تسبب الجفاف في تحول قناة بنما إلى نقطة اختناق في طريق تدفق أهم السلع الأساسية في العالم. تراجعت أسعار النفط بعد ارتفاعها، ويرجع ذلك إلى توفر إمدادات نفط أكبر من المتوقع. فيما يُتوقع أن يسجل محصول الذرة في الولايات المتحدة، أكبر منتج للذرة في العالم، رقماً قياسياً. كما يشهد إنتاج الفحم لدى الدول الأكثر تلوثاً في العالم منعطفاً مثيراً للاهتمام. وانخفضت أسعار البلاديوم إلى أدنى مستوى لها في أكثر من خمسة أعوام.
نستعرض فيما يلي خمسة رسوم بيانية في أسواق السلع ينبغي أخذها بعين الاعتبار مع بداية هذا الأسبوع.
قناة بنما
يعاني مُلاك السفن، الذين ينقلون سلعاً من الوقود إلى الحبوب، من ازدحام في قناة بنما، بجانب افتقارهم إلى الخيارات الجيدة، إذ يمكنهم الانتظار لأسابيع في البحر، أو الإبحار حول أميركا الجنوبية أو أطراف أفريقيا، أو دفع مبالغ طائلة لتجنب الانتظار.
هذا الازدحام يعود إلى تراجع منسوب المياه في القناة، ما أدى إلى تعطل التجارة بين أميركا الشمالية وآسيا. تعد قناة بنما معبراً حيوياً لنقل السلع التي يعتمد عليها العالم، ويأتي النفط والغاز الطبيعي المسال والحبوب من ضمن أهم الشحنات التي تمر عبر الممر المائي.
اقرأ أيضاً: الجفاف يخنق حركة مرور السفن عبر قناة بنما
يعيق انخفاض منسوب المياه في البحيرة، والذي تفاقم بسبب ظاهرة "إل نينيو"، الوصول إلى ممر التجارة العالمية. وقيدت سلطات القناة وصول شركات الشحن التجارية منذ أواخر مايو، كوسيلة للحفاظ على مياه الدولة الواقعة في أميركا الوسطى.
النفط الروسي
تشحن روسيا النفط الخام عبر موانئها بمعدل يقترب من أعلى مستوى سُجل في أكثر من أربعة أشهر. تظل الشحنات مرتفعة لبضعة أسابيع قبل اجتماع مجموعة منتجي النفط "أوبك+"، بقيادة المملكة العربية السعودية وروسيا، المقرر انعقاده في فيينا في 26 نوفمبر، لتحديد أهداف الإنتاج للنصف الأول من العام المقبل.
تأتي الشحنات الروسية المرتفعة وسط انحسار مخاوف السوق بشأن نضوب المخزونات العالمية والاضطرابات الناجمة عن الصراع في الشرق الأوسط، ما أدى إلى تعثر ارتفاع أسعار النفط إلى المستوى المتوقع البالغ 100 دولار للبرميل تقريباً.
كما تسببت الإمدادات الوفيرة وتراجع تجارة البضائع والتوقعات الاقتصادية غير المؤكدة في الولايات المتحدة والصين، في دفع أسعار النفط الخام إلى أدنى مستوياتها في ثلاثة أشهر الأسبوع الماضي.
اقرأ أيضاً: تراجع أسعار النفط يُخيب آمال المراهنين على بلوغه 100 دولار
وتقود السعودية تحالفاً مكوناً من منظمة الدول المصدرة للنفط ومنتجي النفط الخام الرئيسيين الآخرين بمن فيهم روسيا، يهدف إلى مراقبة سوق النفط. وخفضت المملكة إنتاجها إلى أدنى مستوى منذ أعوام في محاولة لدعم السوق.
بالرغم من أن موسكو تعهدت في بداية نوفمبر الجاري بمواصلة مساعدة الرياض في تقليص الإمدادات، تظهر بيانات تتبع الناقلات أن صادرات النفط الخام الروسية المنقولة بحراً انتعشت إلى نحو 3.48 مليون برميل يومياً، حيث يعتمد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على عائدات النفط لتمويل حربه ضد أوكرانيا.
إنتاج الفحم
تتزايد الفجوة في إنتاج الفحم بين أكبر مصدرين للتلوث في العالم، الصين والولايات المتحدة. ويُتوقع أن يتراجع إنتاج الفحم في الولايات المتحدة بنسبة 18% العام المقبل، وهو أول انخفاض ملحوظ منذ تفشي جائحة كورونا، وسط تحول شركات الكهرباء بعيداً عن الوقود الأحفوري الأكثر تلوثاً.
