ارتفعت سندات الخزانة بعد أن أبرزت أحدث الأرقام تباطؤاً اقتصادياً تدريجياً، مما عزز التكهنات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سينهي حملة رفع أسعار الفائدة الأكثر جرأة منذ عقود.
انخفضت عائدات السندات لأجل عشر سنوات ثماني نقاط أساس إلى 4.46%. بعد الارتفاع الذي قفز بالأسهم بالقرب من مستويات "ذروة الشراء"، استقر مؤشر "إس آند بي 500" عند نفس مستواه تقريباً. تراجعت أسعار أسهم "والمارت" (Walmart) وسط لهجة حذرة بشأن التوقعات بالنسبة للمستهلكين، في حين ارتفعت أسهم "ماسيس" (Macy’s Inc) مدعومةً بأرباحها. وفي التعاملات المتأخرة، تراجعت أسهم "أبلايد ماتريالز" (Applied Materials Inc) بعد ورود تقرير بأنها تواجه تحقيقاً جنائياً أميركياً لانتهاك قيود التصدير إلى الصين. وانخفض سعر النفط إلى ما دون 73 دولاراً للبرميل.
استقبلت السوق الأميركية مجموعة أخرى من البيانات الاقتصادية، اليوم الخميس، إذ وصلت طلبات إعانة البطالة الأميركية المستمرة إلى أعلى مستوياتها في عامين تقريباً.
كما انخفض إنتاج المصانع بأكثر من المتوقع، وهو ما يعكس إلى حد كبير تراجع النشاط المرتبط بالإضرابات في شركات صناعة السيارات وموردي قطع الغيار. وفي الوقت نفسه، وصلت معنويات شركات بناء المنازل إلى أدنى مستوياتها في عام 2023.
التحوّل إلى الحفاظ على النمو الاقتصادي
قال جيمي كوكس، من "هاريس فايننشال غروب" (Harris Financial Group): "الآثار المتأخرة لقرارات السياسة النقدية تصل إلى الاقتصاد الآن -من تكاليف المدخلات إلى الإنتاج الصناعي إلى العمالة-، تتحول المعركة الآن من التضخم إلى الحفاظ على النمو الاقتصادي وتجنب الركود.. لذا، فإن خفض أسعار الفائدة بات أقرب مما يُعتقد".
أشارت محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي ليزا كوك إلى أنها متفهمة لخطر حدوث ركود اقتصادي حاد غير ضروري، مشيرة إلى الضغط الذي تتعرض له بعض القطاعات بسبب الظروف المالية الأكثر صرامة. ومن جهتها، قالت رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، لوريتا ميستر، لشبكة "سي إن بي سي" إنها لم تقرر بعد ما إذا كانت هناك حاجة إلى إقرار رفع إضافي لأسعار الفائدة، مضيفةً أن المسؤولين لديهم المزيد من الوقت لمعرفة كيفية تطور الاقتصاد.
بيانات اقتصادية مواتية لـ"الاحتياطي الفيدرالي"
في حين أنه ما يزال من السابق لأوانه أن يعلن الاحتياطي الفيدرالي فوزه على التضخم -ولا يزال خفض أسعار الفائدة بعيد المنال- فإن البيانات مثل تلك الأخيرة ستخفف من المخاوف بشأن رفع أسعار الفائدة الإضافي، وفق كريس لاركين من "إي تريد" (E * Trade) التابعة لـ"مورغان ستانلي".
وأشار إلى أن "السؤال الآن هو ما إذا كان هذا النوع من (البيانات المواتية للاحتياطي الفيدرالي) سيستمر في توفير زخم صعودي لسوق الأسهم".
تقلبت الأسهم بعد ارتفاعها إلى مستويات "ذروة البيع" المدفوع بالرهانات على أن البنك المركزي قد انتهى من رفع أسعار الفائدة، وعززها تغطية المراكز المكشوفة. لا يزال مؤشر "إس آند بي 500" في طريقه لتحقيق أفضل شهر له منذ أكثر من عام.
