بداية نهاية الوقود الأحفوري لا تزال بعيدة المنال والطلب العالمي ينمو 1.2 مليون برميل يومياً العام المقبل

خافير بلاس: رؤية استشرافية لآفاق سوق النفط في 2025

بداية نهاية صناعة الوقود الأحفوري لا تزال بعيدة المنال - المصدر: بلومبرغ
بداية نهاية صناعة الوقود الأحفوري لا تزال بعيدة المنال - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

لا تزال سوق النفط خلال 2024 في مهدها، لكن الاهتمام يتحول بالفعل إلى 2025. فإذا بدأ الاقتصاد العالمي الإقلاع عن إدمانه للنفط، على النحو الذي يؤكده المتفائلون، فيُفترض أن تظهر الإشارات الأولى على تحول الطاقة بحلول العام المقبل. سأفسد عليكم المفاجأة؛ فالمؤشرات الأولية على بداية نهاية قطاع الوقود الأحفوري تشير إلى أنها لا تزال بعيدة المنال.

في شهر يناير من كل عام، تكون إدارة معلومات الطاقة (Energy Information Administration)، الذراع الإحصائية لوزارة الطاقة الأميركية، أول جهات التوقع العامة التي تصدر تكهناتها لسوق النفط للعام التالي. وتوقعت الإدارة، يوم الثلاثاء، ارتفاع الطلب العالمي بمقدار 1.2 مليون برميل يومياً في 2025، مقارنة بكمية 1.4 مليون برميل يومياً المتوقعة في 2024.

رغم اتفاق العالم في محادثات المناخ "كوب 28"، التي أُقيمت في دبي العام الماضي، على التحرك باتجاه التحول التدريجي عن استخدام الوقود الأحفوري، فالحقيقة أن تلك العملية ستستغرق عقوداً. مع ذلك، فالمفترض حدوثه في موعد قريب هو تباطؤ معدل ارتفاع الطلب على النفط وبلوغ الاستهلاك حدّه الأقصى. وفي حال وصول الطلب إلى ذروته قبل نهاية العقد الجاري، على النحو الذي أشارت إليه وكالة الطاقة الدولية، فيجب أن يبدأ تباطؤ معدل زيادة الاستهلاك في موعد أقربه العام المقبل، قبل التوقف تماماً في الأعوام التالية. لذلك؛ يُعدُّ 2025 عاماً بالغ الأهمية باعتباره مؤشراً مستقبلياً.

استقرار السوق مع وفرة الإمدادات

اتسمت قراءة السوق منذ مطلع 2020 بصعوبة استثنائية، نتيجة الأثر الاقتصادي للإغلاقات في فترة جائحة كورونا. حالياً، أخذ التعافي من الجائحة مجراه الطبيعي بشكل كبير، وتعافى قطاع الطاقة ليصل إلى الوضع الراهن. ما بين عامي 1991 و2023، ارتفع الطلب العالمي على النفط بمقدار 1.05 مليون برميل يومياً في المتوسط. وباستبعاد أثر الجائحة والتعافي منها، بلغ متوسط نمو الطلب على النفط 1.18 مليون برميل يومياً على مدى الثلاثين عاماً الماضية، وهو ما يتفق مع توقع إدارة معلومات الطاقة بارتفاعه بمقدار 1.2 مليون برميل يومياً في 2025، ويشير ذلك القدر إلى زيادة أكبر من المتوسط، من الناحية الفنية.

على حد وصف إدارة معلومات الطاقة، فإن الارتفاع المتوقع في الطلب خلال 2024 و2025 يتسق بشكل كبير مع متوسط معدل 1.2% للزيادة السنوية في الاستهلاك العالمي للوقود السائل خلال 20 عاماً. لكن يجب عدم الخلط بين قوة الطلب وارتفاع الأسعار؛ إذ قالت الإدارة أيضاً إن الإمدادات ستزيد بما يكفي للحفاظ على استقرار السوق. عوضاً عن ذلك، سيحتاج تحالف "أوبك+" إلى تمديد خفض الإنتاج لفترة أطول من التوقعات، ويُحتمل أن تمتد حتى في 2025، لتجنب تدهور الأسعار.

رغم أن التوقع مبدئي، إلا أنه يقدم إشارات مهمة على الاتجاهات، فإدارة معلومات الطاقة ستنقح تقديراتها، وسينشر آخرون توقعاتهم لعام 2025 أيضاً. ستصدر وكالة الطاقة الدولية تكهناتها في أبريل المقبل، وهو موعد أبكر من الأعوام الماضية، تليها منظمة "أوبك" لاحقاً. أما في القطاع الخاص، فتباينت الآراء بشأن العام المقبل، حيث تراوحت توقعات النمو ما بين 900 ألف برميل و1.5 مليون برميل يومياً.

إذا أصابت توقعات إدارة معلومات الطاقة، سيصل المتوسط السنوي للطلب العالمي على النفط إلى 103.7 مليون برميل يومياً في 2025، ليواصل هذا التوجه طويل الأجل، وستكون الصين والهند مسؤولتين عن أغلب هذه الزيادة في الطلب. مع ذلك، يتراجع استهلاك النفط في الدول المتقدمة. أما من جهة المنتجات، فسيمثل قطاع البتروكيماويات جزءاً كبيراً من الاستهلاك الإضافي للنفط، كما حدث في السنوات الماضية أيضاً، حيث سيعوّض الإقبال على المواد البلاستيكية نقص استخدام الوقود الناتج عن حلول المركبات الكهربائية مكان التقليدية. كما سيمثل قطاع الطيران المصدر الثاني لزيادة الطلب.

ذروة الاستهلاك منتصف العقد المقبل

حقيقة أن 2025 قد يصبح عاماً معتاداً لنمو الطلب العالمي على النفط، لا تعني أن تحول الطاقة محكوم عليه بالفشل. فمعدل نمو الاستهلاك قد يتباطأ ما بين عامي 2028 و2029، ويُحتمل أن يبلغ ذروته في منتصف العقد الرابع من الألفية الحالية.

رغم ذلك، فالتوقعات تظهر أن التحول سيستغرق فترة أطول من توقعات معظم المتفائلين، ويُعزى ذلك بدرجة كبيرة إلى عامل لا يؤخذ في الحسبان غالباً عند تحليل سوق النفط؛ وهو أن عدد سكان العالم آخذ في الازدياد. وكما وصف مارتين راتس من "مورغان ستانلي" الوضع: "نصيب الفرد من الاستهلاك العالمي ثابت بشكل ملحوظ قرب 4.5 برميل للشخص سنوياً منذ أواخر السبعينيات". واستمرت هذه العلاقة رغم تقلب أسعار الطاقة صعوداً وهبوطاً، والانتعاش والركود الاقتصادي، والتقدم التكنولوجي. وفي ظل توقع زيادة عدد سكان العالم بمليار نسمة أخرى ما بين العام الجاري و2037، ليبلغ 9 مليارات شخص، فالعدد الكبير للمستهلكين الجدد سيحد من أثر الابتكارات مثل المركبات الكهربائية.

بينما لم يحن الأوان بعد، فمع استشراف عام 2025، أتوقع أن يظل الوضع كما هو عليه فيما يخص الطلب على النفط، فالنشاط سيسير على النحو المعتاد، بدلاً من ظهور دليل على التحول عن استخدام الوقود الأحفوري.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

Javier Blas

Javier Blas

Energy and commodities columnist at Bloomberg.
للإتصال بكاتب هذا المقال:@JavierBlas