من المتوقع أن يمثل الفحم 15% من إنتاج الكهرباء في الولايات المتحدة خلال العام المقبل، في ظل تعزيز مصادر الطاقة المتجددة المستخدمة في شبكة الكهرباء هناك، وفقاً لأحدث تقارير آفاق الطاقة قصيرة الأجل الصادر عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية. وهذا يشكل انخفاضاً عن حصة الفحم البالغة 20% في عام 2022.
اقرأ أيضاً: لماذا تواصل الحكومات دعم الوقود الأحفوري؟
هذا التحول سيساعد ثاني أكبر مصدر للتلوث في العالم على الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة. ويُتوقع أن تنخفض انبعاثات الكربون المرتبطة بالطاقة في الولايات المتحدة بنسبة 1% في 2024، حيث يعود معظم الانخفاض إلى تراجع استهلاك الفحم.
ويتناقض اتجاه الولايات المتحدة بشكل كبير مع الصين، التي يتوقع أن يسجل إنتاجها المحلي من الفحم مستوى قياسياً هذا العام، مع سعي أكبر مصدر لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم لضمان توفر وقود كافٍ لمحطات توليد الكهرباء لديها.
المعادن النفيسة
انخفض سعر البلاديوم إلى ما دون 1000 دولار للأوقية لأول مرة منذ خمسة أعوام خلال الأسبوع الماضي، وسط تعثر الطلب على المعدن النفيس الذي يستخدم غالباً في صناعة السيارات العاملة بالغاز.
تأثر سعر البلاديوم بتراجع مبيعات السيارات عالمياً، علاوة على تزايد شعبية السيارات الكهربائية، التي لا تحتوي على محفزات ذاتية، ما أدى إلى تراجع الطلب. كما انخفض أيضاً الطلب على البلاديوم نتيجة استبداله بالبلاتينيوم الأرخص من قبل شركات صناعة السيارات في تلك الأجهزة التي تحد من الانبعاثات الكربونية.
أدت السياسات النقدية المتشددة أيضاً إلى تقليل الطلب على المعادن الثمينة. وانخفض سعر البلاديوم الفوري بنسبة 14% الأسبوع الماضي، مع تسارع الخسائر بعد أن هوت الأسعار إلى ما دون مستوى الدعم عند 1100 دولار، ما أثار موجة بيع من قبل المتداولين من خلال الخوارزميات.
ارتفع المعدن إلى أعلى مستوى له على الإطلاق خلال العام الماضي، بعدما أثار غزو موسكو لأوكرانيا مخاوف من تعطل صادرات روسيا. لكن إمدادات البلاد وُجهت بشكل كبير إلى الدول الآسيوية، فيما استمر إنتاج جنوب أفريقيا بشكل جيد، رغم مشاكل إمدادات الطاقة هناك.
محصول الذرة
يُتوقع أن تجني الولايات المتحدة حصاداً قياسياً للذرة في 2023، في وقت تعتبر البلاد أكبر منتج لهذه السلعة في العالم، ما يعزز الإمدادات العالمية للمحصول الأساسي، ويسهم في خفض أسعار المواد الغذائية مع انخفاض أسعار الذرة.
ومن المتوقع أيضاً أن يسجل محصول الذرة الأميركي مستوى قياسي قدره 15.234 مليار بوشل هذا العام، وفقاً للتقديرات المفاجئة الصادرة الخميس الماضي عن وزارة الزراعة الأميركية، ما أدى إلى انخفاض الأسعار إلى أدنى مستوياتها منذ 2020.
اقرأ أيضاً: الذرة تسجل أدنى سعر منذ 2020 بسبب تحسن الطقس والمحاصيل
نجح المزارعون الأميركيون في إنتاج محصول قياسي، بالرغم من ندرة الأمطار في أجزاء من حزام الذرة، وارتفاع درجات الحرارة إلى أعلى مستوياتها خلال موسم الزراعة. وهذا يوضح أن تكنولوجيا البذور الحديثة ما تزال تزدهر في الظروف غير المواتية، وهو أمر مهم للغاية وسط تزايد عدم القدرة على التنبؤ بالطقس، واستمرار نمو عدد سكان العالم.