الثقة الكبيرة في أداء الاقتصاد الأميركي تكبح الأداء المتفوق لشركات التكنولوجيا العملاقة

هبوط "الفيدرالي" السلس يهدد بفقدان بريق أسهم العظماء السبعة

شعار "مايكروسوفت إيه آي" خلال معرض "طوكيو إكسبو"، باليابان، في مايو الماضي - المصدر: بلومبرغ
شعار "مايكروسوفت إيه آي" خلال معرض "طوكيو إكسبو"، باليابان، في مايو الماضي - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يشير سيناريو الهبوط السلس الذي يتوقعه المستثمرون للسنة المقبلة إلى مزيد من الارتفاعات في الأسهم الأميركية. لكنه يقلل أيضاً من احتمالية مواصلة عمالقة التكنولوجيا الذين هيمنوا على السوق خلال 2023.

يبدو أن إحدى الأفكار الأساسية التي كانت وراء صعود العظماء السبعة التي ولدت ثلثي ارتفاع مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" تقريباً العام الحالي، تلاشت أهميتها بالنسبة للمستثمرين والتي تتمثل في أنه مع تفاقم مخاوف حدوث ركود، فإن نمو أرباح شركات التكنولوجيا العملاقة، علاوة على التدفق النقدي القوي والميزانيات العمومية، جعلت من أسهمها ملاذاً آمناً.

مع زيادة طفرة الذكاء الاصطناعي للقوة الدافعة، زادت مجموعة الأسهم 100% تقريباً حتى منتصف يوليو الماضي، بالمقارنة مع 20% تقريباً لمؤشر "ستاندرد أند بورز 500" بالكامل. لكن في ظل زيادة الثقة في الاقتصاد الأميركي بعد رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لأسعار الفائدة يوليو الماضي، والذي يعتبره المستثمرون حالياً آخر جولة في دورة التشديد النقدي الراهنة، باتت مكاسب عمالقة التكنولوجيا أضعف. ومنذ نهاية يوليو الماضي، صعدت المجموعة كاملة 6% تقريباً، بينما تقدمت السوق الأوسع نطاقاً بحوالي 4%.

هبوط سلس

ما يزال هناك فريق من خبراء الاقتصاد يتوقع حدوث ركود جراء جهود بنك الاحتياطي الفيدرالي للتصدي للتضخم. لكن في الوقت الراهن، يميل المستثمرون أكثر نحو سيناريو الهبوط السلس، ويوسعون آفاق توقعاتهم لتشمل أسهم شركات التكنولوجيا الصغيرة والقطاعات الأخرى التي تعرضت للتراجع في أغلب فترات 2023.

أوضح ريس ويليامز، كبير خبراء الاستراتيجيين في "سباوتينغ روك أسيت مانجمنت" (Spouting Rock Asset Management): "الطريقة الوحيدة للبقاء ضمن العظماء السبعة هي حدوث هبوط أقل من المثالي، ورغم ذلك، من وجهة نظر هيكل بناء المحفظة، أعتقد أنها تمثل أصولاً تحوطية جيدة، حتى لو تباطأت لبعض الوقت".

نستعرض فيما يلي تقريراً عن الوضع الراهن لأكبر 7 أسهم في مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" من حيث القيمة السوقية مع اتجاهها لدخول 2024 وهي: "أبل" و"مايكروسوفت" و"ألفابت" الشركة الأم لـ"غوغل" و"أمازون.كوم" و"إنفيديا" و"تسلا" و"ميتا بلاتفورمز" مالكة "فيسبوك".

"أبل"

ارتفع سهم "أبل" 50% تقريباً العام الجاري إلى مستوى قياسي، ما دفع قيمتها السوقية لما يفوق 3 تريليونات دولار أميركي، وهي أكبر من أي شركة أخرى حول العالم. يقول المراهنون على الصعود إنه ما يزال يوجد مجال للصعود، ويعزا ذلك جزئياً إلى مكانتها الرائدة في السوق.

أوضح كيم فورست، كبير مسؤولي الاستثمار في "بوكيه كابيتال بارتنرز" (Bokeh Capital Partners): "رغم أنه يبدو غير مفهوم في هذا التوقيت، أعتقد أن أبل ستواصل النمو حتى يوجد بديل لما تقدمه، ولا أرى أي بديل له".

توجد قطعاً عقبات على الطريق. قد لا تشهد مبيعات أجهزة "أيفون" الدورية والكمبيوتر الشخصي تعافياً حتى النصف الثاني من 2024، ويعتمد نموها أيضاً على قوة طلب المستهلكين في الصين. عانت "أبل" أيضاً من بطء تبني الذكاء الاصطناعي مقارنة بشركات التكنولوجيا الكبرى الأخرى في هذا المجال الذي يعد مهماً لتحقيق النمو.

"مايكروسوفت"

سجلت "مايكروسوفت" أيضاً أعلى مستوى في تاريخها العام الجاري جراء التفاؤل إزاء الذكاء الاصطناعي والنمو في نشاط الحوسبة السحابية إذ تمكنت من دمج تكنولوجيا "تشات جي بي" من "أوبن إيه آي" في منتجاتها.

يقول بعض المستثمرين إنها من المرجح أن تكون الأفضل من بين أقرانها من العظماء السبعة نظراً للاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي.

قال جيمي مايرز، كبير محللي الأسهم في "لافتر تينغلير إنفستمنتس" (Laffer Tengler Investments) "نعتقد أن مايكروسوفت ستكون فائزاً كبيراً في هذا السباق"، لأنها بدأت في إظهار إلى أي مدى يمكنها كسب الأموال من المنتج.

