واصلت سندات الخزانة والأسهم ارتفاعها في شهر نوفمبر، وتراجع الدولار، على خلفية رهانات بأن الاحتياطي الفيدرالي ربما انتهى من رفع أسعار الفائدة، وسيكون قادراً على تيسير السياسة النقدية العام المقبل.
المقايضات المرتبطة باجتماعات الاحتياطي الفيدرالي تتوقع الآن خفض أسعار الفائدة بأكثر من 100 نقطة أساس بحلول نهاية 2024. قال المحافظ كريستوفر والر - هو أحد المسؤولين الأكثر ميلاً للتشديد النقدي- في خطاب بعنوان "يبدو أن هناك شيئاً ما يبشر بالخير"، إنه "واثق بشكل متزايد من أن السياسة النقدية باتت حالياً في وضع جيد لإبطاء الاقتصاد وإعادة التضخم إلى هدف 2%". ومع اعترافها بالعديد من الشكوك، امتنعت زميلته ميشيل بومان عن التوقع بإجراء رفع وشيك للفائدة.
أمّا بيتر ويليامز من "توينتي تو في ريسيرش" (22V Research) فإنه يرى أن فرص التحول إلى سياسة نقدية متساهلة، أو إعادة ضبطها، تتزايد حتى مع تراجع احتمالات تسبب الاحتياطي الفيدرالي في الركود.
رهانات على تحول السياسة النقدية
قال فؤاد رزاق زادة، محلل الأسواق لدى "سيتي إندكس" و"فوركس دوت كوم": "هناك توقعات متزايدة بأن الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الكبرى الأخرى قد انتهت بشكل أساسي من رفع أسعار الفائدة". وأضاف: "أصبحت الأسواق متحمسة بعض الشيء، لكن المتداولين يتطلعون الآن فقط إلى الاستفادة من الزخم، وتأجيل طرح الأسئلة لوقت آخر".
انخفضت عائدات السندات لأجل عامين بمقدار 14 نقطة أساس إلى حوالي 4.75%، وهبط الدولار إلى أدنى مستوياته منذ أغسطس. تمكن مؤشر "إس آند بي 500" من إغلاق التعاملات محققاً مكاسب بسيطة، بعد تأرجحه طوال الجلسة بين الصعود والهبوط. ولا يزال المؤشر، الذي يتحرك بالقرب من مستويات "ذروة الشراء"، يتجه نحو تحقيق أحد أكبر مكاسبه المسجلة في شهر نوفمبر. عادت "بتكوين" مجدداً لتتخطى مستوى 38,000 دولار.
وفي حديثه أيضاً يوم الثلاثاء، قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، أوستان جولسبي، إن تباطؤ التضخم هذا العام كان بمثابة أكبر انخفاض من نوعه منذ 71 عاماً، بينما وصف نظيره في نيويورك جون ويليامز هذا الانخفاض بأنه مشجع.
ارتفعت ثقة المستهلكين الأميركيين في نوفمبر للمرة الأولى منذ أربعة أشهر، مدعومة بآراء أكثر تفاؤلاً حيال آفاق سوق العمل. ووصلت أسعار المنازل إلى مستوى قياسي جديد، وفقاً للبيانات المعدلة موسمياً من "إس آند بي كورلوجيك كيس -شيلر" ( S&P CoreLogic Case-Shiller).
ترى لورين غودوين من "نيويورك لايف انفستمنتس" أن الخبر السار للمستثمرين هو أن الركود لم يحدث بعد، وهذا يجعل صعود السوق في نهاية العام محتملاً. وأوضحت أنه خلال الدورات الاقتصادية الماضية، لا تميل الأسواق إلى ترجيح الركود حتى ترتفع طلبات إعانة البطالة وتتراجع الأرباح بوضوح- وهي علامات على أن الركود قد وصل بالفعل.
قالت غودوين: "التباطؤ المتواضع في التضخم ونمو التوظيف يعني أن (الصعود الذي يدفعه الاحتياطي الفيدرالي)، المصحوب بارتفاعات في الأسهم والسندات والائتمان كما نشهد الآن، يمكن أن يستمر". ومع ذلك، قالت: "إن ما يقلقنا هو أن هذا الصعود المتأخر لا يختلف عن الحالات السابقة: فترة صعود مثالية قبل أن يصبح السبب وراء اعتدال التضخم ــوهو تباطؤ النمو الاقتصادي والتوظيف- واضحاً في البيانات".
تفاؤل قياسي بسوق السندات
في سياق مواز، خلص المسح الأسبوعي الذي أجراه "جيه بي مورغان" إلى أن مقدار تفاؤل المستثمرين الأكثر نشاطاً في سوق سندات الخزانة يوازي مستويات عام 1991.
