أصبح التناقض في جهود اليابان لحماية الين مع إبطاء وتيرة ارتفاع عوائد السندات واضحاً على نحو متزايد في أسواق العملات والديون.
ورغم أن الصورة اختلفت قليلاً يوم الخميس بعد أن أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير، فإن الإجراء الذي اتخذه البنك المركزي في طوكيو يوم الأربعاء يسلط الضوء على التحدي الهائل الذي تواجهه اليابان.
عزم على وقف انخفاض الين
بدأ اليوم بإطلاق أكبر مسؤول عن العملة في وزارة المالية تحذيراً من أقوى التحذيرات حتى الآن بأن السلطات مستعدة للتدخل في سوق الصرف الأجنبي لوقف انخفاض الين. وبحلول وقت الغداء، كان بنك اليابان يستعد للتدخل في سوق الديون لإبطاء سرعة ارتفاع العائد على السندات لأجل 10 سنوات باتجاه 1%.
وكانت مشتريات بنك اليابان غير المجدولة من السندات غير متوقعة بدرجة أثارت القلق، إذ جاءت بعد 24 ساعة فقط من إزالته الحد الأقصى البالغ 1% على هذه العوائد. كما كان لهذه العملية تأثير سلبي مباشر على الجهود الرامية لدعم الين، الذي يتعرض لضغوط بسبب الفجوة الواسعة بين أسعار الفائدة في اليابان والولايات المتحدة.
وكانت النتيجة بالنسبة للين هي الارتفاع بنسبة 0.5% يوم الأربعاء و0.2% أخرى في بداية يوم الخميس. وأبعده هذا عن مستوى 151 يناً مقابل الدولار، لكنه يظل على مرمى حجر من أدنى مستوى له في 33 عاماً الذي سجله العام الماضي. ولا يزال عائد السندات لأجل 10 سنوات مرتفعاً وكان أقل 1.5 نقطة أساس فقط من أعلى مستوى له في العقد الجديد الذي سجله قبل إعلان البنك المركزي عن عمليات الشراء. وتشير العقود الآجلة للسندات إلى انخفاض العوائد يوم الخميس، في حين أن صورة المكاسب في المدى الطويل لم تتغير، كما أن مزاد السندات لأجل 10 سنوات في وقت لاحق يوم الخميس يصيب المتعاملين بالتوتر.
إجراءات غير منسقة
قال تسويوشي أوينو، كبير الاقتصاديين في "إن إل آي ريسيرش إنستيتيوت" ( NLI Research Institute)،: "إن إجراءات وزارة المالية وبنك اليابان تفتقد إلى التنسيق". ويرى أن حل المشكلة يكمن في يد الوزارة والبنك المركزي وفي أي تخفيضات مستقبلية في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة. وأضاف "وحتى ذلك الحين، يتعين على السلطات التحلي بالصبر".
ويراهن المضاربون في كلا السوقين على أن صناع السياسة النقدية في اليابان لن يتمكنوا من الحفاظ على موازنتهم للأمور. وقد يفاقم الانخفاض المفرط في قيمة الين مستوى التضخم في اليابان، من خلال دفع أسعار الواردات إلى الارتفاع على سبيل المثال، في حين أن زيادة العوائد قد تعيق تعافي اليابان قبل الأوان.
وقال ماساتو كاندا، كبير مسؤولي العملة في الوزارة: "نحن على أهبة الاستعداد"، مردداً اللغة التي استخدمها قبل عام في اليوم الذي تدخلت فيه اليابان في السوق للمرة الأولى من ثلاث. وأضاف "لا يمكنني أن أقول ماذا سنفعل، ومتى - سنصدر قرارات بشكل عام، وسنصدرها على وجه السرعة".
جاءت تعليقاته يوم الأربعاء في أعقاب أكبر انخفاض للين في يوم واحد منذ شهر أبريل بعد أن أظهر التعديل المخيب للآمال الذي أجراه بنك اليابان للحد الأقصى لعوائد السندات أن التخلي عن السياسة النقدية المفرطة في التيسير من المرجح أن يظل بطيئاً وتدريجياً.
ومن ناحية أخرى، ارتفع مؤشر توبكس في سوق الأسهم اليابانية بأكبر قدر منذ أكثر من عام بسبب الدفعة التي تلقتها الأسهم من انخفاض تكاليف الاقتراض وضعف الين.
فارق بين عائد سندات اليابان وأميركا
وفي حين تضاعف العائد على السندات لأجل عشر سنوات المعيارية في اليابان منذ 27 يوليو عشية قيام محافظ البنك المركزي كازو أويدا بأول تعديل له للسيطرة على منحنى العائد، فإنه لا يزال أقل بنحو أربع نقاط مئوية عن نظيره في الولايات المتحدة.
وعليه، فإن بنك اليابان عازم فيما يبدو على تخفيف الإجراءات، بينما يحاول المتعاملون باستمرار دفع العوائد إلى الأعلى.
قال كيسوكي تسوروتا، كبير استراتيجيي الدخل الثابت في "ميتسوبيشي يو إف جيه مورغان ستانلي سيكيوريتيز" (Mitsubishi UFJ Morgan Stanley Securities): "على الرغم من اتخاذ بنك اليابان إجراءات للحد من ارتفاع العوائد، فمن المحتمل أن يرغب المتعاملون في وصول العائد الطويل الأجل إلى 1%". وأضاف أن عملية شراء السندات غير المجدولة هذه المرة ربما كانت خطوة استباقية قبل مزاد السندات لأجل 10 سنوات الذي يخضع لمتابعة وثيقة يوم الخميس.
وقال شوسوكي يامادا، رئيس استراتيجية العملة اليابانية وأسعار الفائدة في "بنك أوف أميركا سيكيوريتيز" (BofA Securities): "إن السبب الحقيقي لتفكير بنك اليابان (على هذا النحو) هو عدم تأكده من إمكان الوصول إلى معدل للتضخم مستدام عند 2%، لذلك يجب الحفاظ على سياسة نقدية تيسيرية إلى حد ما. وبالنسبة لوزارة المالية، فهي تدرس التقلبات ومستويات التداول في العملات الأجنبية. فالسماح للين بالتراجع له مساوئ بالنسبة للمستهلكين".