"أمازون"

رفع صعود "أمازون.كوم" منذ أكتوبر الماضي الأسهم 80% تقريباً السنة الجارية. ساعدت أرباح فاقت التوقعات في تحفيز السهم والتي أظهرت استقرار نمو وحدته لخدمات الحوسبة السحابية "أمازون ويب سيرفيسز" (Amazon Web Services).

أوضح كين ماهوني، رئيس "ماهوني أسيت مانجمنت" (Mahoney Asset Management): "دخلت أمازون مجال الذكاء الاصطناعي متأخرة لكن لديها أيضاً فرصة رائعة فعلاً لاستغلاله، لاسيما في الحوسبة السحابية".

بلغت "أمازون" مستوى أقل كثيراً من أعلى إغلاق لها خلال 2021 عند 187 دولاراً للسهم تقريباً، ما يمنح المستثمرين إحساساً بوجود اتجاه صعودي محتمل.

"إنفيديا"

حصلت "إنفيديا" على لقبها باعتبارها الشركة المدللة لمجال الذكاء الاصطناعي بعد أن عزز الطلب على رقائقها نمو الإيرادات المستمر في الازدهار. صعد السهم بما يتخطى 200% السنة الجارية محققاً مستوى قياسياً، ما جعله الأفضل أداء وسط كل من مؤشري "ستاندرد اند بورز 500" و"ناسداك 100".

يحمل السوق آمالاً كبيرة لشركات تصنيع الرقائق الإلكترونية. كشفت بيانات جمعتها بلومبرغ أن تقديرات "وول ستريت" السنة الماضية لإيرادات 2025 ارتفعت بما يتجاوز 150%. يشعر أغلب المحللين بالتفاؤل بصعود السهم حيث ينصح أكثر من 90% ممن يتعقبونه بالشراء، ويتوقعون متوسط سعر مستهدف 652 دولاراً ما يعني ارتفاعاً بنسبة 30% تقريباً.

ذكر هيندي سوزانتو، محللة "غابيلي فاندس" (Gabelli Funds): "التنفيذ هو المهم حيث يوجد طلب كبير حالياً وينبغي للتنفيذ ان يكون قوياً لتلبية تلك التوقعات المرتفعة".

"ألفابت"

ربما تكون "ألفابت"، التي صعدت 60% السنة الجارية، أكبر منافسي شركة "مايكروسوفت" في مجال الذكاء الاصطناعي ومنتجات خدمات الحوسبة السحابية بالوقت الحاضر.

يرغب المستثمرون حالياً مشاهدة مسار واضح لزيادة الإيرادات من خدمة الذكاء الاصطناعي المعروضة المسماة "جيميناي".

مع التداول بأرباح آجلة 20 ضعفاً تقريباً، تعد الشركة الأم لـ"غوغل"واحدة من الأسهم الأعلى تسعيراً بين العظماء السيعة على أساس التقييم، وهو أقل من أعلى مستوى قياسي لها. تملك "ميتا" تقييماً مشابهاً، في حين أن "تسلا"، التي تبلغ أرباحها الآجلة نحو 70 ضعفاً، هي الأعلى قيمة. يبلغ متوسط الأرباح الآجلة للشركات السبع 32 ضعفاً تقريباً.

أشار ويليامز من "سبوتينع روك" إلى أن "غوغل" و"ميتا" أرخص نسبياً بالمقارنة مع بقية شركات المجموعة".

"ميتا"

في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، لا يثير العجب أن تحلق شركة "ميتا بلاتفورمز" عالياً. تضاعفت قيمة أسهم الشركة 3 مرات تقريباً خلال 2023 وتفتخر بأكثر تحيز للاتجاه الصعودي الأعلى في في تصنيفات وول ستريت عبر تاريخها. كما أن قيمة سهم "ميتا" أقل من أعلى مستوى بلغه 2021.

أوضح محللو شركة "سيتي غروب" بقيادة رون جوسي في مذكرة للعملاء بتاريخ 20 ديسمبر: "تبقى ميتا أفضل اختيار بالنسبة لنا بصورة عامة بين أسهم شركات الإنترنت. وتستمر المشاركة في الصعود إذ تستفيد الشركة من توسع هوامش الأرباح بفضل خارطة طريق متعددة الأعوام تتضمن منتجات تمتد من وسائل التواصل الاجتماعي إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي وأدوات الإعلانات".

"تسلا"

مرت "تسلا" بسنة أشد تقلباً من غالبية شركات المجموعة لكن أرباحها الآجلة ما زالت أكثر من الضعف. رغم أن الشركة تبدو المنتصرة في سباق السيارات الكهربائية، إلا أن المحللين شعروا بالقلق بشأنها مؤخراً، ما قلل من التوقعات تجاه عمليات التسليم والأرباح مع تباطؤ الطلب عبر كافة أنحاء القطاع.

رغم ذلك، يرى المتفائلون أن مكانة "تسلا" الرائدة وقدرتها على الاستفادة من اتجاهات جديدة من نوعية الذكاء الاصطناعي تكفل لها قوة دافعة طويلة الأمد. يجري تداول السهم أقل أيضاً كثيراً من مستوى ذروته خلال 2021.

اختتم مايرز من "لافتر تينغلير إنفستمنتس": توجد سبل عديدة ومختلفة لتحقيق النمو وهم يعملون على أمور كثيرة منها ومتنوعة ولا نرى سوى أنهم يتراجعون لكنهم سيواصلون التقدم".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك