تقدم مؤشر "أس إند بي 500" 20% مقابل 46% لـ"ناسداك 100". ارتفع سهم الشركة المحبوبة في مجال الذكاء الاصطناعي "إنفيديا" 220%. فهل يمكن أن تكون 2024 أفضل للمستثمرين من 2023؟
تقول نتائج أحدث استطلاع رأي لـ"بلومبرغ ماركتس لايف بلس" (Bloomberg Markets Live Pulse ) إن الإجابة نعم.
كان العام الحالي جيداً للغاية بالنسبة لمستثمري سوق الأسهم. قفزت الأسهم لشركات فردية على غرار "مايكروسوفت" و"أمازون.كوم" و"ميتا بلاتفورمز" 56% و75% و170%، إذ استحوذت الإمكانية المستقبلية الواعدة للذكاء الاصطناعي على تصورات المستثمرين.
لكن، مع وجود بعض المحاذير، يتوقع المشاركون في استطلاع رأي "بلومبرغ ماركتس لايف بلس" أن السنة المقبلة ستكون أفضل. إذ يتوقع 63% تقريباً من 595 مشاركاً في استطلاع الرأي، أن تحرز استثماراتهم الشخصية أداء أكثر قوة.
أسعار الفائدة
تتوقف هذه الرؤية المتفائلة على افتراض أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سيخفض أسعار الفائدة، ما يعزز الارتفاعات في سوقي الأسهم والسندات.
اقرأ أيضاً: باول: من السابق لأوانه التكهن بموعد خفض أسعار الفائدة
يرى المشاركون في استطلاع الرأي، من بينهم مديرو محافظ استثمار ومستثمرون أفراد، أيضاً أن قطاع الذكاء الاصطناعي مصدر طويل الأجل لجني الأرباح، متخطياً زيادات أسعار أسهم شركات إنتاج الأدوية لخسارة الوزن على غرار "نوفو نورديسك" و"إلي ليلي أند كو"، أو شركات تقديم خدمات الأمن السيبراني.
ذكر الكثيرون أن الخسائر المرتبطة بارتفاع التضخم وزيادة تكاليف الاقتراض بوقت سابق من العقد الحالي علمتهم دروساً صعبة، وجعلتهم في موقف يسمح لهم بأن يصبحوا مستثمرين أفضل مستقبلياً.
أوضح أحد المشاركين في استطلاع الرأي: "الاستراتيجية الخاصة بي تتمثل في الوقوع في أخطاء أقل". كتب مشارك آخر: "استراتيجيتي هي إجراء بحوث أفضل".
تضخم عنيد
مع انتعاشة سوق الأسهم التي يعززها بصفة أساسية توقع هبوط أسعار الفائدة بالمستقبل غير البعيد، يدرك المشاركون أن التضخم العنيد يمثل التهديد الأساسي لهذا السيناريو، لأنه سيمنع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي من تخفيض أسعار الفائدة.
اقرأ أيضاً: الأسهم الأميركية تفقد الزخم وسط إجهاد القوى الشرائية
على المستوى الشخصي، استشهد 49% من المشاركين بارتفاع تكلفة المعيشة بوصفها أكبر الأخطار على سلامة الموقف المالي للفرد خلال 2024. وبينما يتباطأ معدل التضخم على أساس سنوي، صعدت أسعار مواد البقالة والكهرباء 25% منذ يناير 2020، وزادت أسعار السيارات المستعملة 35%، والإيجارات 20% تقريباً.
خلال التعليقات المكتوبة، أشار بعض الأشخاص إلى النفقات الطبية غير المتوقعة باعتبارها أكبر مخاوفهم. كانت المخاطر الأكثر تحديداً هي التأمين في سوق فلوريدا، والاتجاهات غير المواتية في أجور القطاع المالية.
تحركات مبشرة بالخير
يعتبر الذكاء الاصطناعي أكبر اتجاه مبشر بالخير بطريقة كبيرة على حد قول المستثمرين بالنسبة لاستثماراتهم الشخصية على مدى العقد المقبل، إذ اختاره 67% قبل شركات الأمن السيبراني، التي حازت على نسبة 20% من المشاركين في الاستطلاع الرأي.
اقرأ أيضاً: "ستاندرد آند بورز 500" يتحول لاتجاه صعودي مع انتعاش التكنولوجيا
تحظى أدوية خسارة الوزن باهتمام كبير من وسائل الإعلام، لكن 8% فقط من المشاركين اعتبروا أن شركات هذه الأدوية تعد بأكبر قدر من المكاسب.
قلص مدير صندوق استثمار أوروبي معروف بأدائه المتميز، نيال غالاغر، والذي يدير صندوق استثمار في الأسهم "غام إنفستمنتس" (GAM Investments)، مركزه الاستثماري في "نوفو نورديسك" بمقدار النصف تقريباً خلال الشهور القليلة الماضية، كما أفادت بلومبرغ، ويعكس ذلك جزئياً ارتفاع تقييمات الأدوية المثبطة للشهية. صعد سعر سهم "نوفو نورديسك" 50% تقريباً خلال 2023.
في حين أشار غالاغر إلى وجود الكثير من الضجيج حول علاجات فقدان الوزن حالياً، ذكر أنه ما يزال متفائلاً إزاء آفاق "نوفو نورديسك" على المدى المتوسط والبعيد.
شركات كبرى
تتباين الآراء حول شركات التكنولوجيا الكبرى، الرائجة بشدة. تعتبر نسبة كبيرة من المشاركين -45%- الاستثمار في شركات التكنولوجيا الكبرى خلال 2024 بمثابة رهان على النمو، و16% يرون في الأسهم ملاذاً آمناً. لكن 39% قالوا إنها رهان سيئ، وإن تقييم الأسهم مبالغ فيها.
اقرأ أيضاً: شركات التكنولوجيا تدعم مسيرة الارتفاعات في "وول ستريت"
أوضحت مارتا نورتون، كبيرة مسؤولي الاستثمار بالأميركتين في شركة "مورنينيغ ويلث"، أن العوائد الهائلة في قطاع التكنولوجيا العام الجاري تجعل القطاع "يُتداول عند أو على مقربة من أقل تقييم مقنع لأي قطاع أميركي".
يشير تحليل "مورنينيغ ويلث" إلى أن قطاع التكنولوجيا الأميركي قد حاز دفعة بفضل الذكاء الاصطناعي على صعيد "افتراضات نمو الإيرادات طويلة الأمد 200 نقطة أساس سنوياً تقريباً، علاوة على زيادة هامش الربح 300 نقطة أساس" وذلك على مدى 10 أعوام، حسبما ذكر نورتون. تابع: "لا تضمن وجهة النظر هذه أننا لا نستطيع رؤية مشاعر ثقة قوية مستمرة تجاه التكنولوجيا خلال 2024، لكنها لا تمثل رهاناً نفضل اتخاذه حالياً".
تأثير الانتخابات
يتوقع معظم المستثمرين -57%- تغيير توزيع أصولهم خلال 2024، إذ يخطط 31% منهم لنقل أموال أكثر لأصول الدخل الثابت، ويشير 26% إلى أنهم سيرفعون مراكزهم الاستثمارية في الأسهم. ستأتي بعض هذه الأموال من أي زيادة أو مكافآت في 2024، إذ ذكر 52% أنهم سيضخون غالبية هذه الأموال في الأسهم أو السندات.
اقرأ أيضاً: أميركا تواجه ركوداً بفعل الاحتياطي الفيدرالي.. ورئاسة بايدن قد لا تنجو من آثاره
رغم ذلك، فإن السيولة النقدية تبقى لها جاذبيتها أيضاً. سيحتفظ ما يقرب من ربع المشاركين بالاستطلاع بقدر كبير من أي مكافأة نقدية، وسيستخدمها 19% منهم للوفاء بالفواتير أو سداد الديون. 5% فقط سينفقون ببذخ على شيء مهم على غرار السيارة أو الإجازة.
بصفة عامة، يتوقع 38% من المشاركين ادِّخار أموال أكثر السنة المقبلة، ويتوقع أقل من خُمس المشاركين ادخار قدر أقل.
ينظر العديد من المشاركين في استطلاع الرأي للانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة على أنها غير ذات صلة بالنسبة لشؤونهم المالية، إذ توقع 47% أن الانتخابات المقررة نوفمبر المقبل لن تؤثر بصورة كبيرة. من بين المشاركين المتبقين، أشار 27% إلى أن فوز الرئيس السابق دونالد ترمب بالانتخابات سيؤثر بطريقة أسوأ كثيراً على مواردهم المالية، وذكر 26% أن إعادة انتخاب الرئيس الحالي جو بايدن ستكون أسوأ تأثيراً.
النمط التقليدي
في المتوسط، صعد مؤشر "أس آند بي 500" 7.5% تقريباً خلال أعوام الانتخابات الرئاسية، ما يعد أقل من الاتجاه السائد، وأقل من عائد نموذجي 13.5% للعام الثالث من الرئاسة، بحسب تقرير حديث صادر عن لوري كالفاسينا، رئيسة وحدة استراتيجية الأسهم الأميركية في "آر بي سي كابيتال ماركتس" (RBC Capital Markets).
يتمثل النمط التقليدي -نوهت عنه كالفاسينا في التقرير- في بداية ضعيفة للسنة المقبلة، وصعود ينتهى إلى الهبوط، وأسواق متقلبة مع اقتراب موعد الانتخابات، ثم العودة للصعود في أعقاب الانتخابات. وضعت كالفاسينا هدفاً لنهاية السنة يبلغ 5 آلاف نقطة لمؤشر "أس آند بي 500" السنة المقبلة، بارتفاع قدره 9% تقريباً.
كتبت كالفاسينا: "أي سنة انتخابات رئاسية معينة تمثل مصدراً لحالة عدم يقين لسوق الأسهم الأميركية، وبالنظر لكافة الجوانب غير العادية للتنافس الانتخابي خلال 2024، يبدو أن هذه طريقة ملائمة للتفكير في الظروف السياسية المحيطة بسوق الأسهم خلال السنة المقبلة".