلى 12.5%.
البنك المركزي التشيلي يتمتع بمرونة أكبر، وقد يصوت لصالح خفض الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس إلى 7.25%. ويرى الاقتصاديون الذين شملهم استطلاع البنك أن التضخم سيعود إلى هدف 3% هذا العام.
فيما يتعلق بالتضخم، ربما تظهر بيانات ليما، عاصمة بيرو، أن ارتفاع أسعار المستهلك تسارع عن قراءة ديسمبر البالغة 3.24%. وأعلنت البرازيل عن المؤشر العام لأسعار السوق الذي يحظى بمراقبة أقل، وهو أوسع مقياس للتضخم في البلاد.
في نهاية الأسبوع، من المفترض أن تظهر بيانات المكسيك تباطؤاً ربع سنوي للنمو الاقتصادي من وتيرة 1.1% التي شوهدت في الأشهر الثلاثة حتى سبتمبر، نتيجة تكاليف الاقتراض التي تزيد عن 10% لأكثر من عام.