ظلت سوق العمل في الولايات المتحدة قوية على الأرجح، فيما استمرت زيادة الأجور بالتراجع مع اقتراب عام 2023 من نهايته، وهو ما يمهد لنمو اقتصادي مطرد وتراجع التضخم في العام الجديد.
يُتوقع أن تظهر البيانات الحكومية يوم الجمعة زيادة المدرجين على كشوف الرواتب في أكبر اقتصاد في العالم، بواقع 170 ألفاً في ديسمبر. وستكلل هذه الأرقام عاماً شهد إضافة نحو 2.7 مليون وظيفة.
تباطؤ نمو الأجور
كما يشير متوسط التوقعات في استطلاع بلومبرغ لآراء اقتصاديين إلى زيادة متوسط الأجر في الساعة بنسبة 3.9% عن العام السابق، وهي أقل زيادة سنوية منذ منتصف 2021. ومن المتوقع أن يرتفع معدل البطالة إلى 3.8%.
وعلى الرغم من أن وتيرة التوظيف القوية تتراجع، فإن سوق العمل المرنة تدعم وجهات النظر القائلة بأن الاقتصاد سيستمر في النمو في 2024، وإن كان بمعدل أبطأ. ويتوافق هذا مع أحدث التوقعات الاقتصادية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، والذي يرى مسؤولوه أيضاً أن التضخم يتراجع.
هل ينجو الاقتصاد الأميركي من مطبات 2024؟
من المقرر أن يصدر البنك المركزي الأميركي يوم الأربعاء محضر اجتماع صانعي السياسات في شهر ديسمبر، والذي أشار فيه المسؤولون إلى نهاية حملتهم القوية لرفع أسعار الفائدة. وأبقى الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي عند أعلى مستوى منذ 2001، ولم يتوقع أي زيادات أخرى.
وأظهرت التوقعات الفصلية أن مسؤولي البنك يتوقعون خفض أسعار الفائدة 75 نقطة أساس العام المقبل.
"تركزت زيادة الوظائف في قطاعين غير دوريين فقط -الرعاية الصحية والحكومة- مع نمو ثابت إلى سلبي في معظم القطاعات. ونتيجة لذلك، فإن نمو الأجور سيتراجع في ديسمبر. وعلى الرغم من أن تحول سياسة الاحتياطي الفيدرالي ربما أعاق آليات الركود في سوق العمل، فإن أثر هذه الآليات لم يتضح بعد بما فيه الكفاية، وتظل حالتنا الأساسية هي الزيادة المستمرة في معدل البطالة في 2024". —خبراء الاقتصاد آنا وونغ، وستيوارت بول، وإليزا وينغر، وإستيل أو.
رأي بلومبرغ إيكونوميكس:
زيادة الوظائف الشاغرة
وستصدر الحكومة الأميركية يوم الأربعاء أيضاً أرقاماً عن عدد الوظائف الشاغرة في جميع قطاعات الاقتصاد في نوفمبر. ويتوقع الاقتصاديون ارتفاع الوظائف الشاغرة من أدنى مستوى لها منذ أكثر من عامين في الشهر السابق، في حين ظلت متسقة مع الاعتدال في الطلب على العمالة.
وسيتضمن الأسبوع الأول من العام الجديد أيضاً إعلان نتائج مسوح تحظى بمراقبة وثيقة لنشاط التصنيع والخدمات في ديسمبر.
الوظائف الشاغرة في أميركا تهبط لأدنى مستوياتها منذ 2021
وفي الوقت ذاته، ستكشف بيانات الوظائف في كندا لشهر ديسمبر المقرر صدورها يوم الجمعة ما إذا كانت سوق العمل قد استمرت في التراجع مع اقتراب عام 2023 من نهايته.
وفي أماكن أخرى، قد يجذب الارتفاع المحتمل في معدل التضخم في منطقة اليورو، إلى جانب استطلاعات مديري المشتريات في الصين، القدر الأكبر من الاهتمام مع تكيف المستثمرين مع العام الجديد.
