مستقبل الطلب على النفط في الصين، أكثر دول العالم استيراداً للخام، لا يمنح المتفائلين قدراً من الحماس مع اقتراب نهاية العام.
فالأرباح من عملية التكرير في انخفاض مستمر، مع تراكم المخزون من النفط الخام والوقود، ولم يحدث ما كان مأمولاً من قفزة كبيرة في حركة السفر جواً. وهو ما يعكس حالة الاقتصاد عموماً وسط استمرار تدهور ثقة المستهلكين وقطاع الأعمال رغم جهود الحكومة في تحفيز النمو.
تقول مايا جينغ، المحللة في شركة "إف جي إي": "إن الطلب المحلي فقد قوته الدافعة في أعقاب عطلة الأسبوع الذهبي في شهر أكتوبر، ولا نرى أي عوامل قوية تدعمه خلال فصل الشتاء". وتوضح أن استهلاك البنزين وزيت الديزل ينخفض عادة في آخر شهرين من كل عام، وربما تظهر مخاطر أخرى بهبوط الطلب إذ يبدو أن حركة السفر القوية في الصين في سبيلها إلى الضعف والانحسار.
انخفضت واردات الصين من النفط بنسبة 13% في شهر سبتمبر، غير أنها استطاعت أن ترتفع بنسبة 7% في شهر أكتوبر وتعوض بعض ما فقدته في الشهر السابق، وفقاً لأرقام الجمارك التي نشرت يوم الثلاثاء.
وتقدم الرسوم التوضيحية التالية نظرة تفصيلية على حالة الطلب على الوقود في أكبر اقتصاد في آسيا.
هوامش أرباح سالبة
تلقت أرباح مصافي النفط المستقلة في الصين ضربة قوية بسبب ارتفاع أسعار النفط الخام وضعف الطلب على زيت الديزل والبنزين على مدى شهرين ماضيين. وأصبحت هوامش الأرباح في مصافي النفط المستقلة، وتعرف باسم "أباريق الشاي"، سلبية في أواخر أكتوبر لأول مرة منذ أوائل يناير، وهي تمثل ربع طاقة التكرير في البلاد وفق بيانات شركة "جيه إل سي" الاستشارية. وتظهر بيانات شركة "أويل كيم" (OilChem) للأبحاث أن معدلات التشغيل في منشآت التكرير في مقاطعة شاندونغ، حيث تقع معظم "أباريق الشاي"، بلغت نحو 57% من إجمالي الطاقة الإنتاجية في الأسبوع المنتهي في 3 نوفمبر، وهو أدنى مستوى منذ مايو 2022.
المخزون لم يعد ينخفض
بعد هبوط مخزون الصين من النفط الخام بنحو 70 مليون برميل منذ أواخر شهر يوليو حتى نهاية أكتوبر، بدأ يرتفع مرة أخرى في علامة على ضعف الاستهلاك المحلي، وفق بيانات شركة "فورتكسا" (Vortexa). وارتفع المخزون، وإن بنسبة متواضعة، على مدى أسبوعين ونصف ماضيين. غير أن ارتفاع أسعار النفط ربما يحد من مشتريات الصين لزيادة المخزون وقد تلجأ البلاد إلى السحب منه، مما يعني استمرار "تواضع" وارداتها من النفط، وفق مذكرة صادرة عن مصرف "سيتي غروب" أواخر الشهر الماضي.
تأجيل الانطلاق
لم تبلغ الزيادة في حركة السفر جواً، وفي الطلب على وقود الطائرات، خلال عطلة الأسبوع الذهبي، من القوة قدر ما كان مأمولاً، في إشارة إلى تردد الناس في زيادة الإنفاق على الإجازات في ظل غموض يحيط بالأحوال الاقتصادية.
تباطأ انتعاش حركة السفر الدولي من الصين إلى خارجها على وجه التحديد. ووفقاً لتوقعات "بلومبرغ إن إي إف"، يرجح أن يرتفع استهلاك وقود الطائرات في الصين تدريجياً حتى أوائل شهر يناير، غير أنها لن تشهد زيادة كبيرة في هذا الاستهلاك حتى بداية الربع الثاني من العام.
انخفاض الصادرات
صادرات الصين من منتجات النفط سوف تتدهور بنسبة 40% في شهر نوفمبر مقارنة مع شهر أكتوبر، وفق تقديرات شركة "أويل كيم". استنفدت مصافي التكرير فعلاً معظم حصصها التصديرية من الوقود لعام 2023، وأخطرتها الحكومة في أواخر سبتمبر بألا تتوقع حصصاً إضافية هذا العام. وقد يؤدي ذلك إلى هبوط كبير في صادرات زيت الديزل، الذي يشكل معظم صادرات الوقود من البلاد، خلال آخر شهرين من هذا العام.
اقرأ أيضاً: صادرات الوقود الصينية عند أدنى مستوى مع استنفاد حصص المصافي
تراكم البنزين
ارتفع مخزون الصين من البنزين التجاري في الأسابيع الثلاثة المنتهية في 26 أكتوبر الماضي، رغم انخفاض معدلات التشغيل في مصافي التكرير التابعة للدولة، وفق بيانات "أويل كيم". ويحتمل أن زيادة المخزون مع نفاد الحصة التصديرية ستؤدي إلى تدهور في نشاط المصافي، وفق شركة الأبحاث المتخصصة في القطاع. وقد توقعت شركة النفط العملاقة "ساينوبك" في أغسطس الماضي أن يبلغ الطلب على البنزين ذروته في الصين هذا العام بسبب الانتشار السريع لاستخدام السيارات الكهربائية.