تسبب انهيار الأسهم الصينية في أضرار فادحة بقطاع إدارة الأصول في البلاد، مما دفع عمليات إغلاق صناديق الاستثمار إلى أعلى مستوى في 5 سنوات في علامة أخرى على تراجع ثقة المستثمرين.
شهد العام الماضي تصفية نحو 240 صندوق استثمار محلياً، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبرغ" بدأ رصدها من عام 2014، وهو أكبر عدد من عمليات التصفية منذ عام 2018، عندما أدى فرض قواعد أشد صرامة إلى تغيير كبير في قطاع إدارة الأصول. وصارت أربعة من كل خمسة صناديق مغلقة تركز على الاستثمار في الأسهم، وهو رقم قياسي.
تواصل الاتجاه نحو تصفية صناديق الاستثمار في العام الجاري، مع تصفية 14 صندوقاً وتحذير 24 صندوقاً آخر من إغلاق وشيك، وفق تحليل "بلومبرغ" لبيانات رسمية.
ويواجه قطاع صناديق الاستثمار في الصين ضربة مزدوجة مع تكثيف عمليات بيع الأسهم في البلاد، وتتزامن الزيادة في إغلاق الصناديق مع انخفاض الاشتراكات الجديدة إلى أدنى مستوى لها منذ 10 سنوات. وتسببت تصفية الصناديق في تسريع دوامة الهبوط بثاني أكبر سوق للأوراق المالية في العالم، مما شكل حلقة مفرغة حيث يتخلى المستثمرون الأفراد عن الأسهم التي كانت مفضلة لهم من قبل حفاظاً على السيولة النقدية.
اقرأ المزيد: صناديق عالمية تخفض حيازاتها من الأسهم الصينية إلى أدنى مستوياتها منذ 2020
قال لي ييمينغ، محلل أول في مركز أبحاث الصناديق التابع لشركة "مورنينغستار" (Morningstar) في الصين: "كان الأداء الضعيف عاملاً مهماً وراء تراجع صناديق الاستثمار، بل وعمليات التصفية. فعندما يواجه المستثمرون صعوبة في تحقيق أرباح في سوق من الأسواق، تتزايد مخاطر أن تتحول المؤسسات ضعيفة الأداء إلى ما يسمى بالصناديق الصغيرة".
الصين.. أسوأ الأسواق الرئيسية في 2024
تحولت الصين إلى أسوأ الأسواق الرئيسية أداء في العالم في السنة الجديدة بسبب استمرار عمليات البيع بلا هوادة، حيث يؤثر الركود العميق في قطاع الإسكان والضغوط الانكماشية المتواصلة على توقعات الأداء الاقتصادي.
ارتفع مؤشر "شنغهاي شنزن 300" (CSI 300) بنسبة 1.4% يوم الخميس وسط علامات على قيام صناديق الدولة، التي يُطلق عليها "الفريق الوطني"، بعمليات شراء كثيفة. مع ذلك، لا يزال المؤشر المعياري للأسهم في البر الرئيسي الصيني منخفضاً بنسبة 4.9% في عام 2024، بعد ثلاث سنوات متتالية من الخسائر.
تشترط هيئة تنظيم الأوراق المالية في الصين انضمام 200 مستثمر على الأقل وجمع ما لا يقل عن 200 مليون يوان (27.8 مليون دولار) للموافقة على تأسيس صناديق الاستثمار. وإذا انخفضت قيمة أصول الصندوق إلى أقل من 50 مليون يوان لمدة 60 يوماً متصلة من أيام التداول، يجب على إدارة الصندوق إبلاغ الجهة التنظيمية واقتراح الحلول، بما في ذلك إنهاء عقد التأسيس.
وتفضل العديد من الصناديق خيار التصفية في ضوء تعقيد البدائل الأخرى مثل الاندماج مع صندوق آخر. ويترتب على إغلاق الصناديق بهذه الطريقة بيع محفظتها من الأصول بيعاً اضطرارياً، ورد ما تبقى منها للمستثمرين وهي محملة بالخسائر.
يُلحق ذلك أضراراً كبيرة لاسيما بالمستثمرين الأفراد الذين يواصلون شراء تلك الصناديق أملاً في تحقيق عوائد في المدى الطويل من هذه الصفقات.
أحد الأمثلة على ذلك هو تصفية صندوق "سي سي بي برنسيبال كوانتيتف" (CCB Principal Quantitative) في أغسطس الماضي، وهو صندوق مفتوح تديره شركة "سي سي بي برينسبال أسيت مانجمنت" (CCB Principal Asset Management)، ويتعمد على شراء الأسهم حسب متغيرات السوق، وذلك بعدما انخفضت أصوله المدارة إلى 30 مليون يوان، أو ما يزيد قليلاً عن عُشر قيمته عند إطلاقه في عام 2017، وفقاً لإفصاح قُدم للبورصة.
الصين تفقد جاذبيتها كوجهة استثمار
كانت صناديق الاستثمار ذات الإدارة النشطة قبل ذلك أداة استثمارية مفضلة عند المستثمرين الأفراد في الصين، لكنها الآن تفقد جاذبيتها بسرعة: فقد انخفض مؤشر على حركة صناديق الاستثمار التي تركز على الأسهم بنسبة 7.7% هذا العام، وفقاً لشركة "تشاينا سيكيوريتيز إندكس" (China Securities Index Co). ويقول لي من شركة "مورنينغستار" إن المستثمرين يتوقفون، في الوقت نفسه، عن افتتانهم بصناديق المؤشرات المتداولة في البورصة التي جذبت اشتراكات قياسية في العام الماضي ولكنها تعاني الآن من وفرة في العرض.
من بين الصناديق المتداولة التي تكافح من أجل البقاء صندوق "آي سي بي سي كريديه سويس سي إس آي كونسيومر توب" (ICBC Credit Suisse CSI Consumer Top ETF)، الذي انطلق في أكتوبر الماضي. وقد حذر الصندوق المستثمرين في وقت سابق من هذا الشهر من انخفاض صافي قيمة أصوله دون مستوى 50 مليون يوان لمدة 45 جلسة تداول. وإذا استمر هذا الوضع لمدة خمسة أيام تداول أخرى، سيترتب على ذلك تصفية الصندوق بموجب شروط عقد التأسيس.
في مؤتمر صحفي يوم الخميس، قال نيكولاس يو، رئيس قطاع الأسهم الصينية في شركة "أبردن" (abrdn): "تعرف السوق أيضاً بحدوث عمليات استرداد كبيرة في تلك الصناديق. وهناك صناديق أنشئت قبل ثلاث سنوات والآن وصلنا إلى تلك النهاية، لذلك يتزايد قلق المستثمرين المحليين من الضغوط قصيرة الأجل على البيع، وهذا هو السبب في أنهم لا يرغبون في المشاركة في السوق في الوقت الحالي".