وقال كيث ليرنر من شركة "تراست أدفايزوري سرفيسز" (Truist Advisory Services): "معادلة المخاطرة/العائد ليست مواتية بعد الصعود.. ومع ذلك، لا يزال ثقل الأدلة التي تشير إلى الاتجاه الصعودي المتواضع قائماً، وإن كان ذلك بعد هدنة متوقعة على المدى القريب".
شد وجذب بين السوق والبنك المركزي
من جهته أشار كريس غافني، رئيس الأسواق العالمية لدى "إيفر بنك" (EverBank)، إلى أن السوق لا تزال عرضة لبعض التقلبات في المستقبل، كما أنها تعتمد بالتأكيد على البيانات. وأوضح: "هناك شد وجذب بين الاحتياطي الفيدرالي والأسواق، وهذا سيؤدي إلى مزيد من التقلبات مع الوقت، حتى نهاية العام وفي العام المقبل".
كان الارتفاع الأخير في سوق الأسهم نتيجة لإدراك المستثمرين أن الاحتياطي الفيدرالي قد انتهى على الأرجح من رفع أسعار الفائدة، وفق جيمس ديميرت، كبير مسؤولي الاستثمار في "مين ستريت ريسيرش" (Main Street Research)، وأضاف: "من المرجح استمرار ارتفاع السوق حتى نهاية العام في ظل التوقعات باستمرار تغطية مراكز البيع على المكشوف، إلى جانب انخفاض وزن الأسهم لدى المستثمرين من المؤسسات والأفراد".
الأسهم في مواجهة أدوات الدخل الثابت
أدى غموض التوقعات الاقتصادية والعوائد الجذابة على الأموال النقدية إلى إبعاد المستثمرين عن الأسهم هذا العام على الرغم من مسيرتها الصعبة، إذ يتوقع "غولدمان ساكس" استمرار الحذر حتى 2024.
وقال ديفيد كوستين، كبير استراتيجيي الأسهم الأميركية بالبنك: "نتوقع عوائد إيجابية للأسهم، لكن العائد النقدي الخالي من المخاطر البالغ 5% يظل بديلاً تنافسياً.. ففي بيئة أسعار الفائدة الحالية، يبلغ عائد سندات الخزانة لأجل 3 أشهر 5.5%، وهو ما يوازي عائد الأرباح على مؤشر (إس آند بي 500)".
كما قال استراتيجيو "بنك باركليز" إن أداء الأسهم العالمية سيتفوق على السندات في 2024، في ظل التوقعات بهبوط اقتصادي "سلس"، ليصبح البنك بذلك أحدث من يبدي نبرة متفائلة بشأن هذه الفئة من الأصول.
غيَّر الفريق بقيادة أجاي راغادياكشا توصيته تجاه الأسهم العالمية إلى "زيادة الأوزان" على عكس أدوات الدخل الثابت الأساسية، وقالوا إنهم يتوقعون "عوائد من 5% إلى 10%" في كل من الولايات المتحدة وأوروبا العام المقبل. وكتبوا أن هذه التوقعات تظل قائمة حتى مع بقاء عائدات السندات مرتفعة، وكون توقعات أرباح الشركات المدرجة بمؤشر (إس آند بي 500) "تبدو متفائلة للغاية بالنسبة لنا".
في غضون ذلك، ارتفعت أصول صناديق أسواق المال إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق للأسبوع الثاني على التوالي، حيث دفعت أسعار الفائدة إلى ما يزيد عن 5% والتقلبات في أسواق الدخل الثابت المستثمرين إلى الملاذات الآمنة.
على صعيد آخر، انخفضت أسعار النفط مع تسريع المبيعات الآلية المعتمدة على الخوارزميات وتيرة الخسائر التي بدأت بسبب تضخم المخزونات وفشل مستويات فنية رئيسية في دعم الأسعار.
أداء أبرز المؤشرات:
- ارتفع مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 0.1% في الساعة 4 مساءً توقيت نيويورك
- صعد مؤشر "ناسداك 100" بنسبة 0.1%
- انخفض مؤشر داو جونز الصناعي 0.1%
- انخفض العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار ثماني نقاط أساس إلى 4.45%
- "بتكوين" تهبط 4.5% إلى 35,943.5 دولار
- انخفضت "إيثر" 4.5% إلى 1,956.01 دولار