تراجعت خلال 2023 قيمة حيازات المستثمرين الذين اقتنعوا قبل سنتين بفكرة أن أسهم شركات البضائع الاستهلاكية والطاقة الخضراء في الصين ستستفيد بطريقة كبيرة من الأولويات الاقتصادية الجديدة التي أعلنها الرئيس الصيني شي جين بينغ.
هبطت أسهم شركة توزيع السيارات "تشاينا ميدونغ أوتو هولدينغز"، وشركة تصنيع الملابس الرياضية "لي نينغ"، وشركة تصنيع أنظمة تخزين الطاقة "بيلون تكنولوجيز" 68% على الأقل خلال 2023، ما يضعها بين أسوأ الأسهم أداء في مؤشر "إم إس سي آي" لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ الذي يضم أكثر من 1500 شركة.
كان يُنظر للأسهم من هذه النوعية باعتبارها ملاذات آمنة وسط حملات تنظيمية صارمة للحكومة الصينية لأنها تواكب أولويات سياسة شي الاقتصادية بما فيها حملة "الرخاء المشترك" لتضييق فجوة الثروة، علاوة على تطوير قطاع الطاقة المتجددة. وعوضاً عن ذلك، تكبدوا خسائر هائلة جراء تعثر تعافي الصين من عمليات الإغلاق المرتبطة بوباء كوفيد، وتفاقم أزمة العقارات ما أضعف من ثقة المستثمرين.
"الرخاء المشترك"
أوضح باراس أناند، كبير مسؤولي الاستثمار في "أرتيميس إنفستمنت مانجمنت" (Artemis Investment Management) في لندن، الذي يدير أصولاً تعادل 29 مليار دولار تقريباً: "ينبغي على المستثمرين التخلي عن الأفكار الضيقة والنظر بدلاً من ذلك إلى جودة النشاط الأساسي للشركات وقيمتها الجوهرية، وسيكون هذا مؤشراً أكثر موثوقية للعوائد المستقبلية. ومجرد التركيز على الرخاء المشترك بوصفه الفكرة الأساسية أثبت أن له مخاطره الخاصة به".
لم يكن من المنتظر أن ينتهي الأمر على هذا النحو. في أواخر 2021، حددت شركة "غولدمان ساكس غروب" 50 سهماً صينياً توقعت أنها ستستفيد من حملة "الرخاء المشترك" الخاصة بشي، بما فيها شركة "لي نينغ" و"لونجي غرين إنرجي تكنولوجي".
عوضاً عن ذلك، كانوا من بين أصحاب الأداء الضعيف البارزين للعام الحالي، إذ قلص تعثر سوق العقارات وحالة عدم اليقين إزاء الوظائف من الإنفاق الاستهلاكي. في غضون ذلك، هبطت أسهم شركات مصادر الطاقة المتجددة جراء زيادة المعروض من المعدات وتراجع أسعار المعادن الحيوية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
ينتمي 8 من أكبر 10 خاسرين في مؤشر "إم إس سي آي" لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى قطاعات شركات البضائع الاستهلاكية أو مصادر الطاقة المتجددة الصينية هذا العام، والاثنان الآخران هما من شركات قطاع العقارات الصيني.
صعود بفضل الابتكار
على الصعيد الإيجابي، صعدت أسهم شركة تصنيع الهواتف الذكية "شاومي" وموردو شركة "هواوي تكنولوجيز"، إذ انجذب المستثمرون إلى ابتكاراتهم. حققت أسهم شركات أشباه الموصلات الصينية أداء جيداً أيضاً، حيث ضخت الحكومة الأموال في القطاع بعد القيود الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا.
أوضح هيرالد فان دير ليندي، رئيس وحدة استراتيجية الأسهم الآسيوية في "إتش إس بي سي" في هونغ كونغ: "ينظر غالبية المستثمرين الذين أتحدث إليهم في مناطق النمو على غرار شركات تصنيع المعدات الذين هم مفتاح التحول القائم على التكنولوجيا فائقة التطور في الصين. لكن الرخاء المشترك لا يُترجم تلقائياً إلى نمو أسرع للشركات المدرجة بالبورصة".