آسيا
يبدأ العام بأرقام الصادرات في شهر ديسمبر من كوريا الجنوبية، وهو مؤشر يقدم إشارة مبكرة على صحة التجارة العالمية والطلب على التكنولوجيا. وتشير الأرقام الجزئية لشهر ديسمبر بالفعل إلى استمرار زخم المبيعات الخارجية حتى نهاية 2023.
ويوم غد الإثنين أيضاً، ستظهر بيانات أسعار المنازل الأسترالية كيف تؤثر زيادات أسعار الفائدة التي قام بها بنك الاحتياطي الأسترالي -بما في ذلك تحركه الأخير في نوفمبر- على سوق العقارات.
وإلى جانب أرقام مؤشر مديري المشتريات الرسمية التي صدرت اليوم الأحد في الصين وأظهرت تراجع نشاط المصانع إلى أدنى مستوى في ستة أشهر، سيقدم مؤشر "كايكسين" لمديري مشتريات قطاع الصناعات التحويلية المزيد من المؤشرات عن كيفية أداء مصانع القطاع الخاص في ثاني أكبر اقتصاد في العالم بينما انتهت ذروة موسم الأعياد بالنسبة للمصدرين.
نشاط المصانع في الصين يتراجع لأدنى مستوى في 6 أشهر
وبالمثل، فإن مؤشرات مديري المشتريات للعديد من الاقتصادات الآسيوية الأخرى، المقرر صدورها أيضاً يوم الثلاثاء، ستكمل صورة المشهد الاقتصادي الإقليمي في بداية العام.
ومن المتوقع أن يتباطأ اقتصاد سنغافورة على أساس فصلي في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2023.
وعلى مدار الأسبوع، ستنشر الدول بيانات التضخم. فباكستان ستصدر تقريرها غداً الإثنين، وتايلندا يوم الجمعة، وكذلك إندونيسيا وتايوان والفلبين. وتصدر الهند توقعات جديدة للناتج المحلي الإجمالي لعام 2024 يوم الجمعة.
أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا
بالنسبة إلى منطقة اليورو، سينتهي يوم غد الإثنين تعليق دام سنوات عدة للقواعد المالية في المنطقة بهدف تقليص الديون، مما يبشر بعصر جديد من الانضباط المالي. وعدّل وزراء المالية النظام في اتفاق اللحظة الأخيرة في 20 ديسمبر.
وستبلغ العملة الموحدة عامها الخامس والعشرين غداً أيضاً، إذ قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد إن اليورو منح أوروبا "سيادة أكبر في عالم مضطرب".
وتحتفي تعليقاتها -التي نُشرت في مقال افتتاحي مشترك مع رؤساء المفوضية الأوروبية والمجلس والبرلمان الأوروبيين ومجموعة اليورو- بصمود ترتيب نقدي كان من المتوقع في كثير من الأحيان تفككه.
لاغارد: اليورو يمنح أوروبا سيادة أكبر في عالم مضطرب
فمع احتدام الأزمة اليونانية في 2015، على سبيل المثال، رأى رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الأسبق ألان غرينسبان أن الأمر "مجرد مسألة وقت قبل أن يدرك الجميع أن مغادرة (منطقة اليورو) هو أفضل استراتيجية". لم تغادر اليونان المنطقة، وبدلاً من ذلك، استقبلت العضو العشرين في 2023 عندما انضمت كرواتيا.
وبصرف النظر عن ذلك، يميل مسؤولو البنك المركزي الأوروبي إلى التزام الصمت في الأسبوع الأول من العام. وقد يراقبون قبل أول قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في 2024 يوم 25 يناير أرقام مؤشر مديري المشتريات من إيطاليا وإسبانيا، إلى جانب بيانات التضخم.
وستصدر فرنسا وألمانيا أرقام أسعار المستهلكين لشهر ديسمبر يوم الخميس، تليها إيطاليا ومنطقة اليورو ككل يوم الجمعة.
ومن الممكن حدوث قفزة في التضخم من 2.4% في نوفمبر إلى 3%، مدفوعة بتأثيرات القاعدة للطاقة، أي مقارنتها على أساس سنوي.
