ربما يؤدي أي تراجع محدود من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي حيال تخفيضات أسعار الفائدة إلى الإطاحة بمسيرة ارتفاع مؤشرات الأسهم المستمرة منذ أواخر أكتوبر.
فأسواق الأسهم في أوروبا والولايات المتحدة تبدو مجهدة على كافة الجبهات، سواء على صعيد التدفقات، أو الزخم، أو المستويات الفنية- مما لا يترك مجالاً يُذكر لاستئناف الصعود إذا جاءت رسالة رئيس "الاحتياطي الفيدرالي" جيروم باول مخيبة للآمال.
وبعد صعود مؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500) بقوة ليفصله فقط 3% عن قمته التاريخية، ووصول مؤشر "يورو ستوكس 50" (Euro Stoxx 50) بالقرب من أعلى مستوى له منذ 2001، لم تصعد المخاطر لهذا الحد قبل اجتماعات الاحتياطي الفيدرالي منذ التوقف عن رفع الفائدة في يوليو.
التحول السريع من بيع الأسهم إلى الشراء من قبل مستشاري تداول السلع، الذين يسايرون اتجاه السوق عادةً، شكّل عاملاً رئيسياً وراء مسيرة صعود الأسهم الأميركية البالغة قيمتها 4.6 تريليون دولار منذ 27 أكتوبر. أدى هذا التحوّل الآن إلى تراكم رهانات شراء أسهم بقيمة 106 مليارات دولار لدى مستشاري تداول السلع، وهو ما يراه مصرف "غولدمان ساكس غروب" يجعلهم أكثر ميلاً إلى البيع، بدلاً من الشراء.
ذروة شراء
كتب كولين مورغان، المتخصص في المشتقات والتدفقات لدى "غولدمان ساكس"، في مذكرة إلى العملاء: "لدينا هذا النموذج من المستثمرين الذين يبيعون الأسهم في مؤشر "S&P 500" في كافة السيناريوهات خلال الأسبوع المقبل". تأتي المذكرة بعد تحذير من زملائه في الأسبوع الماضي من أن التفاؤل المتزايد بشكل خطير حيال الأسهم يعني أنه "لم يعد هناك أي مراهنين على هبوط السوق".
ما تزال مؤشرات الاتجاه والزخم في المنطقة الخضراء للأسهم الأوروبية والأميركية، في حين تظهر الأسواق الآسيوية فقط بعض علامات الضعف. علاوة على ذلك، فإن تسعة من أصل 11 معياراً ذات الأداء الأفضل تُظهر الآن مؤشرات قوة نسبية في منطقة ذروة الشراء، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ".
احتمال بيع العقود الآجلة
بغض النظر عن الاتجاه الذي ستسلكه الأسواق، يقول "غولدمان" إن مستشاري تداول السلع قد يسلكون نهج بيع العقود الآجلة على مؤشر "S&P 500" في الأسبوع المقبل.
وفقاً لمورغان، في حال صعود الأسهم، فسيكون أمام مستشاري تداول السلع أسهماً يشترونها بقيمة 20 مليار دولار، ولكن سيبيعون عقوداً آجلة بقيمة 1.3 مليار دولار بمؤشر "S&P 500". أما في حال سيناريو الهبوط، سيحتاجون إلى بيع أسهم بـ5 مليارات دولار، وعقود آجلة بـ1.9 مليار دولار في "إس آند بي 500". حتى في حال ثبات السوق، فإن مستشاري تداول السلع سيحتاجون إلى شراء 18 مليار دولار من الأسهم العالمية، بينما سيبيعون عقوداً آجلة بقيمة 436 مليون دولار في "S&P 500".
يمكن أن يتسارع أي هبوط محتمل في الأسواق بشكل أكبر من خلال متداولين فنيين آخرين، خاصة بعدما اخترق مؤشر "S&P 500" للتو أعلى مستوياته التي سجلها خلال الصيف، وإذا فشل المؤشر في تجاوز ذلك المستوى فسيُعد ذلك بمثابة إشارة لأول حركة تصحيحية قصيرة المدى منذ أن بدأت مسيرة الارتفاع في أواخر أكتوبر.
يأتي التباين في هذه التدفقات في مرحلة يشعر فيها صناع السياسات النقدية أنهم بحاجة إلى كبح جماح الأسواق، بعدما أدت الرهانات على التيسير النقدي وخفض أسعار الفائدة إلى تزايد التوقعات بشكل أكبر من أي وقت مضى.