لا يوجد الكثير من الأمثلة التي توضح تدهور المستويات المعيشية للروس أكثر من الصعود المستمر لمجموعة التجزئة "فيكس برايس غروب ليمتد"، التي تبيع المنتجات بخصومات عند سعر موحد، والتي تستعد للتداول في بورصتي لندن وموسكو.
وتظهر قيمة الطرح البالغة 8.3 مليار دولار الشهية القوية حاليا على بائعة مواد التنظيف الرخيصة ومساحيق التجميل معقولة التكلفة، ويتضح الكثير من فكرة الطرح الأولي للجمهور الأكثر سخونة منذ سنوات في روسيا لسلسلة متاجر من فئة "كل شيء بدولار".
وباعتبارها رائدة في تكنولوجيا إدارة المخزونات واختيار المنتجات، تتمتع "فيكس برايس" بالكثير من الظروف المواتية، وبدعم مجموعة من الأسماء الكبيرة مثل "غولدمان ساكس غروب"، و"بلاك روك"، والصناديق السيادية لسنغافورة وقطر.
ويوم الجمعة، سعرت الشركة شهادات الإيداع الدولية الخاصة بها عند أعلى نقطة في نطاق توقعاتها، وعلى افتراض أن الشركة ستنمو بالتماشي مع فئتها السوقية العام الجاري، فإن التقييم لا ينبغي أن يزيد على أرباحها 30 مرة في 2021، وهو ما يضع "فيكس برايس" على قدم المساواة مع سلسلة "دينو بولسكا" (Dino Polska SA)، سلسلة البقالة البولندية سريعة النمو والتي تركز على المناطق الريفية، وليس مع متاجر التجزئة المحلية مثال مالكة سلسلة متاجر "اكس 5 ريتيل غروب" (X5 Retail Group NV)، أو حتى عمالقة "كل شيء بدولار" الأمريكيين وهم "جنرال كورب" (General Corp)، و"دولار تري إنك" (Dollar Tree Inc).
السلع الرخيصة
وظاهرة رخيص ومبهج ليست جديدة على قطاع التجزئة، فقد عصفت متاجر البيع بالخصم الألمانية "ألدي" (Aldi)، و"ليدل" (Lidl) بأسواق البقالة الأوروبية في تسعينيات القرن الماضي، وفي الولايات المتحدة، عانى عملاق مثل "سيرز" (Sears) بعد الركود الأحدث في الوقت الذي يزداد فيه زخم النشاط لدى البائعين الذين يستهدفون الأسر الأقل دخلا، وقدم المدير التنفيذي لـ"جنرال" أفضل وصف للوضع الحالي: "يواصل الاقتصاد خلق المزيد من المستهلكين الرئيسيين لمتاجرنا"، وتقدر شركته اليوم بأكثر من 40 مليار دولار، أي أكثر من 9 أضعاف سلسلة متاجر "مايسيز إنك" (Macy’s Inc).
ويراهن المستثمرون على أن "فيكس برايس"، صاحبة المنتجات التي يقل سعرها عن 249 روبل (أعلى قليلا من 3 دولار)، سوف تستفيد من خلفية الاقتصاد الراكد، ولم تتعاف الأسر الروسية حتى الآن من الأزمة الاقتصادية لعام 2014، وهبطت الدخول الحقيقية القابلة للصرف بنسبة 3.5% العام الماضي، والأهم من ذلك أن المستهلكين يشعرون أنهم أفقر مع ارتفاع أسعار المواد الأساسية، وفي يناير، قال 53% من الروس الذين استطلعت آراءهم "نيلسن آي كيو" (NielsenIQ) إنهم تأثروا ماليا بالوباء، وهي ضعف النسبة في سبتمبر، وحتى بين هؤلاء الذين لم يتضرروا، قال 16% منهم إنهم يحاولون جعل أموالهم تكفيهم لمدة أطول.
صمود أمام الجائحة
صمد اقتصاد الدولة بأكثر من المتوقع العام الماضي، منكمشا بنسبة 3.1%، ولكن حتى مع بعض الدعم للدخل والوظائف، تحملت الأسر العبء الأكبر للألم المالي الناتج عن وباء كوفيد 19، ولا يظهر كل هذا الألم في الإحصاءات الرسمية، وعادت نسبة البطالة الروسية إلى أقل من 6%، ولكن ذلك لا يحتسب الخفض في ساعات العمل والأجور، ولا التراجع الكبير على الأرجح في الوظائف غير الرسمية.
وفي ظل اتجاه المزيد من الأشخاص إلى الشراء بكميات كبيرة من متاجر الخصومات، وسعت "فيكس برايس" شبكتها بأكثر من الثلثين منذ نهاية 2017 إلى أكثر من 4000 متجر، وسجلت هامش ربح قبل الفائدة، والضرائب، والإهلاك، واستهلاك الدين يزيد قليلا على 19% العام الماضي، وهي نسبة أعلى من نظيراتها المحلية، ويعني تركيزها على البنود غير الغذائية ونموذج الاستثمار ذو الملكية الخفيفة للأصول أن الربحية ستظل عالية.
ومع ذلك، تشتد المنافسة من المنافسين عبر الإنترنت وبائعي التجزئة التقليديين مثل "إكس 5 ريتيل"، وتوضح الأرقام في نشرة الطرح الأولي للجمهور أن "فيكس برايس" تسيطر على 93% من سوق فئة التجزئة الخاصة بها، والتي توصف كمتاجر قيمة متنوعة، ولكن لا يوجد ضمان على أن ذلك سيستمر، ويتطلب الحفاظ على معدل نمو الأرباح الحالي استمرار التوسع في عدد المتاجر، وهو أمر قد لا يكون قابلا للاستمرار.
وبغض النظر عما يحدث في طرح الأسهم، فإن "فيكس برايس" تستحق المراقبة لمعرفة ما تقوله عن المستهلكين الروس المتعثرين، وقد تصبح رائدة تجزئة تلعب دورا مثل ذلك الذي لعبته متاجر "يونيكلو" (Uniqlo) المملوكة لـ"فاست ريتيلينغ كو" (Fast Retailing Co) اليابانية في حزمة تحفيز رئيس الوزراء السابق شينزو آبي عندما رحب الاقتصاديون بارتفاع الأسعار، وشعروا بالقلق عندما بدأت الخصومات - مثل تلك المعلنة يوم الخميس - في الازدياد. وبالتالي، فإن مصير "فيكس برايس" يسير عكسيا مع مصير الاقتصاد الروسي نفسه.