تسارع التضخم في تركيا
وسيكون الأسبوع هادئاً أيضاً في المملكة المتحدة، مع ظهور أرقام مؤشر مديري المشتريات النهائية، وبيانات الرهن العقاري والائتمان الاستهلاكي، ولجنة صناعة القرار في بنك إنجلترا -وهو مسح من شأنه أن يساعد في تحديد مخاطر الأجور- من بين أبرز الأحداث.
وقد يجذب التضخم في أماكن أخرى القدر الأكبر من الاهتمام. ففي تركيا، قد تظهر البيانات يوم الأربعاء تسارع نمو أسعار المستهلكين في ديسمبر عن مستوى 62% المسجل الشهر السابق.
وستكشف البيانات البولندية يوم الجمعة ما إذا كان التضخم قد تباطأ إلى أضعف وتيرة منذ سبتمبر 2021.
تركيا ترفع الحد الأدنى للأجور 49% في العام الجديد وسط ارتفاع التضخم
وفي الوقت ذاته، سيدرس البنك المركزي الإسرائيلي غداً الإثنين ما إذا كان سيقدم على أول خفض لسعر الفائدة منذ جائحة كورونا عندما يراجع سياسته النقدية. وينقسم الاقتصاديون بالكاد، لكن أغلبية طفيفة تضم معظم البنوك العالمية تتوقع خفضاً بربع نقطة مئوية.
وعلى الرغم من أن البنك المركزي الإسرائيلي أشار مراراً إلى أن تركيزه ينصب على الحفاظ على استقرار الأسواق خلال الحرب على حماس، التي تقترب الآن من شهرها الثالث، فإن تخفيف السياسة النقدية يُعد خياراً لأن قيمة الشيكل ترتفع بشدة ويتباطأ التضخم صوب النطاق المستهدف للمرة الأولى منذ أوائل عام 2022.
ومع استمرار ارتفاع حالة عدم اليقين، فإن خطر نشوب صراع أوسع نطاقاً يمكن أن يقنع بنك إسرائيل بتثبيت أسعار الفائدة لفترة أطول والبدء في خفضها في وقت لاحق فقط، بالتزامن مع الاحتياطي الفيدرالي في عام 2024.
أميركا اللاتينية
تبدأ دولة بيرو العام الجديد لأميركا اللاتينية بتقرير أسعار المستهلكين لشهر ديسمبر غداً الإثنين.
ويتوقع كبير الاقتصاديين في البنك المركزي، أدريان أرماس، أن ينهي التضخم عام 2023 قرب النطاق المستهدف بين 1 و3% مقارنة مع 3.64% في نوفمبر بعد انكماش في الأسعار لأشهر متتالية. ويرى البنك المركزي أن التضخم الأساسي سيبلغ النطاق المستهدف "في نهاية عام 2023" بينما سيصل التضخم الكلي لهذه الغاية في "الأشهر المقبلة".
الانتخابات تمنح المستثمرين سبباً جديداً للشراء في الأسواق الناشئة
وفي المكسيك، يصدر محضر اجتماع السياسة النقدية للبنك المركزي "بانكسيكو" في 14 ديسمبر. واستجابة لاقتراح بتثبيت تكاليف الاقتراض "لبعض الوقت"، أبقى صناع السياسة بقيادة المحافظة فيكتوريا رودريغيز سعر الفائدة الرئيسي عند مستوى قياسي 11.25% للاجتماع السادس على التوالي.
ويتوقع متوسط تقديرات اقتصاديين في أحدث استطلاع أجرته "سيتي"، تثبيتاً آخر في فبراير قبل خفض بمقدار ربع نقطة في مارس.
ومن المرجح أن تظهر مؤشرات مديري المشتريات لشهر ديسمبر أن التصنيع في المكسيك مستمر في النمو، في حين يواصل التصنيع في كولومبيا والبرازيل الانكماش.
وقد تعكس بيانات الإنتاج الصناعي في البرازيل لشهر نوفمبر يوم الجمعة هذا الضعف.