وجد استطلاع عملاء السندات لدى "جيه بي مورغان" خلال الأسبوع المنتهي في 27 نوفمبر أن 78% من العملاء النشطين اتخذوا مراكز شرائية، مقارنة بـ56% في الأسبوع السابق. لم يسجل أي منهم صافي بيع للأسبوع الثاني على التوالي لصافي مراكز الشراء البالغة 78% والتي كانت الأكبر في تاريخ الاستطلاع. أما باقي المستجيبين فكانوا محايدين.
قال كريستيان مولر-غليسمان، الخبير الاستراتيجي لدى "غولدمان ساكس" إن التراجع الحاد الأخير في التقلبات مع اقتراب نهاية العام يخلق فرصاً للتحوط نظراً للتوقعات القاتمة التي تغيم على الأسهم.
وأشار إلى أنه "بعد الارتفاع الأخير للأسهم، نعتقد أن هناك نقطة دخول جذابة للتحوط من مخاطر الارتداد.. واصلت التقلبات التراجع على امتداد مختلف الأصول، مدعومة بالمزيد من تبني الأسواق الخلفية المعتدلة في الولايات المتحدة مع ترويض التضخم بشكل أسرع من المتوقع واستمرار قوة النمو".
وأضاف أن هذا الانخفاض أدى إلى اتساع الفجوة بين تقلبات العوائد، والتي من المفترض أن تعود إلى طبيعتها في 2024.
سجل عملاء "بنك أوف أميركا" صافي شراء على الأسهم الأميركية الأسبوع الماضي، إذ قاد المستثمرون من المؤسسات والأفراد عمليات الشراء بينما قامت صناديق التحوط ببيع الأسهم. وقال الاستراتيجيون الكمّيون بقيادة جيل كاري هول إن العملاء قاموا بتحويل 2.6 مليار دولار إلى الأسهم الأميركية، إذ استقبلت كل من الأسهم الفردية والصناديق المتداولة في البورصة للتدفقات.
وفي الوقت نفسه، راهنت صناديق التحوط على صعود الدولار هذا الشهر رغم انخفاض العملة بسبب ضعف البيانات الاقتصادية الأميركية وزيادة التوقعات بأن مسيرة رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة الأكثر جرأة منذ جيل تقترب من نهايتها.
الأسهم تفقد زخم الصعود
على الجانب الآخر، فإن الارتفاع الذي شهده مؤشر "إس آند بي 500" هذا الشهر بدأ يفقد قوته الآن، وفق كريس مونتاغو، الخبير الاستراتيجي في "سيتي غروب"، والذي قال إن تدفقات العقود الآجلة الأسبوع الماضي كانت "متباينة"، مما جعل صافي التمركز في المؤشر القياسي يبدو "هبوطياً بعض الشيء".
ظل نموذج "بلومبرغ إنتليجنس" المعروف باسم مؤشر "نسق السوق" -الذي يقسم الفترات إلى ثلاث مراحل، وهي: النمو المتسارع (الأخضر)، والنمو المعتدل (الأصفر)، والانخفاض (الأحمر)- عالقاً في المنتصف خلال الأشهر التسعة الماضية. ويشير هذا إلى أن توقعات عوائد الأسهم يجب أن تظل في المنطقة المتوسطة إلى أن يتحول الاحتياطي الفيدرالي من رفع أسعار الفائدة إلى خفضها، وفق جينا مارتن آدامز، كبيرة استراتيجيي الأسهم لدى "بلومبرغ إنتليجنس"، وكبير المحللين المساعدين جيليان وولف.
ارتفع مؤشر صافي رهانات الصناديق الممولة بالديون على ارتفاع العملة الخضراء مقابل 8 عملات إلى أعلى مستوياته منذ فبراير 2022 يوم 21 نوفمبر، بحسب البيانات الصادرة عن لجنة تداول السلع الآجلة (CFTC) التي جمعتها "بلومبرغ". بلغ صافي رهانات الشراء 103,042 عقداً، في ارتفاع طفيف عن أعلى مستوى سابق منذ بداية العام سُجل في أبريل، بعد أن انخفض إلى أدنى مستوياته في مارس الماضي، مسجلاً صافي رهانات بيعية بلغت 72 ألف عقد.
وأشار رزاق زاده إلى أن "الدولار يضعف على جميع الآجال مع تزايد اقتناع السوق بأن الخطوة التالية من البنك المركزي الأميركي ستكون خفض أسعار الفائدة، ربما في وقت أقربه الربع الثاني".
من جهة أخرى، أوقفت أسعار النفط سلسلة خسائر استمرت ثلاث جلسات مع استمرار مفاوضات أعضاء "أوبك+" بشأن مستويات الإنتاج.
أداء أبرز المؤشرات:
- استقر مؤشر "إس آند بي 500" عند مستوى الإغلاق السابق في الساعة الرابعة مساءً بتوقيت نيويورك.
- صعد مؤشر ناسداك 100 بنسبة 0.3%.
- ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 0.2%.
- انخفض مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري 0.4%.
- اليورو صعد 0.3% إلى 1.0988 دولار.
- ارتفعت بتكوين 3.3% إلى 38,265.88 دولار.